مصطفى الصواف
اعتقد الاحتلال (الإسرائيلي) عندما أقدم على جريمته باغتيال زهير القيسي أمين عام لجان المقاومة الشعبية يوم الجمعة الماضية أن الأمر سيكون عملية اغتيال عابرة ستمر كما مرت غيرها من عمليات الاغتيال مع بعض الردود الضعيفة من هنا وهناك، وان حركة حماس والحكومة ستتدخل لوقف رد المقاومة على عملية الاغتيال حفاظا على الهدوء الهش، وان المسألة ستنتهي في ساعة أو ساعتين.
ولكن يبدو أن العدو تفاجأ هذه المرة كسابقتها من حجم الردود من قبل المقاومة الفلسطينية، الأمر الذي أربك الساحة الداخلية للعدو (الإسرائيلي) حتى بات ما يزيد عن المليون من المستوطنين يعيشون في الملاجئ وإخفاق القبة الحديدية في التصدي للصواريخ التي أطلقتها المقاومة بشكل كبير والحديث يدور عن التصدي للثلث فقط مما أُطلق على المستوطنات المحاذية لقطاع غزة.
المقاومة الفلسطينية بكل أطيافها السياسية عملت على الرد على العدوان الصهيوني الذي أدى إلى سقوط العشرات بين شهيد وجريح، وكانت ردود المقاومة بشكل منفرد وكل على حدا، وهذا في حده أمر مطلوب؛ ولكن علينا أن نعمل على تغيير طريقة الرد المنفردة ؛ لأن ذلك لن يؤلم العدو كثيرا، ونعتقد أن المرحلة بحاجة إلى استراتيجيات جديدة وتكتيكات تتناسب وطبيعة العدوان الصهيوني المتصاعد على قطاع غزة.
المقاومة الفلسطينية مدعوة اليوم وبشكل سريع للعمل على الخروج من العشوائية والفردية في الرد إلى أسلوب جديد يعتمد على توحيد الجهود وتبادل الأدوار وتوزيع المهام واستخدامات تكتيكات جديدة يمكن لها أن تفشل مخططات العدو الذي يسعى إلى الاستفراد بقوى المقاومة كل على حدة، فاليوم لجان المقاومة وغدا السرايا وبعد غد القسام وهكذا في محاولة لاستنزاف قوى المقاومة في ردودها دون أن يكون هناك عمل مشترك بين كل القوى في الرد والمواجهة.
الأسلوب القديم في الرد لم يعد يفيد كثيرا، بمعنى انه لن يؤلم كثيرا العدو، لأن ارتقاء الشهداء يجب أن يقابله سقوط قتلة في صفوف العدو، وان الدم الذي ينزف من شعبنا ومجاهديه يجب أن يقابله دم يسقط من العدو عندها سيعيد التفكير في إرهابه وإجرامه.
لذلك على قوى المقاومة أن تجد الطريقة المناسبة للالتقاء والاتفاق للعمل على التوافق على كيفية الرد الجماعي أو المنفرد ، وان تحدد طبيعة الرد زمانا ومكانا وبأي الأسلحة التي لدى المقاومة، والتي لا تقارن بما لدى العدو؛ ولكنها ستحقق توازن الرعب أو توازن الردع لوجود فرق شاسع بين الجبهة الداخلية الفلسطينية وجبهة العدو الداخلية، وهي في صالح الجانب الفلسطيني، فالعدو يصاب بالذعر والهلع واللجوء إلى الملاجئ فور سمع صفارات الإنذار، وفي الجانب الفلسطيني تجد المواطن يهرع إلى مكان القصف فور سقوط الصاروخ محاولا لتقديم المساعدة سواء للمقاومة أو للمواطنين، وهذا يعطي عنصر قوة للجبهة الداخلية الفلسطينية يجعلها أكثر تحصينا ومناعة من جبهة العدو.
صحيح أن المقاومة في ردها في أعقاب عمليات الاغتيال لم تستخدم بعد كل إمكانياتها وهذا واحد من أهداف العدو في استدراج المقاومة والوقوف على ما لديها من أدوات قتالية لأن ما لديه من معلومات استخبارية حول ما تمتلكه المقاومة يبقى معلومات بحاجة إلى تأكيد، هذا التأكيد الذي يسعى إليه العدو هو من اجل العمل على كيفية التصدي للمقاومة وإفشال فعالية ما لديها من أدوات متطورة تمكنت من تصنيعها أو إدخالها إلى قطاع غزة.
المقاومة مدعوة اليوم في هذه المرحلة الاستنزافية إلى التريث وعدم الاستعجال في الكشف عن ما لديها من أدوات متطورة ومتنوعة لأن المرحلة ليست على ما يبدو مرحلة مواجهة شاملة لذلك من الضروري عن الكشف عن كل الأوراق التي لدى المقاومة وان تبقى في طي الكتمان حتى تشكل مفاجأة للعدو عند المواجهة الشاملة تفقده التوازن ولا تمكنه من التصدي لهذه الوسائل القتالية بكل محدوديتها.