قائد الطوفان قائد الطوفان

على ضوء الإطاحة بحلفائها

هل يسقط (الربيع العربي) أوراق السلطة ؟!

محمود عباس وحسني مبارك -ارشيف
محمود عباس وحسني مبارك -ارشيف

غزة - لمراسلنا

مذ بدأت رؤوس الأنظمة العربية تتهاوى تحت وطأة (الربيع العربي) والسلطة الفلسطينية تترنح على حبال التغيير أملا بأن تشكل نتائج الحراك الشبابي رافعة للقضية وداعمة للسلطة في آن واحد مع خشيتها في الوقت نفسه من تصاعد دور الإسلاميين.

وليس بمقدور السلطة أن تقف منفردة أمام الابتزازات الصهيونية والأمريكية دون وجود حلفاء عرب داعمين بالمال قبل الموقف، ولكن الإطاحة بحلفائها سيجعلها أكثر عرضة للانصهار أمام التهديدات الخارجية.

ولا شيء أثقل على كاهل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من أن يرى أربعة من حلفائه العرب (زين العابدين بن علي، وحسني مبارك، ومعمر القذافي، وعلي عبدالله صالح) قد أطاحت بهم شعوبهم، وأفرزت قيادات إسلامية جديدة بدلا عنهم.

واستدراكا للحالة زار عباس كلا من "تونس وليبيا"، وصرح من داخل البلدين أن نتيجة الثورات العربية ستكون حتما في مصلحة القضية الفلسطينية، "لأن فلسطين في قلب كل الشعوب العربية"، معتبرا أن صعود القوى الإسلامية إلى الحكم في البلدان العربية التي شهدت ثورات سيكون له بالتأكيد تأثير على مستقبل القضية الفلسطينية.

هذا الاهتمام بالتقاء الرؤساء "الملتحين" دليل واضح على محاولة رئيس السلطة كسب تأييد وتعاطف من الإسلاميين بعدما خسر أعوانه العلمانيين في ظل (الربيع) القائم.

مغازلة (أبو مازن) لأنظمة الحكم المتشكلة من رحم الثورات العربية في كل من تونس وليبيا التي هيمن "الإسلاميون" فيهما على نتائجها وانتخاباتها التشريعية يصفها الكاتب والباحث الفلسطيني هشام منوّر بأنها توضح حجم مخاوف السلطة المتعاظمة من انعكاس فوز "الإسلاميين" في بلدان الربيع العربي على موقع حركة حماس.

ويرجح منوّر أن يتنامى موقف حركة حماس على ضوء الربيع العربي الذي ما يزال مشتعلا في "سوريا"، متوقعا أن يتوج الربيع "حماس" على هرم المنظومة الفلسطينية.

وتبدو أوراق اللعب التي يملكها "عباس" في ظل موجة المتغيرات الحاصلة عربيا محروقة أمام "إسرائيل" وأمريكا خاصة في ظل غياب الحلفاء وضيق الأفق السياسي وانحسار الخيارات داخل أروقة "المفاوضات" رغم استمرار الاحتلال في سياسات التهويد والاستيطان ورسم شوارع القدس وفقا لخرائط وضعها (أصحاب القبعات السوداء) من المتطرفين اليهود.

ويحاول عباس الواقع في أزمات مالية وسياسية على ضوء انشغال القادة الاسلاميين الجدد بترتيب بيوتهم الداخلية أن يستنجد بمن تبقى من مكونات الرباعية العربية (السعودية، والأردن) لغرض استعراض الحالة الفلسطينية وتعقيداتها من جهة، وطلبا للدعم والمساندة من جهة ثانية. 

وخلال زيارة لأبي مازن مطلع الأسبوع الحالي إلى السعودية طالب فيها الملك عبد الله بن عبد العزيز بمساعدة السلطة التي تراكمت على كاهلها ديون بقيمة 1.5 مليار دولار.

وقدرت مصادر مطلعة الاحتياجات الملحة للسلطة لتجاوز الأزمة الحالية بحوالي 500 مليون دولار، وذلك في ظل عجزها عن الإيفاء بتسديد رواتب موظفيها.

ويعيب الكاتب منوّر على السلطة التأثر بالتحولات في المواقع والملفات سلبيا أو إيجابيا، قائلا: "من المفترض أن تكون فلسطين رافعة للعمل العربي والإسلامي، وأن يكون الاقتراب من ملفها بوصلة قياس لمدى صواب أي حكومة أو نظام سياسي بدلا من أن تكون فلسطين "مطية" أو "ذريعة" لتبرير أي ممارسات سياسية باسم الدفاع عن فلسطين والفلسطينيين".

ورجح منوّر في الوقت نفسه أن يجري الانتقال "السلس" للمواقع في المشهد السياسي الفلسطيني بناء على التحولات الجارية في المنطقة العربية، "التي باتت مهيأة لاستقبال (زمن الإسلاميين)، بمعنى أن يسحب الربيع العربي البساط من تحت أقدام السلطة ويسهم في تصدر حركة حماس المشهد السياسي".

وليست السلطة وحدها من يتخوف من صعود "الإسلاميين" في الوطن العربي، فحلفاؤها الداخليون هم أيضا لا تروق لهم رغبة الشعوب العربية في اختيار ممثليها الحقيقيين عبر انتخابات نزيهة.

وتعقيبا على تأثيرات "الربيع العربي" على مستقبل القضية الفلسطينية قال الأمين العام للجبهة الديمقراطية نايف حواتمة: "لا نريد أن ينتهي هذا الربيع إلى "ربيع سلفي" أو ربيع التخلف التاريخي"، معللا: "الشعوب الفعالة تريد التقدم لا العودة إلى إقطاعات القرون الوسطى"، وفق وصفه.

واستنكر حواتمة في تصريحات صحافية التعهدات التي تطلقها بعض الحركات الإسلامية المصرية بعدم المساس بمعاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية 1979، واتفاقية كامب ديفيد، وحول احترام الاتفاقات الدولية.

حركة حماس التي تمثل امتدادا لجماعة الإخوان المسلمون ترى في المقابل أن الربيع العربي سيحمل الخير الوفير للقضية الفلسطينية عبر دعم الصمود الفلسطيني في الأراضي المحتلة.

وعبرت الحركة في أكثر من محفل عن تفاؤلها بالتغييرات التي أحدثتها الثورات العربية والإطاحة بحلفاء "إسرائيل" في المنطقة، "مما له بالغ الأثر على القضية الفلسطينية".

ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن الثورات العربية أحرجت الولايات المتحدة وهزت حلفاءها في المنطقة، موضحا أن توالي تساقط الأنظمة الموالية للاحتلال فاجأ الكيان، "لأنه فقد من كان يواليه ويحمي ذاته".

وقال الصواف: "نجاح الثورات العربية في إسقاط أنظمة دكتاتورية وتوجيه البوصلة نحو فلسطين لا يعني أنها -الثورات- جاهزة الآن لمرحلة التحرير، لأن ذلك يحتاج لكثير من الوقت لإنهاء حقبة زعماء حافظوا على بقاء الكيان منذ عشرات السنين".

ويجب ألا نغفل عن تنامي الجرأة في الأوساط الإعلامية الفلسطينية باعتبارها واحدة من أبرز تأثيرات "الربيع" على الواقع الفلسطيني، فقد وصلت الحرية إلى أقلام بعض الصحافيين ممن تشربوا روح الثورات.

وتشير صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إلى أن هناك رغبة قوية لدى البعض في السلطة الفلسطينية لقمع هذه الروح، وذلك على ضوء السخط الشعبي الحاصل وقمع الحريات واستمرار الاعتقال السياسي.

وقالت الصحيفة في تقرير لها إنه وبأوامر من النائب العام أحمد المغني حاولت السلطة إغلاق عدد من المواقع على شبكة الإنترنت في وجه الفلسطينيين، "وقال المسؤولون إنها مواقع تدعم محمد دحلان الرئيس السابق بجهاز الأمن الوقائي في غزة، واعتقل كذلك صحافيون وجرى الاستيلاء على حواسيبهم من أجل استجوابهم لمجرد نشر تعليقات على الفيس بوك لا تدعم توجهات السلطة".

البث المباشر