أثار تحريف مترجم القناة الأولى المحلية في التلفزيون الإيراني الرسمي خطاب الرئيس المصري محمد مرسي الذي ألقاه خلال قمة دول عدم الانحياز بطهران الخميس جدلا إعلاميا، ففي حين برره خبير إيراني في علم الاجتماع، أكد أستاذ للإعلام أنه تضليل ممنهج يهدف لتزييف وعي وإدراك الرأي العام داخل إيران.
وطال التحريف انتقاد مرسي للنظام السوري، حيث غيّر المترجم العبارات إلى البحرين بدلا من سوريا فضلا عن عبارات أخرى، وكانت معظم النقاط التي جرى فيها تحريف خطاب الرئيس المصري تتعلق بالملف السوري، فعندما قال مرسي: "إن الشعبين الفلسطيني والسوري يناضلان من أجل الحرية والعدالة والكرامة" سمعها الإيرانيون على تليفزيون بلادهم الرسمي "إن شعبي فلسطين والبحرين يناضلان للحرية".
وبعد رصد كلمة مرسي في القمة وطريقة ترجمتها في التلفزيون الإيراني تبين أن ثمة تغييرات أخرى حصلت، فعندما ذكر مرسي تسلسل ثورات الربيع العربي بدءا بتونس مرورا بمصر وليبيا واليمن وانتهاء سوريا، حرف المترجم سوريا إلى البحرين وشبه الربيع العربي بالصحوة الإسلامية.
وامتد التحريف لمقاطع أخرى، أبرزها ما قاله مرسي عن حق النقض (الفيتو) الذي استخدمته كل من روسيا والصين لمنع صدور أي قرار من مجلس الأمن الدولي ضد النظام السوري، فحين قال مرسي "إن الفيتو شل يد مجلس الأمن عن حل الأزمة السورية"، ترجمت في تلفزيون إيران الرسمي إلى "أن الفيتو شل يد مجلس الأمن عن حل أزمات التحولات الشعبية".
وحين قال مرسي: "إننا نتضامن مع الشعب السوري ضد الظلم والقمع"، نقلها المترجم "نحن نتضامن مع الشعب السوري ضد المؤامرة الموجهة ضد هذا البلد"، وكذلك عندما قال الرئيس المصري إن "وحدة المعارضة السورية ضرورة"، نقلها المترجم "نأمل ببقاء النظام السوري المتمتع بقاعدة شعبية".
خطأ أم تزييف؟
ويرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة طهران الدكتور حسين هاشميان أن التحريف قد يكون غير مقصود والدليل أنه جاء على قناة واحدة للتلفزيون الإيراني، مبررا رأيه كذلك بأن المسؤولين في الإعلام الإيراني يعلمون أنهم مستهدفون إعلاميا.
ورغم أن هذه الترجمة هي نفسها التي نقلتها بعض وسائل الإعلام ووكالات أنباء إيرانية إلا أن هاشميان قال –للجزيرة- إن سبب ما حدث قد يفهم إذا علمنا أن هناك بعض المفردات والمصطلحات المنتشرة في الإعلام الإيراني الرسمي بشأن الأحداث في المنطقة، فهي تصف ما يحدث في البحرين بالثورة، وما يحدث في سوريا بأنها جماعات إرهابية يسعى النظام الشرعي لتطهير البلاد منها، لذلك فإن المترجمين دائما يستخدمون هذه المفردات التي ربما تأثر بها المترجم.
في المقابل، يؤكد أستاذ الإعلام والخبير في تحليل الخطاب السياسي الدكتور محمد شومان أن ما حدث ليس خطأ في الترجمة وإنما فضيحة إعلامية وأخلاقية وسياسية، تكشف عن السلوك الممنهج من أجل تزييف وعي وإدراك الرأي العام داخل إيران.
وقال شومان للجزيرة "إنه إذا ما حدث خطأ في الترجمة فإنه كان ينبغي إجراء تحقيق رسمي إضافة إلى اعتذار القناة عما حدث، واصفا الحادثة بأنها "عملية غسيل مخ وتذكر بالدعاية السوداء المباشرة التي كانت تمارس خلال الحرب الباردة".
وطالب الخبير الإعلامي مصر بأن تتقدم باحتجاج رسمي عن هذا التشويه الذي يسيء للعلاقات بين الشعبين المصري والإيراني والشعبين المصري والبحريني.
المصدر-الجزيرة نت