عاد رئيس الوزراء إسماعيل هنية إلى قطاع غزة عقب زيارة إلى جمهورية مصر العربية استمرت أربعة أيام التقى فيها الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، وحمل معه آمالا عريضة ومطالب حياتية للفلسطينيين في قطاع غزة. ورغم أهمية الزيارة في تعزيز العلاقات المصرية الفلسطينية إلا أن مخرجات اللقاء بخصوص قطاع غزة ليست بقدر آمال الفلسطينيين من الزيارة.
هذا لا يعني أن الزيارة فاشلة أو أنها لم تحقق أهدافها ولكنها لم تكن بمستوى توقعات المواطن الفلسطيني وإن شكلت مرحلة جديدة في التعاون بين الجانبين المصري والفلسطيني وبداية لمعالجة السلبيات التي تراكمت على مدى عشرات السنوات من النظام السابق والتي تعاملت مع الفلسطينيين على أنهم شر يجب الوقاية منه حتى لو كان بطرق غير إنسانية تحط من كرامة المواطن الفلسطيني المضطر بقبول تلك الطريقة في التعامل لأنه لا مفر له من عبور مصر وصولا إلى العالم الخارجي كون كثير من مصالح المواطنين مرتبطة بهذا الخارج والذي شكلت مصر بوابته إليه.
نتائج الزيارة متواضعة في الواقع الملموس أو على الأقل في المعلن منها، وقد يكون هناك قضايا وأمور تم التوافق عليها غير معلنة لأسباب سياسية كثيرة اقلها عدم الاستقرار الداخلي والعبء الثقيل الذي ورثه مرسي من النظام السابق والعقبات الكئود التي توضع أمام الرئاسة من قبل الرافضين لنتائج الانتخابات من علمانيين ويساريين ومثقفين وكتاب صحفيين إضافة إلى جهات كثيرة داخلية وخارجية.
ما اتفق عليه هنية مع الرئيس المصري من فتح المعبر لمدة اثنتي عشرة ساعة في اليوم وتسهيل مرور ألف وخمسمائة مواطن خلال فتح المعبر قد تصطدم بعقبات بيروقراطية أو لا تتوافق ورؤية الأجهزة الأمنية المصرية المسيطرة على المعبر والتي من السهل أن تقوم بتعطيل القرار الرئاسة بالتسهيل على المواطنين خلال عبورهم معبر رفح الدولي، فقد يعمل المعبر على مدار الساعة؛ ولكن في نفس الوقت لن يمر منه ما يزيد عن خمسمائة مواطن والحجج والمبررات كثيرة ، لذلك علينا ألا نتوقع اكثر من الواقع الصعب الذي تعيش فيه الرئاسة المصرية من عدم السيطرة على أدوات تنفيذ سياساتها خاصة في الشق المتعلق بقطاع غزة، دليل ذلك أن المخابرات المصرية لحظة خروج هنية من قطاع غزة إلى مصر وبصحبته طاقم من الإعلاميين الفلسطينيين الذي سمحت لهم المخابرات المصرية بالدخول وبمرافقة هنية خلال زيارته قامت بمنع دخول أي صحفي بعد أن تلقت طلبا من قيادات من حركة فتح بعدم السماح للصحفيين بمرافقة هنية خلال زيارته حتى لا تأخذ الزيارة البعد الإعلامي الكبير الذي سيدعم شعبية هنية وحماس والحكومة.
ومما تحدثت عنه بعض وسائل الإعلام من تفاهمات جرت بين هنية ومرسي في موضوع الكهرباء هي تفاهمات قديمة تم التأكيد عليها خلال الزيارة ، هذه التفاهمات القديمة والتي عطلت برسم الأجهزة الأمنية وقد تعطلها أيضا بعد الاتفاق أو تماطل فيها وتعيقها لأسباب كثيرة ، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالربط الثماني للكهرباء أو تزويد محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة بالغاز المصري للتشغيل، وحتى إدخال السولار القطري قد يعطل أيضا بفعل نفس الأجهزة أو بالتوافق مع الاحتلال (الإسرائيلي) والمبرر جاهز وهو أن قدرة المعبر الاستيعابية محدودة ولا تقدر على إدخال عشرة سيارات بدلا من الستة التي يسمح لها بالدخول.
أقول هذا القول ليس من باب الإحباط أو التشاؤم؛ ولكن من باب الحذر مما قد يحدث في المستقبل، فقد لا يكون ما تحدثت به، وقد تلتزم الأجهزة الأمنية المصرية بما قرره الرئيس المصري وهذا وارد جدا وقد نجد انفراجة حقيقية فيما تم الاتفاق عليه ؛ ولكن علينا ألا نصدم لو لم يحدث من ذلك شيء ، والا نحبط لأن المتحكم حتى اللحظة في تنفيذ القرارات هي العقلية القديمة التي طبقت الحصار على قطاع غزة زمن المخلوع مبارك والتي لازالت تعمل بنفس الأوامر دون أدنى تغيير.
ورغم كل ذلك نعتقد أن زيارة هنية لها ما بعدها وقد نلمس كثيرا من القضايا قد حلت ولكن دون الإعلان عن ذلك عبر وسائل الإعلام ونجدها واقعا ملموسا على الأرض دون ضجيج لأسباب أمنية وسياسية مختلفة يدركها الطرفان الفلسطيني والمصري.