كان لافتا خلال المقابلة التي أجرتها وكالة رويترز للأنباء، مع الرئيس المصري محمد مرسي، الاثنين الماضي، تجنبه نطق كلمة "إسرائيل"، رغم إلحاح المحاورين على الرئيس كي يعلق بشيء من الاستفاضة في موضوع العلاقة مع إسرائيل، أو أن يبوح بشيء مما يجري وراء الكواليس.
واشتملت المقابلة على ستة أسئلة طرحها المحاوران المخضرمان من وكالة رويترز على مرسي بشأن إسرائيل ومصر والسلام، لكنه لم ينطق كلمة "إسرائيل" ولو مرة واحدة.
كما تهرب من الإجابة على سؤال بشأن زيارة إسرائيل أو استقبال المسؤولين الإسرائيليين، وبدلا من ذلك تحدث عن "السلام الشامل والعادل لكل شعوب المنطقة"، وعن "السلام بمفهومه العادل المستقر.. علاقتنا الدولية تقوم على هذا التوازن".
وحاول المحاوران محاصرة مرسي بالسؤال تحديدا: "هل ستستقبلون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مصر؟". لكن مرسي قال بهدوء: "إن مصر والشعب المصري يقرر علاقاته الخارجية بإرادة حرة".
وبخصوص التنسيق مع إسرائيل في موضوع سيناء، شدد على سيادة مصر على هذه المنطقة، مع التأكيد على عدم السماح لأي طرف بالتدخل في الشأن المصري. قالها طبعا دون أن يسمي إسرائيل بالاسم.
وعند سؤاله عما إذا كانت هناك تعديلات على الاتفاقات المبرمة مع إسرائيل تحدث عن الاحترام "لكل الاتفاقيات الدولية".
ويتضح من الحوار، ومن حوارات سابقة أن الصيغة المعتمدة لدى الرئاسة المصرية حتى الآن، عند الإشارة إلى السلام مع إسرائيل، هي أن الرئيس المصري جاء يحمل رسالة سلام إلى العالم.
وبخصوص احترام اتفاق السلام مع إسرائيل، يكون التصريح الرسمي المصري هو احترام "كل الاتفاقات الدولية"، وغير ذلك من الصيغ الدبلوماسية.
وأفضت معاهدة السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل منذ العام 1979 إلى قيام علاقات دبلوماسية وتجارية بين البلدين، لكنها ووجهت بكثير من الانتقاد على المستويات الشعبية، وفي أوساط المثقفين والساسة على المستوى المحلي المصري.
بل إن الحالة بين البلدين باتت تعرف إعلاميا باسم "السلام البارد". وحسني مبارك نفسه لم يذهب إلى إسرائيل أثناء حكمه سوى مرة واحدة، وفي ظل تكتم شديد لتقديم العزاء بعد اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين عام 1995.
وتولى الرئيس محمد مرسي منصبه في 24 يونيو الماضي، وأثبت في المرة تلو الأخرى أنه ليس رئيسا ضعيفا، وأنه قادر على اتخاذ قرارات، لم يكن المراقبون يتخيلون أن بمقدوره اتخاذها، وأهمها الإطاحة برؤوس المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتجريده من سلطاته.
وكان رد الفعل على فوز مرسي في إسرائيل مترويا ودبلوماسيا. فعلى الرغم من أن مرسي شارك في وقت من الأوقات في تأسيس اللجنة الشعبية المصرية لمقاومة المشروع الصهيوني، وكان عضوا في لجنة مقاومة الصهيونية بمحافظة الشرقية، فقد بادر الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس بتوجيه رسالة تهنئة له.
وفي الرسالة أعرب بيريس عن أمله في "استمرار التعاون معي استنادا إلى معاهدات السلام الموقعة بيننا قبل أكثر من ثلاثة عقود، والتي التزمنا بالحفاظ عليها وتطويرها من أجل الأجيال القادمة من الشعبين".
وبعدها نسبت وكالة رويترز إلى مرسي قوله في رسالة إلى بيريس قوله: "أتطلع إلى بذل أقصى جهودنا لإعادة عملية السلام في الشرق الأوسط إلى مسارها الصحيح من أجل تحقيق الأمن والاستقرار لكافة شعوب المنطقة وبينها الشعب الإسرائيلي".
لكن ياسر علي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية نفى تلقي الرئيس محمد مرسي رسالة تهنئة من الرئيس الإسرائيلي، كما نفى قيام الرئيس المصري بإرسال أية رسالة إلى بيريس.
وكان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي قد بعث هو الآخر رسالة إلى مرسي لتهنئته بالفوز. وبعدها قال متحدث رئاسي مصري إن وزارة الخارجية المصرية تولت الرد على نتنياهو "لأنها المنوطة بهذه الاتصالات بالنظر إلى أن مصر دولة مؤسسات".
الشيء ذاته تكرر بتهنئة بعث بها بيريس إلى مرسي لتهنئته بحلول شهر رمضان. والرد الذي نشرته وسائل الإعلام نقلا عن مكتب بيريس هو "تلقيت بعميق الشكر تهنئتكم على قدوم شهر رمضان المبارك".
ولابد أن إسرائيل والولايات المتحدة تتفهمان أن من العسير على مرسي أيا كانت خلفيته الأيديولوجية أو خبراته السياسية السابقة، أن يتعامل بسهولة وسلاسة في ملف العلاقات بين البلدين في مثل هذا التوقيت.