قائمة الموقع

مقال: دوافع القلق (الإسرائيلي) من الانتخابات الرئاسية المصرية

2012-05-31T07:17:15+03:00

تسود حالة من القلق والترقب وسْط المسؤولين والمحللين (الإسرائيليين) بعد إعلان نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة المصرية، فهم يتعاملون بحذر شديد في هذا الموضوع، ويتجنبون مهاجمة أي من الأطراف المتنافسة خوفا على اتفاقية السلام التي تقف على المحك.

ومع ذلك يبدون خشية كبيرة من صعود "الإخوان المسلمون" وانقلاب المعادلات الإقليمية، كما يحاولون فرز عدة خيارات تتدرج من سيئ إلى أسوأ، لذلك فهم يتطلعون لـ"أحمد شفيق" الذي يتمتع بسمعة "براغماتية"، ويعرف تماما تكلفة حرب مع (إسرائيل)، وخلافا لباقي المرشحين فإنه مستعد لزيارتها من أجل إظهار أن لديه نية طيبة.

وقد بدا واضحا أن هناك اطمئنانا ولو مزعوما من محافل مطلعة في (تل أبيب) إلى مصير اتفاق "كامب ديفيد" مع مصر، لأن المشكلات الاقتصادية كبيرة جدا، وسيكون من الصعب مواجهتها والتعاطي معها من أي رئيس سيقودها في المرحلة القادمة من دون أن تستمر الشركات الأجنبية الكبرى بالعمل فيها، ومن دون أن تعمل قناة السويس والسياحة، وكل هذه الأمور تجري عبر الاتفاقات الدولية، ومنها "كامب ديفيد".

(تل أبيب) وزعت في المقابل ما يمكن أن يسمى "شهادات حسن سير وسلوك" لمرشح النظام السابق -أحمد شفيق- على اعتبار أن مصر تحت حكمه ستنطلق نحو إعادة البناء، ومع أنه ليس "كاريزماتيا" فإنه بلا شك زعيم مجرب وخبير في إدارة المنظومة السلطوية، وسياسته ستكون مسؤولة ومتوازنة، "ويفهم معنى استخدام القوة وقيودها، وأهمية التقرب من دول المنطقة والدول الغربية"، مع التشديد على الولايات المتحدة.

وبالنسبة للعلاقات مع (إسرائيل) فمن المتوقع لها أن تعود لتكون كما كانت عليه حتى اليوم، وسيعمل حيالها على مستويين: المطالبة بالتجريد النووي للمنطقة، وإعادة طرح الأجندة الفلسطينية على جدول الأعمال، وقد يعمل على منع التدهور والعودة لوضع من علاقات المواجهة.

أما بزعامة مرشح الإخوان د. محمد مرسي -والتحليل لـ(لإسرائيليين)- فقد تتحول مصر إلى مكان إضافي لإيران، وستدخل في "معمعة" وفوضى عارمة لها تبعات إقليمية واسعة للغاية بفعل أنه عديم التجربة السلطوية، "وليس له فهم اقتصادي وسياسي دولي"، وفي ظل غياب قدرة على بلورة أجندة سريعة للانتعاش الاقتصادي والدولي فإن من شأن ذلك أن يأخذ مصر إلى مطارح أيديولوجية وكراهية غربية.

"

فقد تتحول مصر إلى مكان إضافي لإيران، وستدخل في "معمعة" وفوضى عارمة لها تبعات إقليمية واسعة للغاية بفعل أنه عديم التجربة السلطوية، "وليس له فهم اقتصادي وسياسي دولي" 

"

ترجيح الجيش

ومن شأن ذلك أيضا ربط مصر بميول التعاظم الإسلامي في المنطقة عبر حل مركز القوة العسكرية المركزية، وتسلل ميليشيات المنظمات المسلحة المنتشرة في وسط أفريقيا وشمالها وشرقها، لأن مصر "الضعيفة" ستشكل تهديدا على (إسرائيل) أيضا.

ومع ذلك تكاد تجمع المحافل الأمنية والاستخبارية (الإسرائيلية) المواكبة للوضع المصري المتلاحق على أن "مصر ما بعد الانتخابات" يمكن أن تتبع سياسة جديدة وتخرج من الدائرة التي وقعت فيها بفعل سياسة مبارك، وكذلك بفعل الآثار السلبية التي رافقت الثورة والتغيير.

ويبقى الاحتمال الثاني أن تقودها الانتخابات إلى انكفائها على الأوضاع الداخلية، مما سيجعل المنطقة تتأثر كثيرا نتيجة أي من احتمالات الجولة الثانية من الانتخابات.

ولم تستبعد المحافل في الوقت نفسه حصول انقلاب عسكري بتاتا بعد الانتهاء من الانتخابات، لأن انتخاب رئيس غير إسلامي سيؤدي إلى حدوث شرخ في العلاقات مع البرلمان الذي تُسيطر عليه الحركات الإسلامية، وذلك خلافًا لفترة حكم الرئيس المخلوع، إذ يتخذ القرارات بصورة حرة، وبعيدًا عن إملاءات الرئيس، ولم يعد ختمًا "مطاطيا" بيده.

"

تكاد تجمع المحافل الأمنية والاستخبارية (الإسرائيلية) المواكبة للوضع المصري المتلاحق على أن "مصر ما بعد الانتخابات" يمكن أن تتبع سياسة جديدة وتخرج من الدائرة التي وقعت فيها بفعل سياسة مبارك 

"

وكل ذلك مدعاة للقلق الذي تعيشه (تل أبيب) حاليا من جراء التحول الذى تشهده مصر خاصة أن النتائج قد لا تصب في خدمة المصالح الإقليمية لأمريكا و(إسرائيل)، وكذلك فإن معاهدة السلام قد لا تستمر طويلا خلال المرحلة المقبلة، وستكون مفاجأة "سارة" إذا ظلت في حيز التنفيذ لسنوات قليلة قادمة.

الأخطر مما تقدم أن (إسرائيل) لن تستطيع أن تفعل الكثير لتغيير الاتجاه الذي قد تسلكه مصر خلال السنوات القادمة، وستلجأ -كعادتها- للولايات المتحدة التي لم يعد لها نفوذ كبير بعد سقوط مبارك، مما يعني أنها ستواجه استفزازات عديدة من جانبها سواء بخطابات عدائية ستتبناها الحكومة القادمة أم بهجمات من سيناء، مما يتطلب أيضا من (تل أبيب) الحفاظ على معاهدة السلام وإيجاد وسيلة للحفاظ عليها وإبقاء العلاقة مستقرة مع مصر بأي ثمن حتى لو كانت برئاسة زعيم إسلامي.

اخبار ذات صلة