قائد الطوفان قائد الطوفان

تصعيد إخواني مع المجلس العسكري بمصر

القاهرة – الرسالة نت

وجهت جماعة الإخوان المسلمين انتقادات حادة إلى المجلس العسكري الحاكم في مصر، واستنكرت تمسكه بالحكومة الحالية برئاسة كمال الجنزوري، كما اتهمته بالابتزاز عبر التهديد بإبطال البرلمان الذي يسيطر عليه الإسلاميون، وذلك في بيان صدر أمس السبت وبدا أنه يعبر عن تصعيد واضح من الإخوان في مواجهة العسكري.

ويأتي هذا التصعيد رغم أن خصوم الجماعة لم يتوقفوا عن اتهامها بأنها عقدت صفقة مع المجلس العسكري ساعدت حزبها الحرية والعدالة في الفوز بالأكثرية في مجلسي الشعب والشورى، وفي المقابل يفترض أن تساعد الجماعة المجلس العسكري في ما أطلق عليه الخروج الآمن من السلطة، بحيث يحتفظ بمعظم امتيازاته ولا يتعرض أعضاؤه لأي ملاحقة في المستقبل.

وعدد البيان، جملة من سلبيات الحكومة الحالية في مصر، فأشار إلى كارثة بورسعيد التي راح ضحيتها عشرات القتلى، إضافة إلى السماح بسفر المتهمين الأجانب في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، رغم تصريحات الوزيرة فايزة أبو النجا بأن هؤلاء المتهمين يتآمرون على مصر، وتأكيد الجنزوري نفسه بأن مصر لن تركع.

كما اتهم البيان حكومة الجنزوري بـ"التقاعس عن استرداد الأموال المنهوبة والمهربة للخارج لحساب رؤوس الفساد وكبار اللصوص، وافتعال أزمات يومية تمس ضرورات الحياة، فضلا عن التباطؤ في حل العديد من المشكلات، وانعدام الشفافية في قضية الحسابات الخاصة بالرئيس المخلوع حسني مبارك".

واستغرب بيان الإخوان إصرار الحكومة على عدم الاستقالة، وعبر عن الأسف لتأييد المجلس العسكري لهذا الموقف، واعتبر أنه "يثير الشكوك حول سر هذا التمسك بالفشل والفاشلين"، كما تساءل عما إذا كان ذلك يهدف للرغبة في إجهاض الثورة أم في تزوير انتخابات الرئاسة المقبلة.

تهديد بالحل

في الوقت نفسه تضمن بيان الإخوان تأكيدا ضمنيا لما ذكره المحلل السياسي عمار علي حسن عندما كتب على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مؤكدا أن "رئيس مجلس الشعب محمد سعد الكتاتني تلقى مكالمة هاتفية من رئيس المجلس العسكري المشير محمد حسين طنطاوي، تضمنت اعتراضا شديدا على محاولات حزب الإخوان لسحب الثقة من الحكومة، وتهديدا بحل البرلمان إذا لم تتوقف هذه المحاولات".

وبشأن هذه النقطة قال بيان الإخوان نصا "للأسف الشديد يتم التهديد بأن هناك طعنا في دستورية مجلس الشعب موجودا في درج رئيس المحكمة الدستورية العليا يمكن تحريكه، وهذا الكلام كارثة، فهل المحكمة الدستورية خاضعة للسلطة التنفيذية؟ وهل الذي يحكم العلاقة بين سلطات الدولة هو الدستور والقانون؟ أم التهديد والتلاعب بالدستور؟".

وأوضح البيان أن موضوع الطعن المقدم للمحكمة الدستورية ينصب على تقاسم مقاعد البرلمان بين القوائم والفردي بنسبة الثلثين والثلث، وهذه النسبة كان المجلس العسكري قد ناقشها مع القوى السياسية ومع أعضاء من المحكمة الدستورية العليا، وقد أقرت اللجنة التشريعية برئاسة وزير العدل هذا النظام، وبالتالي فإن "العودة للتهديد بما سبق إقراره بعد مناقشة أعضاء من المحكمة الدستورية العليا إنما هو ابتزاز لا يليق".

وبالتوازي مع هذا البيان الحاد، قال رئيس حزب الحرية والعدالة محمد مرسي إن سحب الثقة من الحكومة ليس رغبة الحرية والعدالة فقط وإنما بات رغبة عامة لدى غالبية نواب البرلمان، معتبرا أن المجلس العسكري أخطأ تقدير الموقف بإبقائه على حكومة الجنزوري.

كما أكد مرسي في تصريحات نشرها موقع الحزب أن الأحوال الاقتصادية والأمنية في مصر تزداد سوءا يوما بعد يوم مع اقتراب انتخابات الرئاسة كي يصل للناس إحساس بأن الثورة لم تحقق شيئا.

استبعاد الصدام

وبينما حفلت وسائل الإعلام المصرية في الساعات الماضية بتحليلات تشير إلى صدام متوقع بين الإخوان والعسكر على غرار انقلاب العسكر على الإخوان عام 1954 بعد عامين من ثورة يوليو 1952، فإن المحلل السياسي بشير عبد الفتاح يؤكد أنه من المستبعد حدوث أزمة حقيقية بين الجانبين، لأنهما يمثلان القوتين الأساسيتين في مصر بعد الثورة، وكل منهما يدرك قوة الآخر.

ورغم حدة بيان الإخوان فإن عبد الفتاح، وهو مدير تحرير مجلة الديمقراطية، يرى أن الإخوان لديهم من الحصافة ما يمنعهم من الدخول في صدام مع المجلس العسكري، لأنهم يدركون أنه سيكون بما يملكه من قوة قهرية فضلا عن نسبة تأييد لا بأس بها خصوصا خارج القاهرة، صاحب قرار الحسم، وهو ما يمكن أن يفقد الإخوان أكبر إنجاز حققوه منذ نشأتهم، وهو الحصول على أكثرية المقاعد في البرلمان المصري بمجلسيه.

أما قضية إسقاط الحكومة فيرى عبد الفتاح أنها مفتعلة، لأن الحكومة لا تمتلك السلطة الحقيقية وإنما يمتلكها المجلس العسكري الذي يمارس مهام الرئاسة، وبالتالي تبدو الحكومة أقرب إلى كبش فداء يحول دون صدام مباشر بين الإخوان والعسكر، كما أن الإخوان ربما يدركون في حقيقة الأمر أن تشكيلهم لحكومة جديدة في الوقت الحالي لن يكون مفيدا لهم طالما ظلت السلطة في يد المجلس العسكري.

البث المباشر