إذا ما رأيت يوما شخصاً يرتدي بزه عسكرية ويدّعي بأنه "حامي حمى الوطن" ثم يعترض طريق امرأة, رافعاً في وجهها عصاةً أو هراوة وربما سلاحاً, وصولاً إلى حد الاعتداء بالضرب, لا تستغرب أبداً فأنت بين "زعران السلطة".
"الشبيحة" في سوريا, "البلطجية" في مصر, انضم اليهم "الزعران" في الضفة المحتلة بعد أن تردد المصطلح على ألسنة المواطنين المطالبين بإلغاء زيارة موفاز للمقاطعة برام الله, ورفضاً للتنسيق الأمني وقمع أجهزة السلطة للمظاهرات.
ومع انطلاق حركات التغيير العربية طفت على السطحِ مصطلحاتٌ أفرزتها الثورات المتلاحقة؛ فبرزت دلالاتٌ جديدةٌ لمصطلحاتٍ قديمةٍ كانت معروفةً في كل بلدة على حدة, ومنها مصطلح "البلطجية" في مصر و"البلاطجة" في اليمن ثم برز مؤخراً مصطلح الشبيحة في سوريا.
وبما أن فلسطين ليست بعيدة عما تشهده المنطقة من ربيع عربي فقد شهدت الضفة منذ أسبوع تقريباً تظاهرات واحتجاجات, حالها كحال جميع شعوب الأوطان العربية التي تذكرت بعد غفلة من الزمن مطالبتها بالحرية والعدل تحت سقف الديمقراطية المستوردة.
ألفاظ التقزيم تأتي للتقليل من شأن أفراد الأجهزة الأمنية التابعة للأنظمة العربية في الدول التي شهدت حركات احتجاج من المواطنين؛ كوصف للممارسات والانتهاكات التي يرتكبونها لمحاولة صد تلك الاحتجاجات.
"زعران" السلطة
مصطلح "الزعران" أطلقه المواطنون في الضفة المحتلة بعد سلسلة القمع التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية التابعة لرئيس السلطة محمود عباس, بحق المتظاهرين احتجاجاً على لقائه نائب رئيس الحكومة (الاسرائيلية) شاؤول موفاز.
تجمعات المواطنين وتظاهراتهم على دوار المنارة وسط مدينة رام الله وفي أنحاء مختلفة من الضفة المحتلة، لم تأتِ للتنديد بزيارة موفاز فحسب، إنما رفضاً للتنسيق الأمني وقمع أجهزة السلطة للمظاهرات.
"مصطلح "الزعران" أطلقه المواطنون في الضفة المحتلة بعد سلسلة القمع التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية التابعة لرئيس السلطة محمود عباس
"
ولمسح الغبار عن "الزعران" لا بد من إيجاد تعريف صريح لهم, على الرغم من أنهم ليسوا بحاجة لذلك, ففي بلاد الشام عامة وفلسطين خاصة يأتي المصطلح من منطلق التحقير لهم فـ "الأزعر" شخص قصير القامة وينتمي إلى أولاد الشوارع.
ولتوضيح معنى الأزعر في "القاموس الشوارعي" الفلسطيني، فهو يتكاثر في بيئة "اللي مش فارقة معاهم أي شي", ولا يحكمهم الحلال والحرام ولا العُرْف، وهو عادة يكون من الفصيلة التي تفضل المغامرة للمظاهر فقط.
ويمتاز الأزعر بالشجاعة والتجربة والبعد النسبي عن التدين, وفي أغلب الحالات "المتزعرنة" يكون "ضرّيب", ترتسم خرائط من الجروح الخدوش على وجهه؛ جراء التشطيب الذاتي أو "الطوش التي يخوضها".
""الأزعر" لا يحكمه الحلال والحرام ولا العُرْف، وهو عادة ما يكون من الفصيلة التي تفضل المغامرة للمظاهر فقط
"
"شبيحة" سوريا
وعندما تنتقل إلى سوريا فإنك سترى مجموعات مشابهة لأشخاص يطلق عليه بـ"الشبّيحة", فهو مصطلح محلي سوري يطلقه أهل المنطقة الساحلية في سوريا، على مجموعة من القوات المسلحة غير النظامية شكلها ابن أخ الرئيس الراحل حافظ الأسد.
"الشبيحة" معروفة في شمال مصر بذات المعنى السوري الذي يشير إلى وصف عناصر وأفراد يقومون بأعمال تنافي القانون دون أيِّ حسيبٍ أو رقيبٍ بسبب ارتباطهم بشخصياتٍ نافذةٍ في أجهزة الأمن أو الدولة.
وغالباً ما يطلَق المصطلح على أشخاص يتمتعون ببنية بدنية قوية يستخدمونها في التسلط على الآخرين لحساب شخصيةٍ نافذةٍ تقوم بالنيابة عنه بالأعمال القذرة من ضرب الخصوم والاعتداء على المنافسين في أي مجال كان.
"بلطجية" مصر
وهناك في مصر, بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير انتشرت الفوضى الأمنية في المحافظات المصرية ممثلة بأعمال نهب وسرقة وقتل, ولا شك أن من يقف وراءها هم أشخاص يطلق عليهم "البلطجية".
وغالباً ما توصف البلطجة في كثير من الأحيان على أنها شكل من أشكال المضايقات التي يرتكبها المسيء الذي يمتلك قوة بدنية أو اجتماعية وهيمنة أكثر من الضحية, وأحياناً ما يشار إلى ضحية البلطجة على أنها الهدف.
ويمكن أن تكون أعمال "البلطجة" عن طريق تحرش لفظي وجسدي في بعض الأحيان، ويختار القائمون بها أشخاصاً قد يكونوا أكبر أو أصغر من حجمهم, ليؤذوهم لفظيا وجسديا, لتحقيق أهداف يسعون لها.