هل يتحول الإعلام الجديد إلى أداة للرقابة على أداء السلطات الحكومية وغير الحكومية؟.. سؤال بات مطروحا في ظل غياب الرقابة الحقيقية من الجهات المسؤولية عن الرقابة على مؤسسات الحكومة إما لتقصير في عملها أو نتيجة ضغوط تمارس لمنع أخذها واجبها خوفا أو حرصا على التغطية على بعض الأخطاء.
الإعلام الجديد ساحة مفتوحة بلا حدود وهي ذات فضاء واسع للنشر بلا حسيب أو رقيب، وإن بذلت بعض السلطات جهودا مكثفة في البحث عن وسائل للمراقبة والحد من نشاط هذا القادم الذي بات يشكل خطرا على بعض النظم والسياسات الحكومية نتيجة إمكانية أن يشكل أداة رقابة فعالة قد تقلق كثيرا هذه الحكومات التي لا تعمل بشفافية ونزاهة في قضايا الجمهور ومصالح الناس، بل تعمل كمن يدس رأسه في التراب معتقدا أن الناس لا تراه نتيجة أنه لا يرى الناس فترة دس رأسه في التراب، وعندما يرفع رأسه يرى الحقيقة المرة التي حاول إخفاءها عن الناس تلاحقه وتكشف عوراته.
والأمر كذلك، فعلى الحكومات والسلطات المختصة أن توفر جهد المراقبة والرصد وملاحقة النشطاء على هذا الإعلام الجديد عبر الوضوح في العمل والوضوح في السياسات وإدراك أن كل الناس تسمع وترى وتخلط الحابل بالنابل ولا يزيل الغبش ويجلي الصورة إلا الحقيقة والمعلومة الصحيحة لأن المجالس اليوم غير مؤتمنة، والسرية باتت من العملات النادرة، وباتت الألسن تذيع كل ما تقع عليه العين أو تسمعه الأذن.
على أي حكومة أن تعمل جاهدة على التواصل مع الجمهور من رأس الهرم فيها وصولا إلى كل الوزراء ورؤساء الهيئات والقامات والمقامات في العمل الحكومي من أصحاب الفئات العليا التي تشكل خط الحماية الأول لأداء الحكومة والذود عنها والدفاع عن سياساتها ولا يكون ذلك إلا عبر تزويد هؤلاء جميعا بكل المعلومات والحقائق حتى يكون دفاع هؤلاء المسؤولين على بينة وبالدليل الواضح وبالحجة المقنعة التي لا تحتمل التأويل.
إذا كان عمل الحكومة هو خدمة المواطن وتوفير عوامل الراحة له والعمل على إشباع رغباته وطموحاتها فمن باب أولى أن تكون الحكومة أكثر الناس حرصا على مشاركة الجمهور ووضعه في صورة ما يجري بكل التفاصيل التي تخدم عملها، فإشراك المواطن في صنع القرار يساعد الحكومة على أن يتقبل المواطن القرارات ويتحمل المسؤوليات كاملة ما دام أنه كان شريكا في صنعها.
وعليه، فعلى أركان الحكومة في أي مكان من هذه الأرض أن يكون لهم نشاط تواصلي مع الجمهور وأن يكون لهم حسابات في الإعلام الجديد، وأن يحددوا لهم أيام أو ساعات للتواصل مع الناس والرد على التساؤلات، ووضعهم في الصورة الكاملة والاستماع إلى شكاواهم ومطالبهم فهذا سيساعد على إيجاد علاقة بين الجمهور والمسؤول، لأنه وفي ظل هذا الإعلام الجديد لم يعد هناك مكان للسرية، فأجهزة الرقابة والتنصت عالية الجودة والمتصيدون كثيرون، والأعداء أيضا، ومن الصعب مواجهة هؤلاء منقبل الحكومة وحدها، وفي الوقت نفسه من الصعب مواجهتهم في ظل غياب المعلومات والحقائق والشفافية مع أفراد المجتمع.
أوقفوا عمليات الملاحقة والمراقبة لأدوات الإعلام الجديد لأنها جهد ضائع فهي بلا حدود، واعملوا على تشجيع الناس على التواصل معكم عبر مواقعكم ونشاطاتكم على هذه الوسائل بكل صدق وشفافية، فقد تخدع الناس مرة ولكنك لن تخدعها في كل مرة، وسرعان ما يكتشف الناس الخداع، وعندها لن تصلح سياسة الترقيع والاعتذار (وكان قصدي ومش قصدي)، فالمواطن حساس وذكي.
سارعوا أيها المسؤولون بالعمل على التواصل مع الجمهور فهو رصيدكم الذي ينفعكم كما ينفع القرش الأبيض في اليوم الأسود، وكونوا بين الناس ولامسوا همومهم، فإن لم يكن مباشرة فعبر الإعلام الجديد سهل التداول وسهل الوصول وسريع الانتشار، فهو يصعب محاصرته أو مراقبته أو الحد منه.