طوفان نحو التحرير طوفان نحو التحرير

مقال: التحرك العربي محكوم بالكنترول الأمريكي

مصطفى الصواف  

تحرك العرب بشكل مفاجئ، والتحرك ليس بدافع من مصلحة عربية أو فلسطينية، ولكن تحرك العرب برغبة أمريكية بعد تلقي إشارات التحرك من واشنطن للتسويق إلى أفكار أمريكية تحمل مسمى مشروع سلام في المنطقة، والغريب أن العرب لم يتحركوا ضد الجدار الفولاذي المصري الذي يخنق مليون ونصف مليون فلسطيني، وهل تحركوا من اجل ما يجري في اليمن من حرب أهلية؟، هل تحرك العرب والسودان يتعرض للتقسيم؟، هل تحرك العرب لوقف الحرب الطاحنة في الصومال؟، هل تحرك العرب لوقف الاستيطان في القدس وحفر الأنفاق فيها؟.

التحرك العربي تحرك مشبوه لأنه، أولا جاء بقرار أمريكي وليس نابعا من مصلحة عربية، التحرك العربي جاء لخدمة المصلحة الإسرائيلية ومحاولة لكسر الموقف الفلسطيني الذي أعلنه محمود عباس بأنه لن يعود إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة، أي أن أمريكا تطرح مفاوضات في ظل استمرار الاستيطان وتهويد القدس، دون أن يحمل المشروع الأمريكي جديدا يخدم مصالح الشعب الفلسطيني.

التحرك العربي الغامض والمبهم والذي جاء بناء على رغبة أمريكية دون أن يكون هناك أي استفسار من الجانب العربي، وكل ما لديهم أن هناك أفكارا أمريكية حول عملية السلام في المنطقة والمطلوب هو محاولة إقناع محمود عباس بالعدول عن موقفه، والدخول في جولة مفاوضات تستمر مدة عامين تنتهي في 2012 ، ويمكن عقبها أن تقام دولة فلسطينية، ما هي ملامح الدولة الفلسطينية؟، ما هي القضايا التي ستقدمها إسرائيل؟، خاصة أن الموقف الإسرائيلي الذي حمله نتنياهو إلى القاهرة لم يحمل تغيير في الموقف من القضايا الأساسية، وهي الاستيطان والذي يتسارع بوتيرة عالية وخاصة في محيط القدس، مدينة القدس خارج نطاق التفاوض، لأنها في زعم يهود أنها عاصمة دولتهم الأبدية، الشرط الإسرائيلي أن يكون هناك اعتراف فلسطيني وعربي بيهودية دولة إسرائيل.

أمام كل ذلك يقف محمود عباس أمام مشكلة مع نفسه ومع الشعب الفلسطيني، وخاصة في مصداقيته، وهو يريد من العرب أن يشكلوا له غطاء يمكن من خلاله التسرب نحو طاولة المفاوضات تحت حجة الرغبة العربية والموقف العربي، والإجماع العربي وجميعها مبررات للعودة إلى التفاوض بشكل أو بآخر، ولن يكون عباس فقط ضمن الوقوع في الفخ العربي وإن كان لديه ميول لفعل كل شيء من أجل عدم الظهور أمام أمريكا وأوروبا انه لا يريد التفاوض حتى لو كان هذا التفاوض من أجل التفاوض، كما كان في السنوات الماضية وفقا لكبير المفاوضين عريقات ( الحياة تفاوض).

هناك محاولة لجلب حركة حماس أيضا نحو الاستدراج إلى المربع السياسي، و المشروع الأمريكي الذي يروج له العرب، وهذا الاستقبال لوفد حماس في الدول العربية، السعودية والبحرين والخليج وقد تكون القاهرة محطة، وقد يستقبلهم مبارك نفسه وهي المرة الأولى ستكون، استقبال مشبوه ويهدف إلى ترويض حركة حماس، ولا أخفيكم سرا أن ما يراودني أن مصر سوف تفتح ورقة المصالحة التي أبقتها مغلقة فترة طويلة وترفض فتحها وتطالب بالتوقيع عليها دون نقاش لها، ولا استبعد أن تفتح الورقة وان تعدل وفق ملاحظات حماس أو اغلبها حتى يتم التوقيع على الورقة المصرية، والإيحاء بان المصالحة الفلسطينية على وشك التحقق، كل ذلك خدمة للأفكار الأمريكية، وهذا دليل واضح بان الموقف العربي موقف لا علاقة له بالمصالح العربية بقدر ما هو في خدمة السياسة الأمريكية ومصالحها في المنطقة.

كما أن الموضوع الإيراني ليس بعيدا عن التحرك العربي في تهيئة الأجواء وتبريدها، لان الإدارة الأمريكية تحضر لمرحلة جديدة في تعاملها مع الملف الإيراني تمهيدا لفرض الحصار، والذي يعد الخطوة الأولى نحو الحرب على إيران وصفقات الأسلحة التي قدمت إلى دول الرباعية العربية أو ما يسمى الاعتدال العربي ( مصر، الأردن، السعودية، الإمارات) وهذه الأسلحة المباعة لهذه الدول غير المعرضة لأي مخاطر على أمنها القومي وليست بحاجة إلى هذه الترسانة الجديدة لتضاف إلى ترسانتها القديمة؛ ولكنها تحضير لدول التحالف العربي الأمريكي الجديد بالإضافة إلى إسرائيل تشكل قاعدة عسكرية كبيرة لأمريكا في المنطقة ستنطلق منها أي عمليات عسكرية أمريكية ضد إيران، وهذا يردنا فورا إلى ما حدث قبل العدوان الأمريكية على العراق.

البث المباشر