في أروقة الموساد يطبخون السمّ لمصر الجديدة وغزة المحاصرة ! , هناك من يرى أن إسرائيل ضربت أكثر من عصفورين بحجر واحد على أرض سيناء .
إسرائيل من جهة أحدثت توتراً بين غزة ومصر بعد عملية سيناء وشرعت في سحب مصر نحو تنسيق أمني وبثت الكراهية في مصر نحو غزة .
الساسة الإسرائيليون يعتبرون أنهم يلعبون في "الحديقة الخلفية" فسيناء آمنة لهم يدخلونها دون خيار مصري ويلعبون في دهاليزها عبر الجواسيس والمهربين منذ 40 سنة مضت .
وكانت مجموعة من المسلحين المجهولين شنت هجوما مساء الأحد الماضي على نقطتين للجيش المصري فقتلت 16 وأصابت 7 آخرين واستولت على مدرعتين قبل أن يقصفها الجيش الإسرائيلي بحجة محاولة اقتحام أراضيه.
تذكرنا عملية سيناء بما عرف سنة 1954م بـ"فضيحة لافون" أو عملية "سوزانا" حين جندت إسرائيل جواسيس وعملاء مخابرات استهدفوا الأمن المصري بعمليات طالت مؤسسات أمريكية وبريطانية و مصرية.
واكتشفت يومها القضية التي كانت في عهد وزير الحرب الإسرائيلي بنحاس لافون-المستقيل لاحقاً- وتبيّنت خيوط اللعبة التي جرت بغاية التخريب والتجسس .
الموساد هو المسئول
التوقيت والأسلوب والوسيلة لا نجدها مجتمعة أو متفرقة في قاموس مقاومة الاحتلال وإلا لكانت العناصر الثلاثة سابقة الذكر بملامح مختلفة.
ويفسر الباحث في الشئون الإسرائيلية ناجي البطة أن عملية سيناء هي عملية أمنية إسرائيلية معقدة بامتياز تمت بواسطة "الموساد" لتجنيد أشخاص عبر نقاط ميّتة .
ويضيف:"تشبه عملية سيناء عملية "سوزانا" أو "فضيحة لافون" في أغسطس 1954 التي نفذها عملاء الموساد فالهدف اليوم كما بالأمس إرباك الساحة المصرية تزامناً مع هجوم إعلامي مصري كبير" .
أما الباحث في الشئون الإسرائيلية محمد مصلح فيؤكد أن الحادثة لم تكن مفاجئة فقد سبقها من أيام تحذيرات إسرائيلية للسياح الإسرائيليين تدعوهم للخروج من سيناء ما يدل على خيوط استخبارية .
ويضيف:"تسعى إسرائيل لإرباك المنطقة وإجبار مصر على ملاحقة جماعات متطرفة بعد القلق من تقارب غزة بمصر عقب استقبال مرسي لهنية كما أن هناك ضغوط داخل مصر مناهضة لتوجه الرئيس مرسي" .
أما المحلل السياسي د.عبد الستار قاسم فيرى أنه من المبكر الحكم على كامل القصة فذلك يتطلب تحقيق واسع .
ويضيف:"سواء كانت إسرائيل خلف العملية أو مجموعات ترى نفسها مجسّدة للحقيقة فكلاهما خطر على الأمة العربية والإسلامية" .
ويقول إن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من العملية فهي ستأخذ ذريعة لتشديد حصار غزة وبث بذور الكراهية بين مصر والفلسطينيين ومن جهة أخرى ستحشر الرئيس المصري الجديد محمد مرسي في زاوية التنسيق معها والتمسك باتفاقية كامب ديفيد .
أما المحلل العسكري العميد متقاعد يوسف شرقاوي فيرى أن توقيت العملية جاء لضرب العلاقة الفلسطينية المصرية خاصةً بعد التقارب الأخير وفتح معبر رفح لمدة طويلة .
ويضيف:"لا يمكن نزع الخيوط الإسرائيلية لكن الحديث عن مزيد من التفاصيل يحتاج لمعرفة بقية التحقيقات في العملية".
ويتجه المحلل السياسي مصطفى الصواف نحو معادلة سياسية عندما يتحدث عن المسئول فيقول:"عندما نسأل من المسئول عن عملية سيناء لابد أن نعلم من المستفيد ؟! , فالمستفيد كما نعلم الاحتلال ليضر علاقة مصر بغزة" .
سيناريو العملية
ماذا يعني أن تحذر إسرائيل رعاياها قبل العملية بيومين ثم تمتلك كافة التفاصيل سلفاً وتنتظر المهاجمين بكامل الثقة فتدمر أحد العربات قبل وصولها للحدود والثانية على السلك الحدودي ؟!.
ثم ما هي المقاومة التي تستهدف إسرائيل فتقتل 16 وتصيب 7 مصريين ثم تسرق المدرعات لمهاجمة جيش مطمئن لقدرته على التفوق عليها .
وكانت العملية قد بدأت عندما هاجم مسلحون يقدر عددهم بين 8-10 حاجزاً مصرياً في منطقة "الماسورة" ثم استولوا على مدرعة وأطلقوا قذائف مضادة للدروع وقنابل على نقطتين للجيش المصري وتوجهوا للحدود الإسرائيلية فضربهم الاحتلال وقتل بعضهم داخل العربات .
ويشير المحلل قاسم أن إسرائيل سبق وقامت بمثل هذه العمليات على الساحة الفلسطينية عبر تجنيد شبان وزرع جواسيس يقودونهم لعمليات ثم يفجرونهم قبل الوصول للهدف .
ويتابع:"من هو العاقل الذي يركب مدرعة ليقتحم حدود إسرائيل ؟! هو لا يعرف شيء عن المقاومة !! ولدى الجيش الإسرائيلي إمكانات وقدرة هائلة على التدمير " .
أما المحلل البطة فيقول إن إسرائيل قد جندت هؤلاء ثم قصفت مركباتهم قرب الحدود معها لإخفاء أي معالم للجريمة.
ويتابع:"ماذا ستصنع هذه المدرعة أمام جيش إسرائيل المتأهب؟! الأقرب للواقع أن إسرائيل جندت مجموعة على عجل لتوتير العلاقة المصرية مع غزة ومنح مادة دسمة للإعلام المصري المتصهين" .
ويتوقع أن تتكشف تفاصيل عملية سيناء قريباً وسيعرف الشعب المصري المضلل عبر الإعلام مبكراً حقيقة ما حدث بأيدي إسرائيلية .
أما المحلل مصلح فيقول إن من نفذ العملية ليس على دراية بالعمل العسكري وأن سيناريو العملية يشير لاختراق امني من قبل إسرائيل التي تحاول تصدير أزمتها الداخلية للخارج .
ويضيف:"تعاني إسرائيل من ملفين الأول هو الإيراني وهو صعب عليهم وملف غزة-مصر وهو الأسهل لإحداث إرباك فلا يعقل أن يقتل عاقل مصرين بهذه الطريقة وحتى عسكرياً النتيجة محسومة.
ويقول إن إسرائيل ستواصل جهودها الاستخبارية وإعادة تفعيل أمنها عبر الجواسيس كما ستدفع الساسة للتعامل معها عبر التنسيق الأمني المشترك
سيناء والجماعات الإسلامية
في إسرائيل يحاولون الظهور كمن يقف مستعداً ويقرع الأجراس محذراً من التطرف لكنهم في الحقيقة يخشون التقارب بين غزة ومصر الذي دخل غلاف الواقع العملي .
وتتحدث بعض وسائل الإعلام استناداً لمعلومات استخبارية دولية وعربية أن قرابة 3000 مسلح من الجماعات المتطرفة يتحركون في سيناء بينما يزعم رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أفيف كوخافي وجود 10 تنظيمات متشددة في سيناء.
ويستبعد المحلل البطة رغبة إسرائيل في إنشاء منطقة عازلة لأن اتفاقية "كامب ديفيد" جعلت سيناء خاصة شمالها كلها آمنة لها وحددت نوع سلاح وعدد رصاصات حرس الحدود المصري .
ويذكر بما قاله وزير الحرب الإسرائيلي "وايزمان" سنة 1980 حين قال:"إذا تغير النظام في مصر فسنحتل سيناء خلال 8 ساعات" .
لم تعد في راحتي إسرائيل كافة خيوط الدمية لتحريكها أينما ووقتما شاءت فأصبح من الضرورة عمل شيء لاستعادة اللعبة .
وكانت الفترة الماضية قد شهدت عدة أحداث هاجم فيها مسلحون يعتقد أنهم من تنظيمات إسلامية متشددة الأمن المصري في سيناء الصحراوية التي من الصعب أحكام السيطرة عليها.
ويقول المحلل الصواف إن كافة أجهزة المخابرات في المنطقة تعلم أن هناك جماعات مسلحة تتدرب وتتمركز في سيناء وتشن هجمات ضد أهداف سياحية.
ويضيف:"المتابعة المصرية لتلك الجماعات لم تكن على مايرام وما وقع هو استمرار لعمليات سابقة فليست وليدة اللحظة وليست مرتبطة بما بعد الثورة في منطقة تنشط بها تجارة المخدرات والأسلحة حتى تهريب الأفارقة المتسللين لإسرائيل" .
ويتوقع حضور إسرائيل كلاعب أساسي في سيناء خاصة في ظل غياب السيطرة الأمنية المصرية وقد اعترف بعض العملاء سابقا في غزة أنهم تلقوا تدريبات في سيناء وجمعتهم لقاءات مع ضباط مخابرات إسرائيليين" .
أما المحلل العسكري شرقاوي فيرى أن إسرائيل قد تكون دبّرت الحادث لإظهار أن هناك مجموعات مسلحة وهي تقاتلها .
ويضيف:"يريدون أن يصنعوا من كامل المنطقة شرطياً أمنياً لحفظ أمنها وهم منزعجون من التغييرات الإستراتيجية في مصر فيريدون ابتزاز قيادة مصر الجديدة".
ومنحت عملية سيناء رزمة من وسائل الإعلام المصرية المعادية للرئيس مرسي وجبة دسمة للتشكيك والتشهير في مؤسسة رئاسية ناشئة لم تجد نفسها مضطرة للارتماء في حضن إسرائيل .