حذرت الأمم المتحدة في تقرير جديد لها من تأثير المياه الملوثة الخطير في قطاع غزة على صحة السكان، وبينت أن الوضع سيزداد سوءاً.
ويتزايد عدد سكان غزة الذي يبلغ حوالى 1.64 مليون نسمة بسرعة - ومن المتوقع أن يزيد بنحو 500 ألف نسمة بحلول عام 2020 - وقد يفقدون قريباً المصدر الرئيسي للمياه العذبة، المتمثل في خزان المياه الجوفية الكائن تحت المنطقة الساحلية، الذي قد يصبح غير صالح للاستخدام بحلول عام 2016، وقد يصاب بأضرار لا يمكن إصلاحها بحلول عام 2020، حسبما ذكر التقرير.
وقال محمود ضاهر، مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة أن حصة معظم سكان غزة من المياه النظيفة تتراوح بين 70 و90 لتراً للفرد في اليوم الواحد في المتوسط، مقارنةً مع الحد الأدنى العالمي الذي حددته منظمة الصحة العالمية وهو 100 لتر يومياً.
ووفقاً لليونيسيف، يُعتقد أن تلوث خزان المياه الجوفية بالنيترات يشكل تهديداً للأطفال الرضع والنساء الحوامل.
وأوضح ضاهر أحد أمراض الأطفال المتصلة بالمياه الملوثة هو الميتهيموغلوبينميا، أو ما يسمى بمتلازمة الطفل الأزرق، الذي ظهر بالفعل في صفوف الأطفال الذين ولدوا في قطاع غزة، ومن المعتقد أن ارتفاع تلوث المياه الجوفية بالنيترات يتسبب في الإصابة بهذا المرض.
وأشار إلى أن الإسهال، الذي أصبح شائعاً جداً في قطاع غزة، يرتبط على الأرجح بتدني معايير النظافة في المؤسسات التي تقوم بتحلية المياه، وأضاف أنه ’ليس من الواضح ما إذا كانت المشكلة هي الماء فقط، أو الماء مع مصادر أخرى.
تدابير علاجية
ويقول تقرير الأمم المتحدة إن الأضرار التي لحقت بطبقة المياه الجوفية الساحلية ستكون غير قابلة للإصلاح ما لم يتم اتخاذ تدابير علاجية فورية.
ويضيف التقرير أنه في المتوسط يؤخذ 160 مليون متر مكعب من المياه من خزان المياه الجوفية سنوياً، ولكن يتم تغذيته بحوالى 50 إلى 60 مليون متر مكعب فقط من مياه الأمطار والجريان السطحي للمياه من تلال الخليل كل عام، ما أدى إلى فجوة كبيرة بين توفر المياه واستعمالها. ونتيجةً لذلك، تتناقص مستويات المياه الجوفية، ما يسمح بتسرب مياه البحر.
وفي الوقت نفسه، يتوقع التقرير أن يبلغ الطلب على المياه 260 مليون متر مكعب في عام 2020، بزيادة قدرها نحو 60 بالمائة عن المستويات السائدة حالياً.
ملوثة
بدوره، أكد محمد الكاشف أن المياه التي تصل إلى الناس هنا لا تلبي أية معايير صحية متعارف عليها في العالم.
وقال الكاشف إن تلوث المياه يؤدي إلى الإصابة بالكثير من الأمراض، خاصة لدى الأطفال، وأن أحد مصادر التلوث هو تسرب مياه البحر إلى المياه الجوفية، بعد ضخ حوالى 90,000 متر مكعب من مياه الصرف الصحي في البحر كل عام وزيادة تلوث المياه بالنيترات بسبب استخدام الأسمدة في الأراضي الزراعية.
أما منذر شبلاق، المدير العام لمصلحة مياه البلديات الساحلية في قطاع غزة، فيقول إن الأمم المتحدة متفائلة في تقديرها أن 90 بالمائة فقط من المياه غير قابلة للاستخدام.
واعتقد شبلاق أن هذه النسبة تبلغ 95 بالمائة’، مضيفاً أن مستويات النيترات تصل إلى 500 مليغرام للتر الواحد في بعض المناطق، أو ما بين 100 و150 مليغراماً للتر الواحد في المتوسط، مقارنةً مع المعايير الدولية التي لا تتعدى 50 مليغراماً/لتر.
وتجدر الإشارة إلى أن نحو نصف مليون شخص في قطاع غزة غير متصلين بنظام الصرف الصحي، ما يجبرهم على استخدام الحفر الامتصاصية والسريان في القنوات المفتوحة الذي يلوث البيئة وغالباً ما يلوث طبقة المياه الجوفية أيضاً.
خطط للتحلية
وأفاد شبلاق أنّ ’الحلول تسير على الطريق الصحيح،’ مضيفاً أن ’الهدف القصير الأمد هو تحلية 13 مليون لتر مكعب بحلول عام 2015. سنركز على المناطق الأكثر عرضة للتلوث التي ترتفع فيها معدلات التلوث بشكل خاص. وعلى المدى الطويل، ينبغي أن تنتج محطات التحلية الكبيرة ما لا يقل عن 100 مليون لتر مكعب في السنة، قبل عام 2020’.
وقال شبلاق أن البنك الإسلامي للتنمية والاتحاد الأوروبي يوفران جزءاً من التمويل المطلوب لتحقيق الهدف قصير الأمد.
وأضاف أن الاتحاد من أجل المتوسط يدفع الخطة طويلة الأجل للمضي قدماً، فهو يخطط لإقامة محطة لتحلية المياه بسعة 55 مليون متر مكعب سنوياً في المرحلة الأولى، و110 ملايين متر مكعب في المرحلة الثانية.
ولكن على الرغم من الجهود المبذولة لحل الأزمة، قد يكون العلاج الحقيقي حتى الآن بعيد المنال. ’حتى بعد اتخاذ إجراءات علاجية الآن لوقف التجريد، فإن تعافي طبقة المياه الجوفية سيستغرق عقوداً طويلة، كما حذر تقرير الأمم المتحدة.
المصدر/ شبكة الانباء الانسانية (ايرين)