قائمة الموقع

إعمار غزة.. "ترقيع" أم تعمير ؟!

2012-07-21T07:15:01+03:00
إعمار غزة
الرسالة نت - لمراسلنا

"لأن الحاجة أم الاختراع".. ذهب الفلسطينيون لإعادة إعمار مبانيهم ومنشآتهم المدمرة بفعل آلة الحرب (الإسرائيلية) عام 2008-2009، وذلك بالطوب، وأخرون طحنوا الركام واعادوا استخدامه، في تحد واضح للاحتلال الذي عمل على احباط محاولات إعادة إعمار القطاع لسنوات.

واستطاع الفلسطينيون أن يتغلبوا على الدمار بتشييد مبان من الطين إلى أن تمكنوا من تهريب مكونات الخرسانة عبر "الأنفاق" وشيدوا أكثر من 90% من مجمل المنشآت المتضررة كليا والبالغ عددها 3407 منشآت.

ويبدو جليا أن محاولات الإعمار هذه لم تخرج عن سياق مساعي الحكومة في غزة لإنهاء معاناة سكان القطاع من متضرري الحرب في حين تغيبت الجهود العربية المتمثلة في "الدعم المالي" ومساعي فتح المعابر التجارية مع غزة لتزويدها بمواد البناء وملحقاتها.

ولأن الإعمار لم يأخذ وضعه الطبيعي بدا التشييد في غزة "ترقيعيا" من وجهة نظر مراقبين، وخاصة أن اتحاد المقاولين الفلسطينيين حذر من انهيار المباني التي شيدت في القطاع باستخدام مواد البناء المهربة من الأنفاق.

رئيس اتحاد المقاولين أسامة كحيل طالب في وقت سابق الجهات الرسمية بغزة بعمل واجباتها وفحص كل المباني التي شيدها الأهالي بعد الحصار، "والتي لم تخضع لفحوص مخبرية خاصة فيما يتعلق بالخرسانة من أجل التأكد من سلامتها".

واتهمت مصادر حكومية مطلعة -في سياق حديثها لـ"الرسالة نت"- الجهات الرسمية القائمة على قطاع الإنشاءات في غزة بالتقصير في متابعة المواد المهربة إلى القطاع والإشراف على آليات فحص الخرسانة المستخدمة في البناء.

في غضون ذلك قال أبو جهاد وهو مقاول بناء: "صحيح أن جودة الإسمنت المستخدم في البناء لم ترتق لجودة الإسمنت (الإسرائيلي)، ولكنه يؤدي الغرض"، مشيرا إلى أنه لا تتوفر بدائل أمام أصحاب المنشآت.

التشكيك في جودة مواد البناء الواردة عبر الأنفاق من أجل الإعمار دحضته وزارة الأشغال العامة والإسكان بالقول: "لا صحة لتلك التصريحات لأنها جاءت من باب الضغط من أجل التعجيل بفتح المعابر"، مطمئنة المواطنين الذين شيدوا منازل جديدة.

ورفض ناجي سرحان -وكيل الوزارة المساعد- بدوره وصف الإعمار الذي حصل في القطاع بـ"الترقيعي"، قائلا إنه إعمار إغاثي للمساكن على ضوء الحصار القائم.

وأقر لـ"الرسالة نت " بأن حركة البناء المشهودة في القطاع لم تأخذ الشكل الرسمي من حيث انسياب دخول مواد إعادة الإعمار وفتح المعابر التجارية أمامها، ولكنه وصف الجهود المبذولة لإعادة ترميم ما دمره الاحتلال بـ"الجيدة".

وقال سرحان: "الإعمار ترقيعي من ناحية الإجراءات المتعلقة بإدخال مواد البناء، ولكن لا يمكن وصف تشييد المنشآت الحاصل في القطاع بأنه (ترقيعي)"، موضحا: "في بدايات الإعمار كانت محاولات الإعمار ترقيعية للتغلب على أعباء الحياة وانتقلت للترميم إلى أن وصلنا لإنشاء مبان، ولكننا لم نصل بعد إلى الوضع الطبيعي".

وتعهدت أكثر من 73 دولة ومؤسسة في مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد في مارس 2009 بالتبرع بـحوالي 5 مليارات دولار لإعمار ما خلفته آلة الحرب (الاسرائيلية) خلال حربها على غزة، ولكنها لم تفِ بوعودها.

وعلى ضوء خيبة الأمل التي مني بها الفلسطينيين بغزة عبرت حركة حماس عن استيائها من توظيف المؤتمر سياسيا بناء على ما وصفته بأنه "ابتزاز" لها.

وقالت مصادر مطلعة في الحركة لـ"الرسالة نت" إن المؤتمر افتقد منذ لحظة انعقاده قبل ثلاث سنوات إلى القرارات العملية والفعلية لإنهاء معاناة قطاع غزة بفك الحصار وفتح المعابر، معتبرة أن قضية الإعمار إنسانية وأخلاقية بحتة، "وتُلزم الجميع بالمشاركة فيها والعمل على إنجازها".

وأضافت: "عدة أطراف حاولت توظيف أموال الإعمار توظيفا سياسيـًّا، واستغلال حاجة الناس لانتزاع المواقف وابتزاز "حماس"، ولكنهم أخفقوا في تحقيق مبتغاهم".

وما تزال معظم المنشآت الحكومية والمقرات الأمنية المدمرة بفعل الحرب على حالها في حين أن "الأشغال" أكدت أن معظم المباني السكنية المهدمة قد أعيد بناؤها.

ويرجع سرحان تعطل إعمار المؤسسات الحكومية والمصانع وإعادة ترميم البنى التحتية إلى توجه البنك الإسلامي للتنمية وغيره من الجهات الممولة لمشاريع الإعمار نحو الإعمار الإغاثي المتعلق بالمساكن.

وقال سرحان: "نحن غير راضين عن الوضع القائم لأن هناك قطاعات لم تزل معلقة كقطاعات الطرق والبنية التحتية والمؤسسات الحكومية، ولم تشهد إعمارا بفعل استمرار الحصار المفروض على القطاع".

وفي ظل مساعيها لاستكمال عملية الإعمار قالت الحكومة في غزة على لسان رئيس الوزراء إسماعيل هنية إن دولة قطر ستتبرع بعد عيد الفطر بـ250 مليون دولار لإعادة الإعمار، مشيرا إلى أن جهود إعمار القطاع سائرة على قدم وساق.

ويخطئ من يعتقد أن وصول أموال الإعمار وحدها ستحل الأزمة القائمة، فهناك حصار ما يزال يأسر غزة ويحكم قبضته على المعابر التجارية ويتحكم بكل ذرة حصى تشق طريقها إليها، لهذا فالحالة تتطلب مزيدا من الضغط العربي لإنهاء الحصار وتسهيل الإعمار.

اخبار ذات صلة