قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: جريمة سيناء تستدعي استقصاء موضوعياً لا انفعالياً

رغم الحزن العميق على أرواح العسكريين المصريين الذين استشهدوا في سيناء، ورغم قناعتنا بحق الحكومة المصرية باتخاذ الإجراءات التي تضمن أمنها، فإننا نستغرب أن يقدم قطاع غزة كبش فداء لضعف الأجهزة الاستعلامية المصرية في كشف الهجوم قبل وقوعه، وأن يمارس ضد أهالي القطاع عقاب جماعي بإغلاق معبر رفح بما يفاقم الأوضاع الإنسانية سوءاً وأن تقطع إمدادات الوقود عنهم رغم عدم ثبوت تورط أحد من القطاع في جريمة الهجوم على العسكريين المصريين ومبادرة حكومة حماس منذ اللحظات الأولى لإغلاق كل الأنفاق لتمكين الأجهزة المصرية من القيام بمطاردة المجرمين، واستعداد حكومة غزة التام للتعاون مع الطرف المصري في التحقيقات.

فشل الأجهزة الأمنية المصرية في توقع الجريمة والتصدي لها ناجم عملياً عن ضعف الوجود المصري العسكري والأمني بل والتنموي الحكومي في سيناء وهو ضعف مزمن ترتب على اتفاقيات كامب ديفيد سيئة الصيت، التي قيدت الوجود السيادي المصري في سيناء، وينبغي أن يكون هذا الحدث الجلل ركيزة لمطالبة مصر بتعديل اتفاقيات كامب ديفيد وفرض سيادتها الوطنية الكاملة في سيناء، لا تحميل القطاع المحاصر ظلما وبهتانا تبعات الأحداث المؤلمة وإنجاح الهدف الصهيوني الذي أراد من وراء التخطيط لهذه العملية وتنفيذها مباشرة أو عبر أدوات عميلة له تخفي وجهها بأقنعة «جهادية» أن يوقع الفتنة بين الأخوين مصر وغزة، وأن يدفع القيادة المصرية للتعامل بأساليب انفعالية وردة فعل بفرض عقاب جماعي على القطاع دون مبررات حقيقية.

وعلى الحكومة المصرية أن تدرك أن أحد الأسباب التي فاقمت أزمات النظام البائد وأججت غضب فئات واسعة من الشباب المصري ضده هو أنه اختار لنفسه دور الشريك للكيان الصهيوني في فرض الحصار على القطاع، حتى يهرب من استحقاقاته اتجاه سيناء عسكريا وأمنيا وتنمويا، ويترك الحبل على غاربه لذلك الكيان الصهيوني ليعيث فسادا في سيناء من خلال تجنيد العملاء وزرع الخلايا التي تخدم أهدافه الخبيثة في تعميق الشرخ بين الطرفين العربيين، وهذا الدور التبعي الذليل، لم يعد يليق بمصر الثورة ولا يتناسب مع أجواء الربيع العربي، وإن الحل الجذري لمنع تكرار مثل هذه الجرائم هو بعودة السيادة المصرية كاملة على سيناء، سواء من خلال تعديل اتفاقات كامب ديفيد أو بفرض الشروط المصرية على الكيان الصهيوني العنصري.

الاتهام جزافاً والعقاب الجماعي للقطاع هو تهرب من المسؤولية اتجاه الكشف عن الوجه الحقيقي للمجرمين الذين نفذوا جريمة سيناء التي تحمل بصمات صهيونية واضحة، سواء من خلال انسحاب الإسرائيلي قبيل تنفيذ العملية بوقت قصير أو من خلال اعترافه بأنه كان يتوقع العملية ولم يخبر الطرف المصري عنها وهو ما يعد خرقاً صهيونياً لاتفاقيات كامب ديفيد، أو من خلال ما تسرب عن تورط بعض العناصر التابعة لدحلان في الجريمة، والمعروف أن جماعة دحلان الهاربة من القطاع تنسق بشكل متواصل مع الكيان الصهيوني.

صحيفة الوطن القطرية

البث المباشر