مقال: هل حل السلطة.. هو الحل ؟

رشيد حسن

عاد حديث حل السلطة الفلسطينية، يعلو من جديد على كل الأحاديث في الساحة الفلسطينية، كمخرج من الأزمات التي يعاني من الشعب الفلسطيني، بعد أن ثبت، وبجرد حساب الأرباح والخسائر، أن العدو الصهيوني هو المستفيد الأول من إقامة هذه السلطة، وأن الأضرار التي أصابت الشعب الفلسطيني، باهظة وكبيرة، ويكفي للتدليل على ذلك، بشهادة رئيس "الشباك" في مؤتمر هرتسيليا "أن الاحتلال (الإسرائيلي) للضفة الغربية.. احتلال "ديلوكس" غير مكلف، بل هو احتلال مربح، فقد أصبحت الضفة وغزة سوقاً للمنتوجات والصناعات (الإسرائيلية)، وجسراً للعبور إلى العالم العربي، ومن ناحية أخرى فإن هدوء الأوضاع في الأرض المحتلة، وبشكل لافت، ما عدا المظاهرات الأسبوعية في البلدات التي يمر فيها جدار الفصل العنصري، "نعلين وبعلين" يشكل مفارقة خطيرة جداً، ولا يتناسب مطلقا مع حمى الاستيطان التي تشمل كافة الأرض المحتلة، وجرائم التطهير العرقي، وخاصة في القدس، والاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى المبارك، حتى وصل التهويد ساحاته ومحيطه، من خلال إقامة الكنس والحدائق التوراتية، بعد هدم المباني الوقفية.

إن تدهور الأوضاع في الأراضي العربية المحتلة، بفعل الاحتلال الصهيوني، وقد حولها إلى كانتونات وجزر معزولة، يستحيل معها إقامة دولة مستقلة متواصلة جغرافيا، يفترض أن يفجر الربيع الفلسطيني، كمخرج وحيد من هذه الأوضاع القاتلة، التي تحاصر الشعب، وحولته إلى مجرد كيان طفيلي يعيش على المعونات الأميركية والغربية، من خلال السلطة الفلسطينية.

ونسأل ونتساءل: لماذا تقبل القيادة الفلسطينية، بأن يتحول الشعب الفلسطيني إلى مجرد رهينة لهذه المساعدات؟ وهي قطعا مساعدات مشروطة، وليست لعيون فياض وفياض وعبد ربه، بل هي مقابل أن تبقى السلطة ملتزمة بالعملية السلمية وبالمفاوضات كخيار وحيد، وإلغاء خيار المقاومة، وقد تحولت ما يسمى بعملية السلام إلى مهزلة، والمفاوضات إلى عبث فاضح، بعد أن استغلها العدو لتكريس الأمر الواقع، فاستولى على 86% من أراضي القدس، وعلى أكثر من نصف أراضي الضفة الغربية، وقد زرعها بمئات المستعمرات والبؤر الاستيطانية، تضم أكثر من نصف مليون مستوطن، يعيثون في الأرض الفلسطينية خرابا ودمارا، وينشرون الموت والإرهاب في كل حركة وسكنة من سكناتهم.

وفي هذا الصدد، نذكر بتهديد الرئيس الفلسطيني بحل السلطة بعد خطابه المشهور في الأمم المتحدة، كرد على الرفض الأمريكي و(الإسرائيلي)، لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المختلة، وفي حدود الرابع من حزيران، وعاصمتها القدس الشريف، ووضع العدو أمام مسؤولياته، كسلطة احتلال، تحتل شعباً وأرضاً عربية، وعليه أن يواجه هذه الحقيقة وتبعاتها المادية والسياسية والأخلاقية والأدبية والإنسانية، أمام الرأي العام العالمي، بعد أن أعفته السلطة من هذه المهمة قرابة العقدين من الزمان.

باختصار، حل السلطة يخلط الأوراق من جديد، ويضع القيادة الفلسطينية أمام مسؤولياتها الحقيقية، لتحرير الأرض، وإقامة الدولة، وتحقيق العودة، ويعجل في انفجار الربيع الفلسطيني. ولكل حادث حديث.

صحيفة الدستور الأردنية

 

 

 

 

البث المباشر