يبدو أن امكانية تشكيل حكومة الكفاءات حالياً كبيرة في ظل اللقاءات المكثفة التي تشهدها العاصمة المصرية بين وفدي حركتي فتح وحماس للتوافق على أسماء الوزراء, وبرغم الحراك الكبير في ملف المصالحة الا ان المواطن الفلسطيني لا يزال غير متفائل بسبب فشل الاتفاقيات السابقة.
وحتى تخرج حكومة الوفاق للنور لا بد لها وأن تجتاز عدة اختبارات تحدد شكلها أهمها تعيين نائب او اثنين لرئيس الحكومة, واختيار وزراء الحقائب السيادية, وعرضها على المجلس التشريعي لنيل الثقة، وعودة عشرات آلاف الموظفين المستنكفين والمفصولين، وتوفير الموارد اللازمة لهم, بالإضافة للملف الامني الذي ما يزال عقدة تهدد بنسف المصالحة في اي وقت.
بعيداً عن الاحزاب
حكومة الكفاءات المنتظرة من المفترض ان تتكون من مستقلين ذوي خبرة وكفاءة عالية, حتى يتمكنوا من انجاز المهام المسندة اليهم في هذه الفترة الوجيزة.
"حكومة الكفاءات المنتظرة من المفترض ان تتكون من مستقلين ذوي خبرة وكفاءة عالية, حتى يتمكنوا من انجاز المهام المسندة اليهم في هذه الفترة الوجيزة.
"
وفي هذا السياق أكد المحلل السياسي هاني البسوس على ان الحكومة القادمة ستشكل من المستقلين الذين سيجري التوافق عليهم بين حركتي فتح وحماس, على ان يكونوا من ذوي الخبرة الطويلة في العمل المجتمعي والاقتصادي والسياسي البعيد عن الاحزاب, موضحاً انه يجب ان يكونوا شخصيات متميزة وبارزة بحيث يسهل التوافق عليهم, يقدموا خلال هذه الفترة الوجيزة كل ما لديهم من خبرات وطاقات.
المحلل السياسي هاني حبيب من ناحيته رأى أن اختيار الوزراء في الحكومة سيتم بناء على الاهداف التي وضعت لها, بمعنى ان الحكومة ستشكل وفق المعايير التي وضعها اتفاق المصالحة, فهي مهامها التحضير للانتخابات واعمار غزة وبناء عليه سيتم اختيار وزراء الحكومة من ذوي الكفاءات غير الحزبية.
وقد تسربت بعض المعلومات التي تتوقع ان يتم تعيين نائب لرئيس الحكومة من غزة ويعمل أكاديميا في الجامعة الإسلامية بغزة, وهنا بين البسوس انه هناك اتفاق على تسمية رئيس وزراء بديل عن الرئيس محمود عباس ليتسلم الحكومة في حال لم تستطع حكومة التوافق القيام بانتخابات تشريعية ورئاسية خلال فترة 6 أشهر, منوهاً ان هناك حديث عن اسم نائب لرئيس الحكومة من غزة.
ولفت البسوس الى امكانية ان تواجه هذه الحكومة عقبات عديدة منها ان عدد الوزراء يتجاوز العشرين شخصا, وليس من السهل ان يتم التوافق عليهم ويحتاج لوقت اطول واجتماعات مكثفة, في حين بقي اسبوعان فقط على موعد اعلان الحكومة الجديدة.
"بديل عن الرئيس محمود عباس ليتسلم الحكومة في حال لم تستطع حكومة التوافق القيام بانتخابات تشريعية ورئاسية خلال فترة 6 أشهر
"
واعتبر حبيب بان طرح اسم بديل للرئيس عباس لرئاسة الحكومة سيعيق المصالحة لان الاتفاق كان واضح بين الحركتين في اعلان الدوحة, لافتا أن الحديث عن تعيين نائب من غزة او الضفة الآن غير لائق وطنياً لأنه المفروض اختياره والتوافق عليه بين الوزراء بحسب الكفاءة والخبرة.
عقدة الامن
الرئيس عباس كان قد طرح سابقاً ان يبقى بعض الوزراء الحاليين في حكومة فياض على رأس عملهم في حكومة التوافق الامر الذي رفضته حركة حماس بالمطلق وأكدت انها لن تسمح بإدخال أي من الوزراء الحاليين في الحكومة.
وهنا ذكر البسوس انه قد يكون هناك خلاف بسبب هذه النقطة لكن حماس ستعطي المسألة فرصة كافية لتداولها من جديد حتى لا تقف المصالحة عند اسم, معتبرا ان حماس ستسعى لتطبيق المصالحة بكل الطرق ولديها قرار سياسي بهذا الشأن.
وبين حبيب ان حماس ترفض تعيين أي وزير من وزراء حكومة فياض, قائلاً "الاختيار يجب ان يكون بناء على الالتزام الوطني والكفاءة بصرف النظر عن العمل السابق في حكومة فياض او هنية".
وأما عن الملف الأمني الذي يعتبر عقدة أساسية في المصالحة فعلى ما يبدو ان الحركتين تجاوزتاه في المرحلة الحالية خوفاً من ان يفجر المباحثات الجارية في القاهرة, وقد شكل الملف نقطة خلاف رئيسية تتمثل في صلاحية إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
"الملف الأمني الذي يعتبر عقدة أساسية في المصالحة فعلى ما يبدو ان الحركتين تجاوزتاه في المرحلة الحالية خوفاً من ان يفجر المباحثات الجارية في القاهرة
"
وبحسب المصادر فإن حركة فتح تصر على أن يكون من حق الحكومة القادمة برئاسة عباس البدء في إجراءات إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية، وهو ما ترفضه حركة حماس بشدة, وتؤكد أن إصرار فتح على موقفها يعني إسدال الستار على أي فرصة للتوافق على تشكيل هذه الحكومة.
ومن ناحيته قال البسوس "الحكومة لن تتدخل في عمل الاجهزة الامنية والواقع الامني في الضفة وغزة سيبقى على حاله لان الحكومة لها مهام محددة وهي الانتخابات والاعمار وتهيئة اجواء المصالحة المجتمعية.
ورأى بان المسالة الامنية ستناقش بشكل جدي بعد الانتخابات القادمة لتوحيد الاجهزة الامنية وهذا سيتطلب وجود شخصيات متخصصة في المجال الامني, معتبرا ان الملف الامني قد يكون عقبة تنسف المصالحة بالكامل اذا تم تداولها حالياً.
وبين البسوس ان وفدي فتح وحماس الموجودين بالقاهرة حاليا هما المخولان بمناقشة هذا الموضوع, الا ان اتفاق القاهرة كان واضحاً في هذه النقطة وينص على ان الحكومة لا علاقة لها بالأمن.
بدوره شدد حبيب على ان هناك رأي يقول بان المشاورات الحالية ستشمل الاتفاق على الملف الامني, بينما بحسب اتفاق القاهرة فانه غير مطروح, منوهاً ان فتح الملف الان اثناء مشاورات التشكيل بدلاً من الوقوف عندها بعد اعلان الحكومة وظهورها كعقبة.
وتبقى حكومة الكفاءات امام اختبار حقيقي سواء على صعيد تشكيلها واختيار وزرائها او على صعيد الملفات التي ستواجهها بعد ذلك خاصة الملف الامني الذي لم يحسم بعد.