قائمة الموقع

مقال: ضبابية النووي (الإسرائيلي)...!

2012-05-28T08:39:54+03:00

الإجماع القيادي السياسي الأمني هناك في (إسرائيل) في مسألة النووي (الإسرائيلي) على سياسة الضبابية وعدم الإعلان أو الاعتراف بحيازة (إسرائيل) للسلاح النووي, لا يلغي الحقيقة السافرة بأن تلك الدولة تمتلك هذا السلاح منذ عقود طويلة, فكما هو معروف تعتبر المؤسسة الأمنية /السياسية (الإسرائيلية) الغموض بشأن امتلاكها السلاح النووي رادعاً بحد ذاته, ورغم أن الصحافة الغربية أعدت عشرات التقارير خلال العقود الماضية عن برنامج (إسرائيل) وقدرتها النووية إلا أن (إسرائيل) الرسمية لم تعترف بذلك, وفضلت الصمت وعدم الاعتراف بشكل علني وإتباع سياسة الغموض, وأصبحت هذه السياسة تقليداً إسرائيلياً توارثته الحكومات (الإسرائيلية) المتعاقبة وتقيدت به, وأصبح الحديث به من المحرمات, ولا تزال (إسرائيل) تتبع ذات السياسة الضبابية حيال امتلاكها السلاح النووي.

لقد أعلنت الحكومات (الإسرائيلية) احتفاظها بسياسة الغموض حيال ترسانتها النووية, فقال نائب وزير الخارجية (الإسرائيلي) داني ايالون قبيل مؤتمر واشنطن بأيام فقط: "إن (إسرائيل) ستبقي بدعم الولايات المتحدة على سياسة الغموض بشأن مسألة السلاح النووي", وأضاف لإذاعة الجيش "أن سياسة الغموض هذه تشكل أحد أسس الأمن القومي (الإسرائيلي) وتعتبرها الولايات المتحدة بالغة الأهمية, ما من سبب يدعو الأمريكيين إلى تغيير موقفهم أو يستدعي تغيير الموقف (الإسرائيلي).

وسياسة الغموض هذه ليست (إسرائيلية) القرار فقط, إنما بالتفاهم والتنسيق مع الإدارة الأمريكية, فكشف المحلل الوف بن في - هآرتس, عن ذلك في مقال نشره تحت عنوان:" بطاقة عضوية في النادي.." جاء فيه: "كلما تقدمت (إسرائيل) في مشروعها النووي باتت أمريكا تميل لها أكثر وتوافق على مساعدتها بالسلاح, بالمال وبالدعم السياسي, وبالمقابل, تعهدت (إسرائيل) منذ 1969 "بالغموض" وعدم كشف قدراتها وعدم إجراء تجربة نووي., وقد ولدت هذه السياسة من قبل, وهي اليوم تقبع في أساس علاقات (إسرائيل) مع الولايات المتحدة". 

وجاء في وثيقة أمريكية كشف النقاب عنها في صيف عام 1974 وصنفت على أنها "سرية للغاية" في أرشيف السي آي إيه: "إننا لا نتوقع أن يقوم (الإسرائيليون) بتأكيد هذه الشكوك المنتشرة بشأن قدراتهم, سواء في التجربة النووية أو في التفعيل, إلا إذا كان هناك خطر شديد على قيام الدولة".

ورغم سياسة "الضبابية النووية" التي تنتهجها (إسرائيل), إلا أنه بين الفترة والأخرى تنتشر في العالم ترجيحات حول الترسانة النووية (الإسرائيلية) من أبرزها ما جاء في كتاب الصحافي الأمريكي "رؤوبين سكارابورو" الذي كشف "أن (تل أبيب) تمتلك 80 رأساً نووياً, كما قدرت وسائل إعلام غربية حيازتها لـ200 قنبلة نووية".

إلى ذلك, هناك, بعض "زلات اللسان" (الإسرائيلية) كما يطلقون عليها, التي كانت قد بددت جزئياً هذه الضبابية حتى باتت بمثابة أمر ذائع, فرئيس الوزراء (الإسرائيلي) السابق أولمرت "زل لسانه" في عهده حول امتلاك (إسرائيل) للنووي, إذ هدد إيران بمحوها عن وجه الأرض, فتوالت التصريحات (الإسرائيلية) المنتقدة والغاضبة فقال: "زلة اللسان التعيسة في ألمانيا تمس 50 عاماً من سياسة الغموض في (إسرائيل), وقال عضو الكنيست أرييه إلدار-إيحود ليئومي- مهدداً: "إذا كانت أقوال أولمرت تعبر عن تغيير في السياسة وليست زلة لسان يتعين عليه أن يوجه رسالة واضحة إلى العالم الحر: إذا لم توقفوا إيران, نحن سنوقفها بأي ثمن", وقال شمعون بيريز, في سياق تعقيبه أمام النادي الاقتصادي في (تل أبيب) على ما اعتبره زلة لسان أولمرت حول السلاح النووي (الإسرائيلي): "ينبغي أن نبني قوتنا دون أن نهدد أحداً, أنا مع الغموض, وأنا الذي صغته, يعتقدون أن لدينا قنبلة فليعتقدوا". 

ولكن- تعزيزاً ل"زلة لسان" أولمرت النووية كشفت مجلة عسكرية (إسرائيلية) النقاب عن "أن خبراء ذرة في دولة (إسرائيل) اعترفوا بأن (تل أبيب) تملك من 150-200 رأس نووي متفجر", ونشرت المجلة الشهرية العسكرية "جينز" أن خبراء بالذرة قالوا "إن (إسرائيل) تملك من 150 - 200 رأس متفجر نووي".

والحقيقة الكبيرة هنا في قصة "زلة لسان أولمرت النووية" أنها لم تكن إلا "زلة مخططة مقصودة" سقطت وفق حسابات واعتبارات (إسرائيلية) - أمريكية تتعلق عملياً بالتطورات الاستراتيجية في المنطقة, وتتعلق على نحو خاص ومحدد بالتهديدات الإيرانية الإبادية الصريحة للوجود (الإسرائيلي).

وفي هذا الصدد تحديداً, ربما يكون المؤرخ (الإسرائيلي) "أمنون راز" ادق من تحدث عن الطبيعة الإجرامية الإرهابية لـ (إسرائيل) كما هي عليه اليوم, حين وصفها قائلاً: "إن (إسرائيل) مملكة صليبية جديدة مختلفة عن الممالك الصليبية التاريخية بحيازتها قنبلة نووية", ودعا إلى "تفكيكها بأساليب ذكية".

ولكن- تبقى الكرة هنا في مسالة "النووي (الإسرائيلي) في الملعب العربي أولاً قبل الأممي, فعلى العرب أن يراجعوا استراتيجياتهم النووية والصراعية والتفاوضية في مواجهة العجرفة والعدوانية (الإسرائيلية)..!. 

صحيفة العرب اليوم الأردنية

اخبار ذات صلة