هل تتمنى القاهرة أن يبتلع البحر غزة ؟

غزة - رامي خريس                

لم يكن المشهد مقلوباً مثلما هو حاصل الآن ، أوروبيون وأمريكيون يتضامنون مع الفلسطينيين ويشاركون في فعاليات لفك الحصار عن غزة ، والحكومة المصرية تضع العراقيل والحواجز أمامهم ، ليس هذا فحسب بل تشير كل الدلائل إلى أنها تشارك بفعالية في تشديد الحصار على القطاع وآخر خطواتها في هذا الاتجاه البدء ببناء جدار فولاذي على طول حدودها معه الأمر الذي أثار استغراب واستياء مؤسسات وشخصيات أممية قبل العربية.

سمعة مصر

وآخر التصريحات المنددة ببناء الجدار أطلقها ريتشارد فولك المقرر الخاص في "الأمم المتحدة" المعني بحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة الذي قال: "إنني متضايق من هذا الأمر؛ لأنه يعني تواطؤًا من قِبَل حكومتي مصر والولايات المتحدة التي تساعد عبر مهندسيها في بناء هذا "الجدار الفولاذي" العازل، والذي يهدف إلى سد الأنفاق التي تستخدم في تهريب الطعام وبعض المواد إلى سكان غزة".

وإزاء هذه التصرفات التي تصدر عن الحكومة المصرية وجهت انتقادات أخرى لاذعة تحدث بعضها عن ما يجلبه هذا السلوك من أثر سيء في ذهن كل متابع لمجريات الأحداث لاسيما تلك التي تتعلق بغزة والحصار المفروض عليها ، وفي هذا الاطار يقول الكاتب الفلسطيني الباحث في جامعة كامبريدج خالد الحروب بأنها "تدمر موقف وسمعة مصر أخلاقياً وقيمياً وإنسانياً وسياسياً واستراتيجياً"

**ارباك

وأمام هذا كله يبدو أن الحكومة المصرية تعيش حالة غير معهودة  من الإرباك تدفعها لاتخاذ خطوات تسبب لها الحرج الشديد في الرأي العام المحلي والخارجي أدت إلى موجة من الاحتجاجات على إنشاء الجدار الفولاذي الذي قالت صحيفة الوفد المعارضة أن عمالاً يعملون في الشركة المنفذة توقفوا عن العمل به ، وبحسب بعض المراقبين فإن بناء "الجدار الفولاذي" هو من أكبر الأخطاء التي ترتكبها القاهرة في تعاملها مع القطاع ، ويشير إلى أنها تعيش في مأزق بسبب تقلص خياراتها في التعامل مع الملف الفلسطيني لاسيما المتعلق بغزة والمصالحة.

ويبدو الشبه كبيراً بين الجدار الذي تبنيه القاهرة وجدار الفصل العنصري الذي أقامه الاحتلال الإسرائيلي على أراضي المواطنين في الضفة الغربية فالمبرر واحد , القاهرة تتحدث عن حماية أمنها القومي وهي نفس الحجة الإسرائيلية لبناء جدار الفصل العنصري ، كما أن آثاراً جانبية وسلبية تسبب بها جدار الفصل من أضرار اقتصادية وبيئية يتوقع الباحثون أن يتسبب بها الجدار الفولاذي .

ومن المتوقع أن تؤدي مواصلة إنشائه إلى تعاظم حالة السخط ضد القاهرة التي يشير المراقبون إلى أنها تتمنى لو أن البحر يبتلع غزة بعدما أصبحت تجلب لها الحرج.

ومع ذلك فإن القاهرة كان بإمكانها بحسب ما يرى المراقبون أن تنأى بنفسها عن ذلك كله بالتعامل مع الملف الفلسطيني بحيادية أكثر وبايجابية مع حركة حماس وحكومتها في قطاع غزة لاسيما بعد أن فشلت كافة محاولات الالتفاف على الحركة وآخرها الحرب التي استهدفت القطاع وأعلنتها  وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني من القاهرة0

 

 

 

البث المباشر