قائمة الموقع

مقال: حسابات «حماس» بالتفاوض

2012-03-19T07:47:09+02:00

هيثم الصادق  

تعددت التفسيرات حول لجوء حركة حماس للتعامل بضبط النفس، وعزوف كتائب القسام جناحها العسكري عن الإعلان عن إطلاق صواريخ على المغتصبات الصهيونية خلال العدوان الأخير الدامي على قطاع غزة، فهل كان ذلك ضعفاً أم حكمة؟ أم كما يحاول البعض أن يفسر الأمر بأنه انتصار لنهج داخل حماس يسعى إلى تحويل الحركة إلى حزب سياسي بنهج براغماتي تماشياً مع الحالة العربية التي تفرزها ثورات الشعوب «الربيع العربي»؟

بعيداً عن كل هذه التفسيرات المعقدة يمكن القول إن حركة حماس وضعت يدها على أسباب التصعيد العدواني الأخير على القطاع، فتعاملت وفقاً لذلك، فقد جاء العدوان لخلط الأوراق بعد أن بدأت محاولات الكيان الصهيوني لتشديد الحصار على غزة وخنقها تتخلخل، فظهرت بوادر تزويد القطاع بالوقود المصري سيما بعد تشكل لجنة في مجلس الشعب المصري لوضع حلول للمساهمة في تمكين الفلسطينيين في القطاع من تجاوز أزمة انقطاع الكهرباء، ونجاح جولتي رئيس الوزراء هنية الأولى والثانية إلى عدد من الدول العربية وتركيا في بلورة إرادة عربية رسمية لتفعيل حملة إعادة إعمار القطاع المجمدة في أدراج الجامعة العربية بقرار من أنظمة الاستبداد السابقة وتحويلها من إطار الوعود والنوايا إلى خطوات تنفيذية في ظل الربيع العربي،.

ومن جهة أخرى أراد الكيان الصهيوني أن يجر الفلسطينيين إلى استخدام كافة أنواع الأسلحة التي في حوزتهم لاختبار القبة الحديدية في صد الصواريخ الفلسطينية، فحرمته حركة حماس من اكتشاف الكثير من أسرارها العسكرية الأمر الذي يفاقم حالة الرعب التي تهيمن عليه، خاصة وأن الصواريخ التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية كانت كافية لإثبات فشل القبة الحديدية تلك، ولإظهار أن الفصائل الفلسطينية جميعها أعدت لهم ما استطاعت من قوة ومن رباط الخيل.

العقلية التي تعاملت بها المقاومة الإسلامية مع العدوان الأخير أكدت على مبدأين راسخين، أولهما إيمان المقاومة بأن أي تفاوض للتهدئة ينبغي أن يستند إلى إنجازات المقاومة وقدرتها الميدانية على تحقيق توازن الرعب، ففي الوقت الذي كانت تتفاوض فيه حماس مع الكيان الصهيوني عبر الوسيط المصري على إعادة التهدئة وحماية الشعب الفلسطيني من العدوان، كانت ترتكز إلى صمود الشعب الفلسطيني في القطاع، ونجاح فصائل المقاومة في اختراق القبة الحديدية الصهيونية بما يزيد على «220» صاروخاً لم تنجح القبة الحديدية في صد أكثر من ربعها، بل إن عدداً من الصواريخ حقق إصابات مباشرة لمبان وأوقع عدداً من الجرحى وأكثر من قتيل حسب اعترافات الإعلام الصهيوني نفسه، الذي اعترف بتطور قدرات صواريخ المقاومة، واضطر المستوطنون في المغتصبات إلى اللوذ بجحورهم بالملاجئ وتعطيل مؤسساتهم بما فيها المدارس خوفاً من سقوط المزيد من الصواريخ، وقد نجح التفاوض استناداً إلى القوة في فرض شروط المقاومة على الكيان الصهيوني، بما فيها وقف الاغتيالات الجبانة للقادة الفلسطينيين، وتحقيق تهدئة شاملة ومتزامنة.

أما المبدأ الثاني فهو إفشال المخطط الصهيوني في جر المقاومة إلى المواجهة الانفعالية في الزمن الذي يختاره، وبالكيفية التي يريدها. 

صحيفة الوطن القطرية 

 

اخبار ذات صلة