بعد أن وصلت أصوات المطالبين الصهاينة بهدم المسجد الأقصى إلى الكنيست الصهيوني، وبعد أن جهز المتطرفون الصهاينة كل ما يلزم لإقامة (الهيكل) المزعوم في مكان المسجد الأقصى، فإن مسألة نسف المسجد وتهديمه لم تعد بالأمر المستحيل كما نرى.
فحكومة نتنياهو تسمح للصهاينة بانتهاك حرمة الأقصى، وعادة ما يرافقهم أفراد جيش العدو للحماية داخل المسجد. بالتالي فإن السؤال المفترض يجد كثيراً من مبرراته بقراءة موضوعية هادئة لمجمل سلوك العدو الصهيوني في فلسطين عامة وفي القدس خاصة. والسؤال هو: ماذا لو دمروا المسجد أو حتى نسفوه؟
في تقديرنا أن ردة الفعل الأولى ستكون شعبية فلسطينية، في داخل الوطن المحتل كما في الشتات. كما أن المؤكد قيام تظاهرات شعبية في الوطن العربي ربما تكون صاخبة وكبيرة. وليس مستغرباً أن تشهد شوارع مدن أوروبا والعالم الإسلامي مظاهرات كبيرة استنكارية وقد تمتد لأيام عديدة.
ماذا عن ردود الأفعال الرسمية العربية والإسلامية؟ ماذا عن جامعة الدول العربية؟ وماذا عن منظمة المؤتمر الإسلامي؟ بل ماذا عن الفصائل الفلسطينية عامة؟
ما قد يحدث هو الدعوة لاجتماع عاجل لمجلس الجامعة يخرج بنتيجة مفادها دعوة فورية لعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي. وهناك سوف يواجه الفلسطينيون والعرب والمسلمون الفيتو الأميركي ضد أي مشروع قرار قد يحمل رفضاً أو إدانة للجريمة الصهيونية.
وربما يذهب العرب بعد ذلك إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ويحصلون على قرار إدانة ولكنه غير ملزم. ولكن الفعل - الجريمة تكون قد أصبحت أمراً واقعاً. والمؤلم أن العرب المنهمكين اليوم في (ربيعهم العجيب) لن يتجرأوا على إعلان حرب ضد العدو الصهيوني، كما أنهم لن يفعلوا أكثر من الاستنكار والصراخ والشجب والإدانة. لماذا لا يعلنون الحرب على المحتلين؟ ببساطة (هم ليسوا مستعدين لمثل تلك الحرب)، وأوضاعهم الذاتية لا تساعدهم كما أن سياساتهم التي تعد أميركا صديقاً لهم لن تسمح لا بقطع النفط ولا حتى بقطع العلاقات مع العدو الصهيو - أميركي.
في أفضل الأحوال ستكون ردود الفعل الفلسطينية والعربية المقاومة هي إمطار الكيان الصهيوني بالصواريخ ـ ربما من غزة ومن جنوب لبنان ـ ولفترة محدودة. إلا إذا عمد العدو إلى شن حرب على جبهتي جنوب لبنان والقطاع. أما في الضفة الغربية فليس يعقل أن تكون الصدور العارية إلا من الإيمان قادرة على فعل ما ينبغي وإيقاف السيل الصهيوني الجارف لتهويد الأرض وإقامة (الهيكل) المزعوم.
السؤال الافتراضي هذا هل فكر فيه العرب المنهمكون في البحث عن كيفية إيصال ربيعهم إلى سوريا ولو بالباراشوتات؟ هل فكروا لحظة واحدة في رد الفعل المنطقي على مثل هذه الجريمة الصهيونية المحتمل وقوعها في أي يوم قادم؟
وهل الرد الشعبي والتنظيمي الفلسطيني سيردع العدو؟ وهل الصواريخ الفلسطينية أو اللبنانية ستكون كافية لردع العدو وإعادة المسجد إلى أهله العرب والمسلمين في أنحاء الأرض؟
لا تقولوا إنه سؤال اعتباطي وفرضية مستحيلة.. بل قولوا ماذا أعددنا لمواجهة جريمة كبرى كهذه؟
*كاتب فلسطيني
nawafabulhaija@yahoo.com
صحيفة الوطن العمانية