غزة- محمد أبو قمر
رغم مرور عام على حرب غزة إلا أن ملف إعادة الاعمار بقي يراوح مكانه في ظل إغلاق المعابر ورفض قوات الاحتلال إرداف القطاع باحتياجاته من مواد البناء.
ولتوحيد الجهود الهادفة لإعادة الاعمار أعلن في غزة مؤخرا عن إطلاق المجلس التنسيقي للاعمار الذي يضم ممثلين عن تسع هيئات ومؤسسات حكومية وأهلية وذلك لسحب الذرائع من الذين يربطون إعادة الاعمار بالأوضاع السياسية.
** توحيد الجهود
وتشكل تلك الهيئات كل من وزارة الأشغال العامة والحكم المحلي والاقتصاد الوطني، إضافة إلى الهيئة العربية الدولية للأعمار، وكذلك القطاع الخاص ممثلا باتحاد المقاولين واتحاد الصناعيين ونقابة المهندسين ومصلحة مياه بلديات الساحل ومؤسسة بال ثينك للدراسات الإستراتيجية.
ويقول رئيس المجلس المهندس إبراهيم رضوان أن تشكيل المجلس جاء لطرح آلية تنسيق بين الراغبين في إعادة الاعمار، مشيرا إلى أن النقاش حول تشكيله بدأ منذ عدة أشهر.
وأوضح في حديث "للرسالة نت " أن هناك من يربط إعادة الاعمار بالسياسة ، لكنه أكد أن الملفين منفصلين والمجلس لا يتبع للحكومة وإنما ينسق بين جميع المؤسسات التي لها علاقة بالاعمار.
وأضاف" في إعادة الاعمار يجب إشراك الحكومة في غزة وذلك لإصدار تراخيص البناء، وتوفير الأراضي لإقامة المشاريع ، ولا يعقل العمل دون التواصل مع المؤسسات الحكومية". ويأمل رضوان أن تصل رسالة المجلس التنسيقي وتبدأ مشاريع الاعمار التي تعد حق إنساني بحت بعيدا عن السياسة.
ودعا رضوان إلى تنحية الخلافات السياسية وعدم ربطها بالجهود المبذولة لإعمار غزة، والعمل على تعزيز التعاون بين مختلف الجهات بما يكفل التوافق على إعادة الإعمار كأولوية وخطوة إلى تحقيق المصالحة.
وشدد رضوان على أهمية التعامل مع ملف إعمار غزة كمتطلب وأولوية تقتضيها حاجة القطاع لتجاوز التداعيات الكارثية التي خلفتها الحرب الأخيرة عليه، وطالب بتوحيد سياسة الإعمار، لافتاً إلى أن ما لدى الوزارات من إمكانات يمكنها من الاضطلاع بمهمة إعادة الإعمار.
** تفعيل الهيئات
من جهته أكد أسامة كحيل رئيس اتحاد المقاولين كلمة إحدى هيئات المجلس على ما تهدف إليه مبادرة إطلاق المجلس على صعيد توحيد مرجعيات إعادة الإعمار، وتحديد احتياجات القطاع من المشاريع المختلفة.
وتطرق في حفل الإعلان عن إطلاق المجلس إلى ما لحق بقطاع المقاولات والإنشاءات من دمار وما يحتاجه هذا القطاع من إعادة تأهيل لشركات المقاولات والمصانع الإنشائية.
وانتقد كحيل الترويج لتنفيذ مشاريع إنشائية تعتمد على استخدام الطين المستخرج من باطن الأرض، معتبراً أن تلك المشاريع من شأنها أن تسهم في المزيد من الدمار وليس الإعمار كونها تستنفد التربة الخصبة اللازمة للزراعة.
كما انتقد ما أثير مؤخراً حول التوجهات الرامية لتعويض متضرري الحرب بمبالغ نقدية وترك الخيار أمامهم لإعادة بناء منشآتهم ومساكنهم في المناطق التي يرتأونها، واعتبر أن ذلك من شأنه أن يترك مساحات واسعة من الأراضي دون إعمار كما قد يدفع بالبعض إلى الهجرة وإقامة مشاريع في الخارج، داعياً إلى تبني استراتيجية عمل لإعادة بناء المناطق المدمرة عبر شركات وطنية وعطاءات معلنة.
وأكد كحيل أهمية تعامل مجتمع المانحين مع ملف إعادة الإعمار انطلاقاً من تلبية احتياجات المواطنين العمرانية والاقتصادية وليس انطلاقاً من مفهوم إنساني وإغاثي.
فيما تحدث المهندس كنعان عبيد بصفته ممثلاً للهيئة العربية والدولية للإعمار خلال فعاليات تأسيس المجلس عن الدور المتميز الذي لعبته المؤسسات الدولية في توفير الدعم المالي وتقديم الخبرات لتحسين الظروف المعيشية لمواطني القطاع.
واعتبر أن الحرب الأخيرة وما ألحقته من دمار هائل تشكل مدعاة لتفعيل دور هذه الهيئات في إعمار ما دمرته آلة حرب الاحتلال، وأكد أن عملية إعمار غزة تتطلب تضافر الجهود بين المؤسسات الدولية والحكومية وغير الحكومية من أجل إعادة الإعمار وفق آلية واضحة تكفل حصول المتضررين على حقوقهم وتضمن في الوقت نفسه الابتعاد عن العشوائي.
وأضاف أن المؤسسات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني لا تستطيع العمل في ملف إعادة الإعمار دون التنسيق مع الحكومة في غزة، سواء على الصعيد المهني أو الفني.
وطالب عبيد بوضع خطة لإعمار غزة ضمن سياق وطني وتنموي بعيداً عن دائرة التجاذبات والخلافات السياسية والعمل على صياغة خطط عمل قطاعية تعكس احتياجات القطاعات المختلفة وتعزز العلاقة بين المؤسسات الدولية والحكومية ومؤسسات المجتمع المدني بما يلبي متطلبات إعادة إعمار ما دمره الاحتلال، مشدداً على أهمية الضغط على الجانب الإسرائيلي من أجل رفع الحصار وإعادة فتح المعابر