غزة-فايز أيوب الشيخ-الرسالة نت
يعمل ضباط الأجهزة الأمنية برام الله بسرية مع ضباط أمن الدولة والمخابرات المصريين على استصدار"تنسيقات السفر إلى مصر عبر معبر رفح"، فمع كل فتح للمعبر يكون من بين المغادرين الكثيرون ممن دفعوا مئات أو ربما آلاف الدولارات نظير السماح لهم بالسفر إلى الخارج، ولاسيما المرضى منهم أو الطلبة أو ذوي الإقامات.
يذكر أن الحكومة المصرية تغلق معبر رفح منذ أسر المقاومة الفلسطينية جندياً إسرائيلياً لمبادلته بأسرى فلسطينيين في الخامس والعشرين من يونيو/ حزيران من العام 2006.
وتشدد مصر من إجراءاتها في عبور المسافرين الفلسطينيين، عوضاً عن بنائها جداراً فولاذياً يُحكم الحصار المفروض على سكان القطاع منذ أكثر من ثلاثة أعوام ويضاعف معاناتهم.
تنسيقات مالية
ولم يحالف الحظ المواطن"م.م" أن يُسافر في الفتح الأخير لمعبر رفح، فخرج عن صمته مستاءً من ظروفه المادية الصعبة التي حالت دون دفعه مبلغ (1000) دولار نظير الحصول على ما يسمى "تنسيق معبر".
وأوضح أن التنسيق المصري يتم من خلال سماسرة ووسطاء فلسطينيين يتصلون مباشرة مع ضباط أمن دولة ورجال مخابرات مصريين يقومون بإجراءات التنسيق في مؤسساتهم الحكومية المصرية.
وسبق للمواطن"أ.ع" أن سافرعن طريق التنسيق المصري، فقد أقر لـ"الرسالة نت" أنه دفع مبلغ (800) دولار للوسيط الفلسطيني الذي يعمل لدى الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة رام الله، حيث أعفاه من دفع نسبته بقيمة (200) دولار، وذلك نظراً لعلاقته الشخصية به.
وبين أن أقل مبلغ يتم دفعه للحصول على التنسيق المصري هو(1000) دولار يتم تقسيمها على أطراف التنسيق من الجانبين الفلسطيني والمصري، كلٌ حسب مجهوده ودوره.
مدخولات مليون دولار
وفي ظل الاستغلال لحاجة المواطنين وضرورة سفرهم، قال مصدر خاص في معبر رفح لـ"الرسالة نت" أنه في كل مرة يتم فيها فتح معبر رفح لايقل حجم المدخولات في جيوب ضباط رام الله وأمن الدولة والمخابرات المصرية عن مليون دولار، مشيراً أنها تتوزع عليهم بنسب مالية مُصنفة حسب السلطة والدور الذي يقوم به كل طرف.
أوضح أن هذه النسب تعود لجيوب الرتب العسكرية المختلفة وغيرها للسماسرة أو الوسطاء وهؤلاء أيضاً حسب دورهم في تسهيل إجراءات استصدار التنسيق.
وأشار المصدر أنه عندما بدأ فتح المعبر بعد طول إغلاق، بدأ معه التنسيق المصري الخاص عن طريق الأجهزة الأمنية المصرية "تنسيق مخابرات وأمن دولة" ، لافتاً أن هناك تنافس وتصارع بين هذين الجهازين في من يكون تنسيقه أقوى وأعداد المُنسق لهم.
وذكر أن هناك تنسيقات مختلفة أخرى تتم مباشرة مع مكتب وزير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان ومع مكتب رئاسة الجمهورية، مشيراً أن مجمل الحصول على هذه التنسيقات يتم بوسائل عدة منها عن طريق التواصل مع سلطة رام الله "غير الشرعية" وهي في أغلبها مدفوعة الأجر!
اختراق أمني
وأكد المصدر أن هناك ظاهرة أمنية خطيرة، وهي التنسيق المباشر مع الأجهزة الأمنية المصرية، وذلك عندما يتواصل المواطنون بواسطة مكاتب سياحية أوسماسرة فلسطينيين ومصريين مع جهازي "أمن الدولة والمخابرات المصرية".
وأشار أن ذلك يُعد خرقاً أمنياً كبيراً للأجهزة الأمنية المصرية التي تتلقى الرشاوي مقابل استصدار التنسيقات، ما ضاعف في كل مرة من عدد المنتفعين من هذه الظاهرة الخطيرة ، حيث كان العدد في البداية 100-200 إلى أن وصل في الفتح الأخير للمعبر إلى1500- 2000 مواطن.
واعتبر المصدر أن هذا غُبُن وتعدي مباشر على حقوق المواطنين الراغبين في السفر، ولاسيما المرضى والطلبة وذوي الإقامات، حيث أن مصر تحدد عدد المغادرين، وبالتالي يضيع حقهم في السفر عوضاً أن غالبيتهم لا يقدرون على دفع مبالغ مالية باهظة بهذا الشكل.
ولم يخف المصدر أن وزارة الداخلية تكون مضطرة في كثير من الأحيان للسماح لـ"تنسيق المعبر" بالمغادرة رغم أنهم يحتلون حقوق الغير وأرقاماً للآخرين من المدرجة أسماؤهم في كشوفها، معللاً ذلك لتشديد الجانب المصري إجراءاته في كثير من المرات وابتزاز الجانب الفلسطيني بإغلاق المعبر وعدم إدخال الحافلات بشرط أن تتضمن أسماء التنسيقات المصرية ممن يطلق عليهم "تنسيق المعبر" .
ونوه إلى أن الجانب المصري لا يأبه ولا يبالي في إرجاع حافلة كاملة في سبيل جلب شخص واحد من ذوي التنسيقات المصرية، مؤكداً أن وزارة الداخلية تعمل على إدارة أزمة المعبر بسلبياته الحالية بالتوازي، وذلك بالطلب من المصريين بإدخال باص "تنسيق معبر" مقابل باص من المدرجة أسمائهم في كشوف وزارة الداخلية.
وذكر المصدر أن معاناة أخرى يلاقيها المسافرون في الجانب المصري من المعبر، وذلك عندما يُطلب منهم الرشاوي والخاوات مقابل تسهيل إجراءات مرورهم، مؤكداً أن الكثير من المواطنين يتعرضون للابتزاز والرشاوي، عوضاً عن الإذلال والمضايقات الكبيرة التي يتعرضون لها من قبل المخابرات المصرية وضباط أمن الدولة .
ضبط التجاوزات
وعلى الجانب الآخر من المعبر في الطرف الفلسطيني، أكد المصدر أن السياسة العامة لدى الحكومة الفلسطينية ووزارة الداخلية مُنصبة في خانة الانضباط لتسهيل عبور المسافرين بسلاسة، في حين لم يُنكر المصدر أنه حدثت تجاوزات في الفترة السابقة، غير أنه تم ضبطها بشكل تام.
وشدد على أن القرار لدى وزارة الداخلية بمعاقبة ما أسماها "المخالفات الفردية" من أقل رتبة إلى أعلى رتبة عسكرية تتجاوز النظام المعمول به في إدارة المعبر.
كما شدد المصدر على أن الأزمة في الجانب الفلسطيني تتعلق بالعدد الكبير من المسافرين مقارنةً مع عدد أيام فتح المعبر والعراقيل المصرية الكبيرة التي تؤدي إلى تأخير دخول المسافرين.
ونوه إلى أن المبالغة في الإعلام المصري عن عدد أيام فتح المعبر ليس دقيقاً، مستشهداً بالعام 2006 عندما تم فتح معبر رفح سبع مرات فقط بمجموع 23 يوماً .
يشار أن سلطة رام الله"غير الشرعية" استبدلت هانى الجبور بمحمد عرفات لتكليفه مندوباً للسفارة الفلسطينية بمتابعة التنسيق مع الجانب المصري في معبر رفح، غير أن سلطات الأمن المصرية ألقت القبض على عرفات وقامت بترحيله إلى الأردن، وذلك لارتكابه مخالفات أمنية ومالية وإدارية دون أن توضح المزيد من التفاصيل.