بعد فشل

فتح تقايض المصالحة بالانتخابات في الضفة دون غزة

فايز أيوب الشيخ

درجت العادة على حركة فتح والسلطة التي تهمين عليها في رام الله على إطلاق التهديدات بما أصبح يطلق عليها "الخيارات الأخرى" فارغة المضمون، فكما هددت بخياراتها في حال فشلت المفاوضات سرعان ما كانت تعود لها صاغرة، أما في هذه المرة فقد هددت بـ"خياراتها الأخرى" في حال فشلت المصالحة الوطنية.

يذكر أن "اتفاق الدوحة" الأخير متوقف في الوقت الراهن على بدء رئيس السلطة محمود عباس بتشكيل "الحكومة المؤقتة" تكون مهمتها التحضير للانتخابات العامة و معالجة آثار الانقسام ومتابعة ملف إعمار غزة.

خيارات فتح والسلطة

وجاء التهديد الفتحاوي المزعوم على لسان أمين مقبول أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح " أنه فى حال استمرار الانقسام والانفصال فإن حركته ستدرس عدة خيارات أخرى"، مدعياً أن هناك بعض الأفكار تطرح بين الحين الأخر للخروج من هذه الأزمة، وربما تكون بإجراء انتخابات تشريعية بطريقة القائمة النسبية..!.

وصرح مقبول لـ"الرسالة نت" "أن من ضمن خيارات حركته الذهاب إلى انتخابات تشريعية بطريقة القائمة النسبية في الضفة الغربية دون قطاع غزة طالما أن حالة الانقسام مستمرة"، لكنه استدرك بالقول "لدينا تلك الخيارات لا يتسع الوقت للحديث عن تفاصيلها، غير أن خيار الذهاب إلى الانتخابات ضمن القائمة النسبية مطروح –هو الآخر-لا نود الحديث عن عنه الآن ونأمل ألا نصل إلى هذه المرحلة".

وغير أن مقبول أفاد بأن هناك جهوداً تُبذل-لم يذكر أطرافها- تعمل على إحياء ملفات المصالحة العالقة ونأمل أن تُكلل بالنجاح، زاعماً بأن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس طلب من عباس تأجيل تشكيل حكومة الوفاق الوطني، علماً بأن حركة حماس نفت-أكثر من مرة- إدعاءت فتح بالخصوص.

وبرر مقبول استجداء حركة فتح "للتسوية" من خلال الرسالة الأخيرة التي وجهتها مؤخراً لرئيس حكومة الاحتلال "بيبي نتنياهو" فقال "موقفنا واضح ومحدد بشكل يعرفه الجميع وليس سراً وأعلناها مراراً وتكراراً أنه لا عودة للمفاوضات دون أن توقف (إسرائيل) كل أشكال الاستيطان وقبل أن تعترف بحدود الرابع من حزيران للدولة الفلسطينية بما فيها القدس".

ما زعمه مقبول سالفاً، اعتبره "موقفاً وطنياً وعليه إجماع وليس فيه مشكلة"، في حين لم يخفي تيقنه بأن حكومة الاحتلال لا يمكن أن تستجيب لطلبات واشتراطات السلطة لاستئناف المفاوضات، ولكنه –في نفس الوقت- أشار إلى أن هذا لا يمنعهم من مواصلة الجهود السياسية والدبلوماسية على اعتبار أن ذلك لا يضر بالقضية الفلسطيني ولا يؤثر على المصالحة الوطنية.

ويرى مقبول -في ضوء الاجتماع الذي أجرته لجنة الحريات العامة في الضفة وغزة مؤخرا عبر الفيديو كونفرس- بأنه يأتي في إطار عملها الذي انبثقت من أجله بناء عل اتفاق وطني شامل، مؤكداً أن حركته لا تمانع في أن تمارس اللجان اجتماعاتها و دورها لعل وعسى تُعجل وتُسرع بالتوصل إلى الوفاق الوطني في كل المجالات.

للاستهلاك ولاقيمة لها

وترى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن من يعطل المصالحة الفلسطينية هو الذي يماطل في تشكيل الحكومة الفلسطينية المقبلة وفق اتفاق الدوحة وتفاهمات القاهرة، في إشارة لرئيس السلطة محمود عباس.

وقللت حماس على لسان عضو المكتب السياسي للحركة صلاح البردويل من قيمة "الخيارات الفارغة" التي تهدد بها حركة فتح من حين لآخر بما يتعلق بالمصالحة، معتبراً  أن الخيارات الفتحاوية المطروحة من قبل قادة فتح هي "للاستهلاك المحلي ولا قيمة لها".

واستند البردويل في تصريحه لـ"الرسالة نت" إلى أنه "لا يمكن أن تجري أية انتخابات في فلسطين دون حركة حماس، حيث لا يجوز فصل الضفة عن غزة بهذه الطريقة العجيبة"، مؤكداً أن الحوارات بشأن الانتخابات قطعت شوطاً كبيراً وبانتظار الحكومة المؤقتة لتتولى ترتيب إجراءها ولكن عباس من لا يريد البدء في تشكيلها. 

كما نفى البردويل أية لقاءات قريبة -تحدثت عنها المصادر الصحفية مؤخراً- بين مشعل وعباس في القاهرة، معرباً عن اعتقاده بأن الزيارة الحالية التي يجريها القيادي البارز في الحركة محمود الزهار لمصر ليست لها علاقة بأية لقاءات مرتقبة.

وأرجع البردويل السبب في تأخر تنفيذ "اتفاق الدوحة" وعدم تشكيل الحكومة الجديدة إلى خضوع عباس للضغوطات (الإسرائيلية) والفيتو الأمريكي، مستهجناً حديث قادة فتح المتكرر "بأن الكرة الآن في ملعب حماس". وتساءل " هل حماس مكلفة بتشكيل الحكومة..؟ علماً بأن حماس وافقت على أن يشكل عباس الحكومة رغم أنه رئيس لحركة فتح"، وفق ماذكر.

وأضاف" لدى عباس أمل بأن يحيي عملية المفاوضات مع الاحتلال من جديد ولذلك أوقف كل حوارات المصالحة وبعد ذلك كل ما يقال عن المصالحة عبارة عن تحليلات وتكهنات أما حقيقة الأمر الذي أوقف المصالحة أن عباس لا يريد تشكيل حكومة".

وأوضح البردويل في السياق، بأن "الرسائل التي يوجهها عباس لـ(إسرائيل) تأتي في إطار البحث المستمر عن إحياء عملية التسوية بعد أن ماتت موتاً عميقاً وهذا السبب الذي يجعل المصالحة تعيش في حالة من الموات".

وكان فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية، أكد أن "سلطة عباس ستذهب إلى المفاوضات المباشرة مع الاحتلال لأنها لا تملك خيارًا آخر"، متوقعًا الفشل للتفاوض؛ لغياب المرجعية السياسية".

كسب للشرعية

أما النائب المستقل حسن خريشة، فلم يستبعد إقدام حركة فتح على التفكير بخيار الذهاب إلى الانتخابات وإجراءها في الضفة دون غزة، معتبراً أن هذا الطرح "ليس جديداً حيث كانت هذه الفكرة سائدة لدى حركة فتح منذ بداية الانقسام وكررتها في أكثر من مناسبة".

وأوضح خريشة لـ"الرسالة نت" لأن حركة فتح تريد من"الانتخابات المنفصلة" كسب شرعية لها في المؤسسات الفلسطينية المختلفة، مشدداً على أن هذا الخيار يعزز الانقسام الذي أصبح بالأصل معززاً وحقيقة واقعة .

وحذر خريشة من أن تقابل "الخطوة الفتحاوية المنفلتة" بإجراء الانتخابات التشريعية في الضفة مثيلتها في قطاع غزة وبالتالي يصبح هناك كيانين سياسيين منفصلين، مؤكداً على أهمية تفادي هذا الخطر بتنفيذ اتفاق القاهرة رزمة واحدة، وذلك لا يتأتي إلا إذا شكل عباس الحكومة المؤقتة والأخيرة تقوم بدورها بالتحضير للانتخابات.

وتجدر الإشارة إلى أجهزة السلطة برام الله تواصل حملة الاستدعاء والاعتقالات لأبناء فصائل المقاومة في الضفة المحتلة، كما كشفت بعض الوثائق ومحاضر الاجتماعات المسربة أن "سلطة رام الله" تسعى بشكل كبير إلى إفشال جهود المصالحة وتشديد الحصار على غزة والضغط على حماس.

 

 

البث المباشر