قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: أهلنا في سوريا: هذه الساعة الحرجة.. فاصبروا

صبرا أهلنا في سوريا فهذه الدماء المراقة على أيدي السفاح بشار الأسد لن تذهب سدى وسيكون ثمنها الحرية والكرامة التي من أجلها انطلقت ثورتكم ومن أجلها تدفعون أروحكم وممتلكاتكم.

هذه هي الطريق، وهذا هو ثمن الحرية والكرامة، فلا تأملوا كثيرا بشرق أو غرب لأنهم لن يقفوا إلى جواركم ولن ينصروكم، فاجعلوا ثقتكم بالله العلي القدير، وثقوا بأن الله معكم، وأن النصر حليفكم وإن تأخر فلحكمة أرادها لا نعلمها؛ فما عليكم إلا الصبر والعمل.

واعلموا أن الموت والحياة بيد الله، وما كان يصيبنا لم يكن ليخطئا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، وما السواد الحالك والظلم الواقع الذي بلغت فيه القلوب الحناجر ما هو إلا الساعة الأخيرة قبل بزوغ الفجر المرتقب، فهذه هي الساعة الحرجة التي تحدث عنها الإمام الغزالي عندما قال: (إذا احتدمت المعركة بين الحق والباطل حتى بلغت ذروتها وقذف كل فريق بآخر ما لديه ليكسبها فهناك ساعة حرجة يبلغ الباطل فيها ذروة قوته، ويبلغ الحق فيها أقصى محنته، والثبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول، والامتحان الحاسم لإيمان المؤمنين سيبدأ عندها، فإذا ثبت تحول كل شيء عندها لمصلحته، وهنا يبدأ الحق طريقه صاعدا ويبدأ الباطل طريقه نازلا، وتقرر باسم الله النهاية المرتقبة).

وكأني يا أهل سوريا أجلس بين يدي الإمام الغزالي ليحدثني عما يجري في سوريا ويجيب عن سؤال مطروح على كل الألسنة: إلى متى هذا الظلم وهذا القتل؟، فيوجه الإمام رسالته بهذه الكلمات التي قالها منذ مئات السنيين لتبقى حية وتصلح لكل زمان ومكان بلغة العارفين بأحوال الأمة والمعبرين عما ينفعها ويصلح لها في كل زمان ومكان.

لقد بلغ السيل الزبى، نعم، فالجميع يقف متفرجا على القتل والذبح الذي يمارس على أيدي نظام بشار وأعوانه من الظلمة والفاسقين عربا وعجما وفرسا مرتزقة جاؤوا كي يذلوا الشعب السوري المسلم السني لأنهم يعلمون أن هذه الثورة ستقضي على معقل من أخطر المعاقل لأهل السنة الذين يشكلون غالبية الشعب السوري؛ لذلك نجد هذا القتل بلا رحمة، وبشكل يعتقد منفذوه أنه سيلقي الرعب في قلوب الشعب السوري كما فعل الصهاينة عندما نفذوا مجزرة دير ياسين بحق الفلسطينيين.

وفي المقابل، على الأحرار والثور من الشعب السوري العمل على وحدة الصف والوقوف خلف قيادة موحدة يمكن لها أن تختصر هذا الصراع بدلا من التشرذم والخلاف وانتظار الدعم من الخارج الذي لن يقدم هذا الدعم من أجل عيون سوريا والشعب السوري بل يريد تحقيق مصالح له بدعمه، وهذا لا يعني أن كل الداعمين لسوريا وثورتها هم من أصحاب المصالح لذلك من الواجب أن يكون التوجه للدعم خاصة في اللحظات الأخيرة التي تعيشها الثورة للمخلصين الغيورين على الدم السوري وعلى الأرض السورية، وهم كثر.

نحن في فلسطين -شعبا وثورة- نعيش الألم الذي تعشونه ونتابع أخباركم ونلهج إلى الله بالدعاء لكم، ولو كان لدينا ما يمكن أن نقدمه ما بخلنا؛ فأرواحنا ودماؤنا وأموالنا فداء لسوريا الحرة التي وقف شعبها دوما إلى جانب الشعب الفلسطيني وما بخل على فلسطين شعبا وأرضا.

سوريا كانت الحضن الدافئ للثورة الفلسطينية.. سوريا الشعب، أما النظام فكان يتوارى خلف احتضان المقاومة لتحقيق مصالح خاصة وليس من أجل التحرير والمقاومة، وإلا فلماذا بقيت الجولان الأرض السورية محتلة وما تزال محتلة من الاحتلال الصهيوني؟.

ولا يخفى عليكم -أهلنا في سوريا- أن الموقف الرسمي للمقاومة الفلسطينية مما يجري في سوريا ليس ما يريد ويحب الغيورين على الشعب السوري والمحبين له ولفلسطين سواء من الشعب السوري أو الفلسطيني، لأننا نعلم أن هذا المجرم بشار لن يتردد بتنفيذ مجازر بحق المستضافين من الشعب السوري في مخيمات اللجوء، فهو يقتل أبناء الشعب السوري، فكيف بالفلسطينيين الذين سقط منهم الشهداء خلال الثورة نتيجة قصف نظام بشار المجرم كما فعل والده عندما ارتكب مجزرة تل الزعتر في لبنان؟.

الموقف الحقيقي للمقاومة الفلسطينية الحقة هو نصرة الشعب السوري والوقوف إلى جواره حتى ينال حريته ويتحرر من هذا النظام الفاسد المجرم الذي بدأ يلف حول رقبته حبل المشنقة، وما النصر إلا صبر ساعة، وإننا على يقين أننا في الساعة الأخيرة من نهاية المجرم التي يشتد فيها الألم.. فالصبر الصبر، والعمل العمل.

البث المباشر