قالت وكالة "الأسوشيتد برس" في تقرير صدر لها اليوم الأحد، إن الجندي (الإسرائيلي) الذي خرج في صفقة وفاء الأحرار (جلعاد شاليط) ما يزال لغزاً حتى بعد تسعة أشهر من إطلاق سراحه وانخراطه بكتابة عمود رياضي في أكبر صحف (إسرائيل)، يديعوت احرونوت.
فالجندي الذي أمضى، خمسة أعوام ونصف العام في قبضة الأسر لدى حماس يمتنع حتى اللحظة عن إعطاء المقابلات ولا يشارك سوى بتفاصيل قليلة في الإعلام.
وتتابع الوكالة في تقريرها الذي نشرته صحف عالمية عدة، كيف أن المراهق ذو الخمسة والعشرين عاما، والذي كان مرهفاً، عديم الشخصية، قد تحول إلى أحد المشاهير بسبب الحملة الوطنية التي نظمت من أجله.
ورغم أنه ما زال يتمتع بدعم شعبي واسع النطاق، إلا أن بعض الإسرائيليين بدأوا في التساؤل: هل تم تحويل محنته المأساوية إلى " بطل لا لزوم له؟".
ورغم أنه أصبح كاتباً لعمود رياضي بصحيفة رفيعة المستوى كـ(يديعوت أحرونوت)، مسافراً ليحضر نهائيات الدوري الاميركي للمحترفين لكرة السلة، وبطولة كأس الامم الاوروبية 2012 لكرة القدم، إلا أنه لا يتمتع بأي خبرة رياضية، وأن السبب هو إسمه فقط، الذي اكتسب شهرة، غير ضرورية، كما يرى (شلومو مان)، وهو ناقد رياضي في موقع (العين السابعة) على الانترنت، الذي سلط الضوء بشكل بارز على العمود، "هو اسمه فقط، فالعمود لا يحتوي على أي قيمة رياضية، وتحليله لم يكن مثيرا للاهتمام أبداً". وفق قوله.
وحول كيف أن شاليط صنعه إسمه، تقول "الأسوشيتد برس": "أصبح شاليط مواطنا فخريا في كل من باريس، وروما، وميامي، ونيو أورليانز، وبالتيمور، وبيتسبرغ، الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي احتفى بشكل رسمي بشاليط –الذي يحمل الجنسية الفرنسية- في قصر الاليزيه".
ناهيك أن "شهرة اسم شاليط" لم تصب فقط جلعاد وحده، فوالده الذي قاد الحملة الإعلامية لابنه، أعلن قبل عدة أسابيع أنه قرر دخول غمار السياسة، وسيرشح نفسه في حزب العمل، حتى شقيق جلعاد الأكبر يوئيل قد تعرف على صديقته في إحدى فعاليات حملة شقيقه، حيث كانت إحدى الناشطات البارزات، وأنباء زفافهما تصدرت عناوين الصحف (الإسرائيلية).
وعلى الجانب الآخر في (إسرائيل)، هناك من يكره مجرد ذكر اسم جلعاد، وتذكر "الأسوشيتد" مثالا على ذلك، (رون كيرمان)، الذي قتلت ابنته (تال) في عملية استشهادية، عام 2003، الذي يطلب من شاليط أن يكون "أكثر ذوقاً" بعدم ظهوره العلني المبالغ فيه.
ويتساءل كيرمان: "أنا لا أفهم كيف يمكنكم جعل جندي حُرر بسببه الكثير من القتلة رمزاً وطنياً؟، بدلاً من أن تضعوا هذا الفصل من حياة (إسرائيل) في زاوية مظلمة قليلاً ... إنهم يحولونه إلى بطل".
وأضاف: "لا يهمني شاليط، ولا أريد أن أسمع عنه.. في كل مرة أسمع اسمه فإنه يعيد فتح جروحي كلها".
وكان شاليط قد وقع في قبضة المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة، في عملية عسكرية نوعية أطلق عليها اسم "الوهم المتبدد".
وقد خضعت (إسرائيل) لشروط المقاومة عندما أفرجت عن 1027 أسيراً فلسطينياً من ذوي الأحكام العالية ورفع الحصار عن غزة مقابل إطلاق سراح شاليط حياً، بعد مفاوضات عسيرة برعاية المخابرات المصرية، وسميت الصفقة حينها بـ "صفقة وفاء الأحرار".
وكانت كتائب القسام فاجأت العالم بإصدارها لأول مرة شريط فيديو مصور يظهر فيه الجندي جلعاد شاليط لمدة دقيقتين مرتدياً الزي العسكري وحاملاً جريدة إخبارية فلسطينية بتاريخ ١٤ سبتمبر ٢٠٠٩ وتحدث بالعبرية مخاطباً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو بالموافقة على شروط حماس وتأمين الإفراج عنه في أسرع وقت ممكن.
وأكد شاليط وقتها بأن وضعه جيد وأن كتائب القسام تعامله معاملة ممتازة.
وعبرت صحف إسرائيلية عن امتعاضها لنجاح هذه الصفقة، فكتبت يديعوت أحرونوت "دولة لم تتمكن على مدى خمس سنوات من تخليص جندي من الأسر بوسائل أخرى، لا يمكنها إلا أن تدفع الثمن".
ونظيرتها صحيفة معاريف قالت: "هذه الصفقة هي انتصار هائل لحماس"، وهآرتس هي الأخرى كتبت: "من المتوقع لحماس أن تستخلص ربحاً سياسياً فورياً من إتمام الصفقة، وستقود احتفالات تحرير 1027 سجيناً، ثمناً غير مسبوق في تاريخ صفقات الأسرى لإسرائيل".