ما يزال الفلسطينيون يعلقون آمالا عريضة على فوز مرشح الإخوان المسلمون "محمد مرسي" على منافسه "أحمد شفيق" في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة المصرية.
ويتطلع الفلسطينيون إلى أن يدخل "مرسي" قصر العروبة فائزا بدلا عن منافسه "شفيق" الذي يرون أنه من اتباع النظام السابق المتهم بممارسة حصار ضد قطاع غزة.
وتفاجأ أهالي القطاع من نتائج الجولة الأولى للانتخابات شأنهم في ذلك شأن المصريين أنفسهم الذين أفجعهم حصول "مرسي" على 26%، وشفيق على 23% فيما حصل حمدين صباحي على 21% والمرشح الإسلامي عبد المنعم أبو الفتوح على 19%، وفق النتائج الأولية.
ويعتبر مراقبون في الساحة الفلسطينية أن فوز مرشح الإخوان ليس نجاحا لثورة 25 يونيو التي أطاحت بالرئيس "مبارك" المحابي للإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني فقط، "وإنما امتداد لنجاح الحركات الإسلامية في المنطقة ومنها حركة حماس التي فازت بالانتخابات التشريعية الفلسطينية يناير 2006".
وكلما اقتربت جولة الحسم المقررة منتصف الشهر المقبل بين المرشحين -مرسي وشفيق- تتضاعف مخاوف أمريكا و(إسرائيل) من وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم في مصر، ولاسيما أن "مرسي" سبق وأن وجه اتهامات للأخيرة بعدم احترامها معاهدة السلام الموقعة 1979.
وتبرز المخاوف الأمريكية في تصريحات الرئيس الأمريكي الأسبق "جيمي كارتر" الذي زار القاهرة مؤخرا، وقال إن "الإخوان" قد تطالب بإدخال تعديلات على المعاهدة، مؤكدا أن التعديلات لن تجرى أحاديا.
"رزقة: غزة تطمح لتكوين علاقات متينة مع القيادة المصرية الجديدة
"
ولولا أهمية القضية الفلسطينية في نظر "الإخوان المسلمون" لما كانت غزة جزءا من دعايتهم الانتخابية، وذلك لعلمهم المسبق أن شريحة عريضة من المجتمع المصري متعاطفة مع غزة وتعلم حقيقية الدور الذي مارسه النظام السابق ضد القطاع من حصار وإذلال.
ويرنو الفلسطينيون إلى تحسن الموقف المصري اتجاه غزة على الصعد الثلاث: (السياسية والاجتماعية والاقتصادية).
ويرى مراقبون أن تفوق مرسي على نظيره الموالي للنظام السابق في جولة الانتخابات الأولى يحمل مؤشرا إيجابيا اتجاه القطاع، مشيرين إلى أن غزة تتطلع لعلاقة عربية أصيلة مع مصر، "وذلك بحكم الجوار".
علاقات متينة
ويرى د. يوسف رزقة -المستشار السياسي لرئيس الوزراء إسماعيل هنية- أن غزة تطمح لتكوين علاقات متينة مع القيادة المصرية الجديدة يتخللها إعادة فتح السفارة المصرية في القطاع لترعى مصالح الموطنين، "وتسهل أمور الحياة العديدة بالإضافة إلى تشجيع الدول العربية على إقامة سفارات أو قنصليات لها في غزة".
وأكد -في وقت سابق لـ"الرسالة نت"- أن مجموعة من الملفات الضرورية يجب دراستها مع القيادة المصرية، "ومنها: معبر رفح، ورعاية التنمية في القطاع، والتبادل التجاري، والسماح بتسويق منتجات غزة في الأسواق الأوروبية ودول الخليج".
وقال رزقة: "هناك ملفات أخرى مهمة مطلوب بحثها مع الأشقاء المصريين سواء على مستوى الحياة كالمساعدات الصحية وملف البيئة وتسهيل عمل الصيادين في البحر، أم على المستوى السياسي المتمثل في رعاية السياسية الفلسطينية التي تنادي بتقرير المصير، وانتزاع ملف غزة السياسي من يد المخابرات".
تغير جذري
وعلى ضوء ارتفاع سقف توقعات الفلسطينيين من موقف القيادة المصرية اتجاه غزة رهن المحلل السياسي مؤمن بسيسو حدوث تغير جذري في ملف العلاقة المصرية مع القطاع بعامل الوقت، ولاسيما أنه يرى أن عملية تغيير تراكمية تدريجية من الصعب حدوثها بين عشية وضحاها.
وأوضح بسيسو أن سقوط النظام السابق ونجاح الإخوان في البرلمان شكل أرضية مواتية من أجل طي الصفحة السوداء القاتمة في ملف العلاقات المصرية مع قطاع غزة وحركة "حماس" على وجه الخصوص، مؤكدا أن التأثير "الإسرائيلي" على القيادة المصرية انتهى بعد سقوط مبارك.
ومنذ أن شكل الإخوان أكبر حزب سياسي في البرلمان المصري الجديد وجهودهم تنصب نحو فتح الحدود مع غزة للتجارة، ولكنها تواجه معارضة الحكومة الحالية التي ترفض تغيير السياسية الناظمة للعلاقة مع القطاع.
ووصف جمال حشمت -نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب والقيادي في جماعة الإخوان- تعامل الحكومة بأنه "استمرار لنهج مبارك في التعامل مع القضية الفلسطينية".
"بسيسو: التأثير "الإسرائيلي" على القيادة المصرية انتهى بعد سقوط مبارك
"
مبرر أخلاقي
ويقرأ خبراء في شؤون الحركات الإسلامية أن المبرر الأول لفتح الحدود مع غزة بالنسبة للإخوان مبرر أخلاقي، "فحصار غزة إحدى القضايا الأكثر إثارة للمشاعر في العالم العربي، وستكون هناك منافع اقتصادية لشمال سيناء التي تعتبر واحدة من أكثر المناطق فقرا في مصر".
وبالنسبة للاحتلال فلا تثير هذه الفكرة أي قلق على ما يبدو، فقد قال دبلوماسي صهيوني لوكالة رويترز إن وزير الخارجية (الإسرائيلي) أشار إلى أننا نبذل كل ما بوسعنا لمساعدة قطاع غزة على وقف اعتماده على (إسرائيل) في أي شيء.
وأضاف الدبلوماسي الصهيوني: "هناك حاجة للتفتيش على الجانب المصري لمنع وصول الأسلحة إلى غزة"، مشيرا إلى أن اتفاق الوقود لا يثير أي انزعاج.
ولا يتوقع مسؤولون في حركة حماس التي تمد بجذورها إلى "الإخوان المسلمون" حدوث أي تغيير جاد في السياسة المصرية قبل الانتهاء من الانتخابات الرئاسة بمصر، واستكمال نقل السلطة من الجيش إلى رئيس الجمهورية المنتخب، وذلك في نهاية يونيو/حزيران القادم.