حبيبي الشاب الفلسطيني: قف وفكر قبل أن تقدم على أي خطوة واعرض ما تفعله على دين الله، ولا تجرد نفسك من العقل والمنطق والحكمة مهما كانت الأسباب لأنه لا يوجد ما يمكن أن يبرر ما يفعله البعض من تقليد أعمى لعمل مناف للدين وللعادات والأخلاق والعقل السوي كحرق النفس المفضي إلى الموت.
إن ظاهرة إحراق النفس عمل انتحاري، والانتحار حرام شرعا ولا يجوز مهما كانت المبررات، وهو عند الله عظيم.. يقول الله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان بروايات مختلفة عن ثابت بن الضحاك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن قتل نفسه بحديدةٍ عذب بها في نار جنهم".
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: "لأن تهدم الكعبة حجرًا حجرًا أهون على الله من أن يراق دم امرئ مسلم"، ويقول عليه الصلاة والسلام: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما وهو ينظر إلى الكعبة قال: (ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك)، فإذا كان هذا في قتل النفس على يد أخرى، فكيف بمن يقتل نفسه بنفسه؟.. أليس ذلك أعظم؟!.
يا من تعتقدون أن إحراق النفس حتى الموت أو دون ذلك يمكن أن يصنع لكم صنيعا حسنا أو مجدا أو أن يخلد لكم ذكرى، أو يمكن أن يمنحكم مكانا: أنتم واهمون، فبإقدامكم على مثل هذا الفعل أنتم ترتكبون معصية، ومعصية كبيرة، وعقابها كبير.
وسؤالنا: لماذا الانتحار تعبيرا عن رفض أمر ما مهما كان هذا الأمر؟.. هل إقدامك على الانتحار سيحل المشكلة؟!، وهل الموت وسيلة لحل مشكلة عاطفية أو مالية أو سياسية؟!.
وهب أنك أشعلت النار في نفسك دون قصد قتلها وبقيت على قيد الحياة، ولكن حدثت لك تشوهات خطيرة وجعلت منك شخصا مشوها، وإن جاملك الناس فهم في قرارة أنفسهم ينكرون عليك فعلك ولا يرغبون بالجلوس معك أو الحديث إليك كما تحب وترضى، فتعيش ما بقي من عمرك وأنت تجني الحسرة والندامة.
والسؤال: هل هناك شيء يمكن أن يساوي حجم الجريمة ونتائج الفعلة التي ترتكبها؟.. إن كان سبب حرقك لنفسك حبيبة أو خطيبة أو زوجة أو مشكلة مع والدك فهم جميعا لن يصيبهم ألم إلا في لحظة الحزن عند انتحارك، أو بعد أن تشعل النار بك وتشوه خلق الله الذي خلقك فأحسن خلقك.. ما الذي سيجبر الحبيبة والخطيبة أن تبقى على حبها، فهي تريد أن تعيش مع إنسان سوي تفخر به ويفخر به أولاده؟.
أمن أجل رزق أو مال تقدم على إحراق نفسك وقتلها؟، فهذا أمر ينم عن ضعف إيمان لأن نصيبك من الدنيا من الغنى أو الفقر مقدر من الله ومؤقت في الصرف وفق مشيئة الله، وستنال رزقك كاملا في الحياة الدنيا، وإن بقي لك شيء سيدخره الله لأبنائك أو أحفادك.
ألم تقرأ قول الله تعالى في سورة الكهف: (وكان أبوهما صالحا)، فقد قال بعض المفسرين إن "أبوهما" كان المقصود به جدهما السابع، والشاهد أن هذا رزقك أنت ولورثتك سيحفظه الله لهم ولو بعد حين.
إن ازدياد عمليات إحراق النفس تعبيرا عن احتجاج هو ما دعاني لما كتبت، فهنا في غزة أكثر من حالة وفي الضفة كذلك، وكأن المسألة تقليد أعمى أو محاولة لتسليط الأوضاع على وهم.. ليس هكذا نتخلص من المشكلات، فكم من الشباب يعانون أزمة مالية، وكم هم الخريجون الذين لا يعملون وإن عملوا لا يعملون فيما تخصصوا؟، وكم من الشباب فشل في حب أو زواج أو خطوبة والشابات كذلك؟، فهل هذا الفشل هو نهاية الدنيا؟.
لا ترموا بأنفسكم إلى التهلكة، ولا تُدخلوا أنفسكم النار بأنفسكم، لأن لا جزاء لقتل النفس (الانتحار) إلا النار، والصبر لا جزاء له إلا الجنة، والجنة والنار تتوقفان على قرار: إما الانتحار فيكون المصير النار أو الصبر فتكون الجنة، وشتان بين الجنة والنار.