قائمة الموقع

مقال: الفرصة الأخيرة..!

2012-05-28T08:33:28+03:00
مؤمن بسيسو

نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية جاءت في بعضها صادمة، ومتوقعة نسبيا في بعضها الآخر.

لم يستوعب الإسلاميون المصريون دروس "النكسة" الجزائرية التي أورثت إسلاميي الجزائر خسارة كبرى، ولم يستلهموا ربيع الثورة التونسية الذي أنتج توافقا رائعا بين القوى والمكونات الأساسية في الحياة السياسية التونسية، ولم يستمعوا لنصائح الكثير من العقلاء والمحبين الذين عاينوا ترنّح منحى التأييد الشعبي في مرحلة ما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية المصرية، فكانت النتيجة المؤسفة التي لم يتوقعها الإسلاميون حتى في أسوأ كوابيسهم.

انخفاض أسهم د. مرسي مرشح "الإخوان" كان صادما للجماعة وأنصارها لكنه كان متوقعا للكثيرين في ظل العديد من الأخطاء التي وقع فيها "الإخوان"، وعلى رأسها الاغترار بالقوة والعجز عن قراءة خريطة وتفاصيل الواقع بشكل دقيق.

حديث الخوف من تقدم شفيق ليس له ما يبرره على الإطلاق، وهو يدخل –أيضا- في إطار العجز عن قراءة الواقع المصري الذي يحوي بين فئاته وشرائحه حوالي 6 ملايين من الموظفين العاملين في سلك مؤسسات الدولة المصرية الذين يدين معظمهم بالولاء والتبعية للنظام السابق رغبة أو رهبة، والكثير من أصحاب المصالح الوظيفية المرتبطين بالشركات التي يهيمن عليها رجال أعمال مرتبطين بهذا النظام، فضلا عن كل المنتفعين والمرتبطين مصلحيا بالحقبة السابقة ورموزها الفاسدين.

المشكلة التي فجرتها الانتخابات الرئاسية المصرية ليست مشكلة نظام مبارك الذي رحل فيما بقيت بناه ورجالاته على رأس إدارة الدولة، ولم تنقطع عن محاولاتها لتأزيم الوضع المصري الداخلي وإعادة ترتيب صفوفها من جديد تمهيدا للسيطرة مجددا على الحكم عبر بوابة الرئاسة، بل هي مشكلة القوى الثورية المصرية التي اختلفت وتنازعت سياسيا وفكريا، وغاب عنها حجم وثقل الأخطار التي تتربص بالثورة، فتشتتت ريحها في صندوق الاقتراع.

لا زال هناك فرصة أخيرة للاستدراك، ومساحة ضيقة لإنقاذ الثورة، لكن مهمة إنقاذ الثورة ليست مهمة هيّنة يمكن إنجازها بشكل بروتوكولي عبر لقاءات وحوارات أمام وسائل الإعلام، أو عبر وعود وشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.

إعادة ترتيب شؤون الثورة المصرية تشكل المهمة الأكثر أهمية وجسامة خلال الأيام المقبلة، فالثورة المصرية بحاجة بالغة الإلحاح إلى ميثاق وعهد جديد يضبط الإيقاع، ويحدد المسار، ويرسم البرنامج، ويوحد كل الجهود الثورية في بوتقة الدفاع عن ثورة مصر ومصالحها ومستقبلها، وقطع الطريق على كل المتربصين بها والمتآمرين عليها.

حين أخطأ البعض التقدير، واعتقدوا أن خريطة الولاء والانحياز ثابتة لا تتغير، وسلكوا سبلا غير توافقية، تعثرت خطاهم وكادت السفينة المصرية تجنح بين يدي الانهيار، ولو جنحت وانهارت السفينة لانهارت معها آمال الأمة وشعوبها من المحيط إلى المحيط.

الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية تقدم دروسا بالغة القوة، عميقة الأثر، صريحة الدلالة، وهي-بالمناسبة- دروسا ليست قاصرة على القوى الإسلامية والثورية المصرية وحدها، بل تطال القوى الإسلامية والثورية في العالم العربي والإسلامي قاطبة.

الثورة المصرية اليوم على مفترق طرق، والأيام القادمة سوف تتكفل بتحديد مصيرها وشكل ومضمون مستقبل مصر خلال المراحل المقبلة.

اخبار ذات صلة