غزة/ أمينة زيارة
كثرت في الآونة الأخيرة الاتصالات الدولية التي يتلقاها المواطن الفلسطيني من أشخاص لا يعرف لهم لغة أو جنسية تارة تريد الاطمئنان على حال الفلسطينيين وثانية ترغب بالدردشة معهم عن وضع المقاومة الفلسطينية في غزة بعد الحرب الأخيرة، وأخرى دخلت إلى بيوت الفلسطينيين عبر الشعوذة والسحر، وفي النهاية يكون المواطن هو ضحية هذه الأساليب الخبيثة التي تهدف إلى إسقاطه وإيقاعه في شرك العمالة والتجهيل، "الرسالة" استمعت إلى فحوى تلك المكالمات على لسان أصحابها ودقت ناقوس الخطر حول عودتها بقوة للشارع الفلسطيني.
**أنت مسحور
لم يتوقع "أبو محمد" أن يقع في شرك "الشيخ عبد الله السنغالي" حيث تلقى اتصالاً منه ليلاً وأخبره بأنه مسحور وأن هناك من أقاربه من يسعى إلى إلحاق الضرر به، لكن السنغالي من جانبه أكد سعيه لكي يحل مشكلته والوقوف إلى جانبه للتخلص من هذا السحر لكن هناك مقابل ألا وهو صدقة جارية تقدر بألف دولار تُرسل على حساب بنكي يتبع لسيدة فقيرة (....) وبالفعل سارع أبو محمد لإرسال المبلغ كي يتخلص مما فيه وبعدما أرسلها تبين أنه كان ضحية ابتزاز مالي.
**بدايتها دردشة ونهايتها...!!
أما "بسام" فيقول: كثرت المكالمات الدولية في وقت الحرب فبعضها من ليبيا والآخر من اليمن والجزائر يريدون الاطمئنان على وضع أهل غزة وصمودهم وعزيمتهم ويشدوا من أزرنا، وكنت أرد عليهم بنفسي وأجنب أبنائي الرد حتى لا يتحدثوا بأمور لا نريدها، مضيفاً: توقعت أن تتوقف هذه المكالمات بعد الحرب لكنها عادت وطفت على السطح من خلال وضع اسطوانة مسجلة عن مبلغ مالي ضخم لمن يدلي بمعلومات عن مكان "شاليط" وآخرها كانت محاولة ابتزاز من رجل مخابرات صهيوني باتصال على جهازي النقال من خلال رجل عربي يتقن العربية بصورة كبيرة تميل إلى "البدوية" وأخذ يناقشني في الأمور العسكرية والمقاومة ووضع حماس في الوطن وكأنه صديق مقرب، وكنت في بعض الأحيان أجيب وبعضها أتغاضى عن الإجابة وفي النهاية عرض أن يرسل لي حوالة مالية كي أقيم مشروعا صغيرا كبقالة أو "بسطة لبيع الخضار" وطلب رقم حساب حتى كدت أن أصدقه، ويستطرد: بعد سؤال صديقي الذي يعمل في جهاز الشرطة الفلسطينية الحالية عن استقباله لمثل هذه المكالمات إلا أنه حذرني من أنه رجل مخابرات ذكي يريد أن يأخذ مني معلومات حول المقاومة ولكن بحمد الله تيقنت للأمر قبل فوات الأوان.
**وسيلة قديمة حديثة
وعن ماهية المكالمات الدولية يقول إسلام شهوان الناطق الإعلامي باسم الشرطة الفلسطينية: المكالمات الدولية وسيلة قديمة حديثة، وقد استخدمتها عدة جهات قبل الحرب للنيل من عزيمة الشعب الفلسطيني، من باب الحرب النفسية وبث الإشاعات خاصة أنها اُستخدمت بكثرة في فترة الحرب وما قبلها عندما تم أسر الجندي "شاليط" فقد اخترقت المخابرات الصهيونية شبكة الاتصالات الأرضية والهواتف النقالة لتبث بعض المكالمات عبر اسطوانة مسجلة أو المباشرة عن طريق مكالمة من رجل المخابرات، ويتابع حديثه: يستخدم رجل المخابرات الأسلوب الإنساني من باب الحرص على مصلحة البلد و"حياة شاليط" وعدم التعرض للمساءلة مقابل مبالغ مالية وهذه المسألة تسبب لنا أرقا أمنيا، لأنه أصبح من الصعب تتبع مصدر هذه المكالمات أو الوصول لكل الأشخاص الذين تم التواصل معهم أو ماهية الحديث الذي دار وهي تهدف للعمالة والارتباط الأمني من زاوية إنسانية يتقنها رجل المخابرات الصهيوني.
**بث الإشاعات والحرب النفسية
ويوضح شهوان أنه كان لابد من تحرك الشرطة بعد تعدد الشكاوي ، ذلك زودنا المواطنين برقم هاتف غرفة العمليات المركزية لتلقى الشكاوي وأعلنا عبر وسائل الإعلام بضرورة الإبلاغ عن أية مكالمة تأتي من قبل المخابرات، والتأكيد على أن من يتستر على هذه المكالمات هو مشبوه ولن نتساهل مع من يتعاطى مع هذه القضايا ووقع ضحية لرجل المخابرات وقدم له معلومات.
ويضيف: بدأت هذه الحالة تتطور إلى أن جاءت الحرب وكانت المرحلة حساسة جداً ووقعها كوقع الصواريخ حيث تعددت الوسائل والأهداف وكثرت الاتصالات عن طريق الاسطوانات المسجلة أو الاتصالات المباشرة التي تأتي لبعض الأرقام تريد معلومات عن شاليط أو عن المقاومة والمقاومين، فقد بدأنا نشعر بخطورة هذه المكالمات في هذا الوضع على الجبهة الداخلية وتحصيناتها، لذا قامت الشرطة بإصدار بيانات والحديث عبر وسائل الإعلام المحلية في محاولة لحث المواطنين على عدم التعاطي مع القضية وقد استطعنا أن نضبط بعض المكالمات التي سُجلت لبعض الأشخاص من خلال ارتباطهم بالمخابرات الصهيونية، وبعضهم اعتقلوا على شبهات أمنية حيث كان ارتباطهم عن طريق الهاتف النقال وتقديم مبالغ مالية من قبل الاحتلال كأجر، مؤكداً أن الاحتلال لم يأل جهداً في ممارسة هذه الوسيلة بهدف بث الإشاعات والحرب النفسية التي لم يتوقف الاحتلال عن استخدامها.
**السحر والشعوذة
ويشير شهوان إلى أن ظاهرة الاتصالات الدولية تسأل عن المواطنين وواقعهم والحياة المعاشة فهناك من طلب أرقام حسابات بنكية كي يرسل حوالات مالية ومن ثم يقومون بإيداع بعض الأموال لحسابهم ومن ثم تبدأ مرحلة الإسقاط، وتم اعتقال بعض المتورطين لأنهم أعطوا معلومات مقابل مبالغ مالية أودعت لهم في حساباتهم البنكية.
ويضيف شهوان: تفاجئنا بوسيلة جديدة تبدأ باستقبال المواطن اتصالا دوليا بصورة مباشرة من رجل يعرف نفسه بأنه الشيخ "عبد الله" من السنغال ويقدم معلومات مضللة للمواطن بأنه مسحور وهناك من يريد أن يضره واستطعنا أن نحلل بأن هذه الظاهرة جزء من الحرب النفسية ولكنها اتبعت أسلوبا خطيرا وهو المدخل الديني والعاطفي للمجتمع فلا يخلو أي مجتمع مسلم من ظاهرة الشعوذة والسحر وبالتالي هي حالة مصدقة لدى الجميع، ويكمل: للأسف هناك من تعاطى معها حيث كان هذا الرجل يدعي بأنه من أولياء الله الصالحين مطمئناً المواطن بأنه سيسعى معه للتخلص من هذا الأمر مقابل إخراج مبلغ من المال كصدقة وكانت هناك حالات تعاطت معه ووقعوا في الشرك فهو يعطي المواطن اسما مستعارا ورقم حساب حتى يتم إيداع المال فيه ومن ثم يواصل الاتصالات كي يطمئن على وصول الحوالة فهناك من كبار الشخصيات في الضفة الغربية وقعت في هذا الشرك وأودعت أموالاً ضخمة لأنه أوهم بعضهم بأنه من يحل مشاكلهم الاجتماعية ويخلصهم من السحر.