قائمة الموقع

لماذا أحرج فوز مرسي الميني الصهيوني؟

2012-07-12T14:01:33+03:00
الرئيس المصري د. محمد مرسي (الأرشيف)
د. صالح النعامي

أشعل فوز الدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية المصرية الجدل الداخلي بين اليمين بعض نخب اليسار، حيث تبين أن الميني على وجه الخصوص يرى أن فوز مرسي يدلل على صدقية طرحه الأيديولوجي المتعلق بسبل حل القضية الفلسطينية. وعلى الرغم من أن النخب (الإسرائيلية) سواءً المنتمية لليسار أو اليمين قد شككت في طابع الثورات العربية ومآلاتها واشتركت في التحذير من تداعيات وصول الإسلاميين للحكم، إلا أن اليمين (الإسرائيلي) حرص بشكل خاص على توظيف فوز مرسي بشكل خاص والثورات العربية بشكل عام لإضفاء صدقية على مواقفه الأيدولوجية من الصراع، والتي تقوم على رفض أي تسوية سياسية تستند إلى مبدأ الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، وذلك بطرح الحجة التالية: إن كانت الحركات الإسلامية هي التي ستتولى مقاليد الأمور في العالم العربي، فلماذا على (إسرائيل) أن تنسحب من أراضي تشكل ذخراً استراتيجياً لها، فالحركات الإسلامية – حسب خطاب اليمين (الإسرائيلي) – في حال صعودها للحكم ستجد نفسها في حل من أي اتفاقيات توقع عليها الحكومات السابقة، مما يوقع (إسرائيل) تحت وطأة تهديد وجودي، في حال نشبت حرب بينها وبين أطراف عربية. ونجد أن الكثير من نخب اليمين تحديداً تكرر الارتكاز على هذه الحجة.

فيورام إيتنجر، مدير مركز " بمحشفاه " اليميني، يرى أن الثورات العربية، التي توجت بفوز مرسي ستقود الإسلاميين للحكم، وبالتالي فإن هذا الواقع سيؤسس لاندلاع المزيد من الحروب بين (إسرائيل) والعرب، وهو ما يوجب على (إسرائيل) عدم التفريط بالضفة الغربية في أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين، على اعتبار أن (إسرائيل) لا يمكنها مواصلة البقاء بدون الضفة الغربية لقربها من التجمعات السكانية الكبيرة داخل (إسرائيل)، حيث أن السيطرة على الضفة الغربية يمنح (إسرائيل) فرصة للاستعداد وأخذ الاحتياطات الأمنية في حال تعرضت لحرب مفاجأة . ومن أجل دب الذعر في صفوف (الإسرائيليين)، فإن إيتنغر يحذر من أن نتائج الحروب العربية (الإسرائيلية) التي ستندلع بعد الثورات العربية ستكون أكثر خطورة من نتائج حرب عام 1973، في حال انسحب الجيش (الإسرائيلي) من الضفة الغربية، مشيراً إلى أن (إسرائيل) ستكون في هذه الحالة مجردة من أي عمق استراتيجي . ولا يفوت إيتنجر التحذير من إن وصول الإسلاميين سيجعل (إسرائيل) في مواجهة تداعيات اجتماعية وديمغرافية خطيرة جداً، حيث يزعم أن وصول الإسلاميين للحكم يعني أنهم سيحرصون على تدفق المهاجرين الأفارقة عبر الحدود بين (إسرائيل) ومصر.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا كان اليمين  تحديداً أكثر التيارات السياسية في (إسرائيل) التي حرصت على توظيف فوز مرسي في التحريض على الثورات العربية من خلال التحذير من مآلات سيطرة الإسلاميين على الحكم في أعقابها؟.

 لقد انبرى للإجابة على هذا التساؤل البرفسور أودي زومر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة (تل أبيب). ويرى زومر أن أحد أهم الأسباب وراء حالة الصدمة التي اجتاحت التيارات السياسية المختلفة في (إسرائيل)، وعلى وجه الخصوص اليمين، في أعقاب الثورات العربية وتوسعها في التعبير عن الخشية من فوز الإسلاميين يعود إلى الفرضية التي حكمت التفكير الاستراتيجي (الإسرائيلي) على مدى عقود من الزمان والقائلة: أن الأوضاع الداخلية في العالم العربي غير مرشحة للتغيير، وبالتالي بإمكان (إسرائيل) التشبث بمواقفها التقليدية من الصراع دون أن تخشى ردة فعل عربية جادة .

 ويصل زومر إلى استنتاج بالغ الأهمية عندما يقول أن هذه الفرضية هي التي ضمنت في النهاية انزياح المجتمع (الإسرائيلي) نحو التطرف واليمين، على اعتبار أن الرأي العام (الإسرائيلي) لم يلمس أن تبني المواقف المتطرفة قد اقترن بخسارة (إسرائيل) الكثير في مواجهتها مع العالم العربي؛ فهو يرى أنه لم يكن بالإمكان أن تكون شخصية ذات قدرات محدودة، مثل وزير الخارجية الحالي أفيغدور ليبرمان مرشحاً محتملاً لرئاسة الوزراء لولا تشرب الرأي العام هذه الفرضية، ولولا سيادة هذا الانطباع . من هنا فإن اليمين (الإسرائيلي) يخشى أن يفضي إدراك الجمهور (الإسرائيلي) للمخاطر التي تنطوي عليها التحولات في العالم العربي إلى انفضاض مزيد من القطاعات السكانية عنه. وهذا ما يفسر الحساسية التي نظرت بها النخب اليمينية للثورات العربية، وجعلها تحاول بث الذعر عبر التحذير من مخاطر وصول الإسلاميين للحكم، هذا من جانب، ومن جانب محاولة إقناع الجمهور (الإسرائيلي) أن الواقع الجديد الذي طرأ في العالم العربي يتطلب اتخاذ سياسات متشددة وحاسمة، لا يمكن أن يبلورها إلا اليمين. لقد حاول اليمين (الإسرائيلي) دوما تكريس انطباع مفاده إن سياساته هي التي تصلح فقط للتعامل مع العرب، وقد وجد هذا الانطباع أوضح تجسيد له في الحملات الانتخابية لحزب الليكود اليمين الحاكم، إذ أن هذا الحزب دأب على رفع شعار: " فقط الليكود يستطيع ".

ويستدل مما تقدم أن الحساسية التي يبديها اليمين (الإسرائيلي) تجاه الثورات العربية مرتبطة بشكل أساساً بقلقه على تماسك تصوره الأيدلوجي من الصراع مع العرب في أعقاب تفجر الثورات العربية، وخشيته من تقلص حجم التأييد الشعبي له، وبالتالي فهو بات يحاول جاهداً التدليل على أن مجرد اندلاع الثورات العربية يشكل دليلاً على صوابية مواقفه من الصراع، وذلك عبر محاولة بث الفزع من تمكن الإسلاميين من السيطرة على مقاليد الأمور في أعقاب اندلاع هذه الثورات.

من هنا يمكن القول إن (إسرائيل) تحت قيادة اليمين (الإسرائيلي) ستزيد من تشددها إزاء مشاريع التسوية التي تطرح لحل الصراع في أعقاب فوز مرسي.

اخبار ذات صلة