في الذكرى الأولى للحرب على غزة

مجاهدون يروون تفاصيل معجزة البقاء وسط دوامة الموت

غزة-عبد الحميد حمدونة

تطرق الذكرى الأولى للحرب على قطاع غزة أواخر العام الماضي عقول أهالي القطاع، لاسيما المجاهدين منهم، فتفجر ذكريات قاسية يبدو أن السنين لن تمحيها.

ويصف مجاهدون تحصنوا في برج الأندلس -الواقع إلى الشمال من مدينة غزة، والذي دكته الطائرات الصهيونية خلال الحرب بعشرات الصواريخ ودمرته عن أخره- طبيعة المواجهة في الميدان بأنها اقرب إلى المعجزة.

ويستذكر المجاهدون فصول المعركة التي دارت قبل عام، داخل البرج المكون من سبعة عشر طابقا، ويروون "للرسالة" القصة المثيرة عدد من مجاهدي كتائب الشهيد عز الدين القسام- الجناح العسكري لحركة حماس.

ويقول أحدهم: "تلقينا تعليمات من القيادة بالتوجه إلى برج الأندلس لموقعه الاستراتيجي، خاصة أن ارتفاعه يمكن من رصد المنطقة"، مشيرا إلى أن التحصن فيه من الممكن أن يحول دون تمركز قوات صهيونية بداخله في حال اقتحام المنطقة.

وعلى حين غرة سقطت أربع صواريخ مدفعية على سطح البرج، مما دفع المجاهدين بالتحصن أسفل السلم، والتفرق.

استمر دك البرج بالصواريخ الصهيونية لثلاث ساعات متواصلة، الأمر الذي دفع بقائد المجموعة بطلب الانسحاب من المكان.

ويضيف المجاهد: "جاء أمر الانسحاب من مسئول المجموعة بعد ثلاث ساعات من دك البرج بالصواريخ (..) خرج الجميع ولكن بقي مجاهدان عالقان في الداخل، اعتقدنا أنهم استشهدوا وانتشر الخبر، وما عزز فكرة استشهادهم هو استمرار القصف بشكل عشوائي على البرج".

وصعق المجاهدون حين رؤوا سقوط قنبلة فسفورية على البرج، تبين فيما بعد أنها أحرقت أيدي ووجوه أغلب المجاهدين المتحصنين أسفل البرج، إضافة إلى إصابة العديد من المواطنين القاطنين في  محيط البرج.

ويقول مجاهد كتب الله له البقاء على قيد الحياة :"مع توالي سقوط الصواريخ، سقطت فأصبحت معلقا في أحد الأسقف المدمرة، قدماي إلى الأسفل ورأسي إلى أعلى(..) أما زميلي فسقط في البدرم فوجد نفسه غارقا في بركة مياه حجبت عنه لهيب النيران".

ويقول من علق في السقف:"عندما سقطت بفعل القصف لم أشعر بأية أوجاع وظننت نفسي قد استشهدت"، وأضاف "حينها تذكرت قول رسولنا الكريم عندما قال عن الشهادة في سبيل الله وكأنها قرصة".

فيما يقول المجاهد الذي سقط في البدرم :"خرجت من وسط العتمة، لم أكن أرى أصبعي من شدة الظلام والغبار.. تعثرت بالحجارة، وفجأة وجدت الدرج أمامي وصعدت من فتحة أعددناها مسبقا في الأسفل، وزحفت قليلا حتى وصلت إلى بناية مجاورة احتميت بها".

ولم يشعر المجاهد بالآلام التي أصابته إلا بعد فترة، كما يقول، ويردف: "كان ظهري مصابا بكسور لكني لم أشعر بالألم لسخونة جسدي إلا بعد مدة من الإصابة، قفزت عبر المنازل حتى وصلت إلى منزل آمن وقدم لي أصحاب المنزل العناية، ولكن ما زلت أتعجب كيف خرجت من الفتحة التي ثبتتني في السقف، وأقسم بالله لو جئتم بي الآن وكنت في نفس الوضعية ما استطاع إخراجي عشرة رجال".

ويؤكد المجاهدون أن الأجواء كانت في غاية السخونة، خاصة أن الطائرات الحربية الصهيونية لم تكن تغادر أجواء غزة، ويقول أحدهم مازحا :"كنا اقرب إلى فيلم الأكشن من الواقع".

 

البث المباشر