قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: د. بحر : "شريان الحياة".. دروس بالغة وأمل جديد

د. أحمد محمد بحر

مشهد رائع ذلك الذي أتحفتنا به قافلة شريان الحياة التي حطت رحالها على أرض القطاع الصامد الأسبوع الماضي.

رجال ونساء تسطع عيونهم ببريق الإخلاص لفلسطين وقضيتها.. همة عالية وعزم لا يلين ظلل سماء غزة قرابة ثلاثون ساعة لا غير.. شعور بالغ الدقة والإرهاف اجتاح كيان كل فلسطيني يحب وطنه ويتوق ليوم عزته وانتصاره.. مشهد يفوق الوصف.. وكيف للوصف أن يشق طريقه وقد أعجز المشهد كل الكلمات، واستعصى على كل المفردات.

إنها بركة فلسطين.. الأرض المقدسة التي بارك الله فيها وحولها.. بركة دماء الشهداء التي سالت مدرارا دفاعا عن هذه الأرض الطيبة المباركة.

يا لها من دروس تلك التي حملتها قافلة شريان الحياة لكل المتخاذلين الذين أبوا إلا تشرّب المذلة والعار، واستنكفوا عن أداء واجب النصرة لشعب مكلوم يئن تحت وطأة احتلال غاشم لا يرقب فيه إلا ولا ذمة، ويتجرع يوميا مرارات حصار ظالم يقوده يوما بعد يوم إلى مزيد من الكوارث والنكبات.

يا لها من مفارقة عجيبة.. لقد تجشمت قافلة شريان الحياة عناء ما بعده عناء وكابدت معاناة لا يعلم بها إلا الله، ابتغاء إيصال الأدوية والمساعدات الإنسانية لشعبنا في القطاع، فيما يقف الشقيق العربي على الجانب الآخر من الحدود، يضع السدود والعراقيل وينصب الحواجز ويفتعل المشكلات، ولا يجد حرجا في بناء الجُدُر الفولاذية التي تحاول دفننا أحياء وضرب إرادتنا الحرة وسحق مقومات الصمود والبقاء لدينا!!

لا نملك سوى توجيه الشكر الجزيل لهؤلاء الرجال الأفذاذ والنساء الماجدات الذين أثبتوا ولاء لقضيتنا غاب عن كثير من أهلها الذين ينتسبون إليها ادعاء وشعارا لا حقيقة وفعلا.

لا زال الأمل يحدونا في بزوغ فجر صحوة عربية وإسلامية حقيقية تضع الجهد العربي والإسلامي في مساره الصحيح، وتعيد الاعتبار لقضيتنا الوطنية العادلة، وتدق المسمار الأخير في نعش الحصار المفروض بقرار عربي قبل أي شيء آخر.

قافلة شريان الحياة أعطتنا –بحق- أملا جديدا في حياة جديدة مفعمة بألوان العزة والكرامة والإباء بعد أن خذلنا العالم الذي يدعي الحرية والحضارة، وأشبعنا حديثا عن الإنسانية وحقوق الإنسان.

هي دروس بالغات.. لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

 

البث المباشر