قائد الطوفان قائد الطوفان

كيف ستعيش غزة مع الجمهورية الثانية؟

كتب - وسام عفيفة

دفعت حركة حماس ومعها غزة منذ الانتخابات التشريعية 2006 ثمن علاقتها بجماعة الإخوان المسلمون بعدما قرر نظام حسني مبارك -مع المنظومة الدولية- معاقبة حماس لأنها سبقت زمنها ووصلت إلى الحكم في ظل واقع عربي ودولي -وقتئذ- لم يكن ليستوعب هذا التحول الخطير الذي ألقى بظلاله على المنطقة.

وبعد وصول رئيس مصري –إخواني- إلى الحكم تنتظر غزة وحماس أن تبدأ "سنوات العسل" بعدما تجرعت مر العلقم فيما تخيم أجواء من القلق على الشارع الفلسطيني في ظل الصراع القانوني والدستوري بين الرئيس المصري الجديد وبقايا الدولة العميقة فيما يبدو السيناريو الأكثر تشاؤما أن تدفع حماس مرة أخرى ثمن علاقتها بالإخوان، ولكن هذه المرة والأخيرة موجودة في الحكم؛ وذلك للأسباب التالية:

"

تنتظر غزة وحماس أن تبدأ "سنوات العسل" بعدما تجرعت مر العلقم

"

* الملف الأكثر سخونة على مكتب الرئيس هو ملفّ السياسة الخارجية لمصر، وقد أفصحت شخصيات سياسية رفيعة المستوى عن وجود مخاوف أوروبية وأميركية صريحة من حدوث تغيير "راديكالي" في توجّهات السياسة الخارجية بمصر بطريقة تخلّ بالتوازنات الإقليمية في الشرق الأوسط وتمنح الفرصة للتيارات "المتشدّدة" بالنموّ وتهديد المصالح الأمريكية.

* قد تلعب العلاقات القويّة بين جماعة «الإخوان» وحركة "حماس" وخطاب الأولى المعلن والداعم للمقاومة دورا كبيرا في رسم العلاقة الجديدة مع (إسرائيل) بما قد يؤدّي في المقابل إلى قدرة أكبر على فرض التهدئة بين حماس و(إسرائيل) لتجنّب الدخول في صدام مباشر مع الولايات المتحدة حول أمن الكيان.

* يتوقّع على نطاق واسع أن تكون السياسة الخارجية لمصر في عهد الجمهورية الثانية مختلفة وأكثر حساسية اتجاه الولايات المتحدة و(إسرائيل) من دون أن يعني ذلك أن النظام الجديد في مصر سيدخل في صراع مع أمريكا، ولكنه لن يكون "طيْعا" مع سياسات أمريكا في المنطقة.

حماس ترى في المقابل أن القادم لن يكون في كل الأحوال أسوأ مما مضى في العلاقة مع مصر، لذلك تبني الحركة رؤيتها الجديدة على أساس التعايش مع الجمهورية الثانية.

ونظرا للهجوم الذي يتعرض له مرسي في أيامه الأولى من الحكم تحاول الحكومة في غزة تقديم طلباتها برفق، وتأمل بألا تنتظر طويلا الملفات المعلقة بانتظار قرار سياسي مثل تسهيل حركة المعبر والكهرباء، كما إن غزة تريد حصتها من الـ100 يوم الأولى من العمر الرئاسي لمرسي وهي تعد له الأيام كما يعدون في مصر.

ويريدون في غزة أن يشعروا بالفرق بين سنوات حكم انتهجت مصر خلالها سياسات وصفت بأنها تصبّ في مصلحة الجانب (الإسرائيلي) أكثر من الجانب الفلسطيني والعربي عموما، والتي كان منها المساعدة في تضييق الحصار على غزة وعدم أخذ مواقف متشدّدة اتجاه العدوان على غزة في عام 2009.

الفرق مع الجمهورية الثانية سوف يظهر في مشاريع اقتصادية مشتركة يجري إعدادها من أجل تقديمها للرئيس الجديد مثل المنطقة التجارية الحرة المشتركة، فقد تم تحضير تصور للمشروع عرض سابقا على المخابرات المصرية مقابل إنهاء ظاهرة الأنفاق.

"

مراقبون يرون أن السياسة الخارجية لمصر ستكون أكثر جرأة وتحرّرا من ذي قبل

"

كما يأملون في غزة أن ينالهم من مشروع النهضة نصيب خصوصا أنه يستهدف بدرجة كبيرة السويس وسيناء الجار المصري الأقرب لغزة.

ولا شك على صعيد آخر في أن سياسة مصر الجديدة ستعيد النظر في العلاقات الأمنيّة بمعاهدة السلام، وخصوصا مراجعة بعض بنودها الأمنيّة مثل وجود القوّات المصرية في المنطقة (د) داخل سيناء بما يضمن تأمين الحدود المصرية، كما سيكون هناك تعاطف أكبر مع الوضع في غزّة وهذا ما سيصبّ في غير مصلحة (إسرائيل).

وعن مستقبل معاهدة السلام مع (إسرائيل) في ظل إدارة مرسي ذكرت «واشنطن تايمز» أن الولايات المتحدة لا تشعر باليقين نفسه الذي كانت تحسّ به في عهد حسني مبارك من أن «الإخوان» سيحترمون اتفاق «كامب ديفيد»، فترى أنه ثمّة إجماع في مصر على أن المعاهدة مع (إسرائيل) ليست من الأولويات الإستراتيجية لمصر.

ويعتقد مراقبون أن السياسة الخارجية لمصر ستكون أكثر جرأة وتحرّرا في تأييد الحركات والانتفاضات في المنطقة العربية.

وزير الجيش (الإسرائيلي) ايهود باراك اعترففي السياق نفسه أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإثنين الماضي بأن وصول الإخوان إلى الحكم في مصر يمثّل دعما لحركة «حماس» ودفعا وتعزيزا لمكانة الأخيرة في الضفة الغربية, وكذلك قدَّر أن الإخوان ستحاول موازنة الرياح وعدم الوصول إلى التصادم مع المجلس العسكري.

ولكل هذه الأسباب يضع أهل غزة أياديهم على قلوبهم كلما تصاعد صراع الحكم في مصر كما يحدث في الأيام الأخيرة, لأنهم يأملون في أن يتمكن الرئيس مرسي من تثبيت أقدامه في السلطة بناء على ما يعلقونه من آمال عريضة للحياة في ظل الجمهورية الثانية.

البث المباشر