يندب الشاب وحيد حظه لأنه تورط قبل بضعة أشهر في شراء نفق أرضي على الحدود بين غزة وشبة جزيرة سيناء استطاع الجيش المصري أن يدمره بالكامل من الجهة المصرية قبل أيام.
وكان هذا النفق الذي يعمل على تشغيله أحد عشر عاملاً فلسطينياً يستخدم في جلب حوالي مئة طن من الاسمنت يومياً إلى غزة.
وعلى الحدود مع مصر في منطقة حي السلام جنوب شرق رفح كان وحيد الذي فضل ذكر اسمه الأول فقط يساوي بعض الأمور المالية مع عمالة وجميعهم أبدو استعداهم لإعادة تشييد النفق من جديد.
ولا تتوقف حفرات عملاقة من نوع "هونداي" تابعه للجيش المصري للشهر الثاني على التوالي في التنقيب وهدم الأنفاق التي حفرها الفلسطينيون للتغلب على الحصار المشدد الذي فرضته (إسرائيل) على القطاع في صيف العام.
ومثل هذا العمل أصاب كثير من المصريين والفلسطينيين بـ"الإحباط" خصوصاً دون توفير بديل عملي ينهي حصار غزة.
ولا تزال نتائج جوله رئيس الوزراء إسماعيل هنية إلى مصر ولقاءة برئيس الوزراء المصري هشام قنديل "طي الكتمان" أو رهينة لموافقة السلطة في رام الله و(إسرائيل) على إقامة منطقة تجارة حرة بين غزة ومصر.
يقول وحيد الذي أنفق حوالي خمسة وأربعين ألف دولار أمريكي حتى يملك النفق قبل تدميره "الأنظمة تتغير والسياسات تظل قائمه ..".
وكلمات هذا الشاب الجامعي الذي لجأ لمهنة الحفر في باطن الأرض قبل بضعة سنوات تعبر بما لا يدع مجال للشك بأن الفلسطينيين "ضاقوا ذرعاً" من سياسة خنقهم عبر إغلاق الأنفاق التي يعتبرونها شريان الحياة.
وقبل أقل من عامين كان المهربون المصريون يترقبون لحظات الهدوء خلال ساعات الليل ويقذفون البضائع والسلع في باطن الأرض من أجل إيصالها إلى سكان قطاع غزة بأسعار قياسية.
وفي الجانب الفلسطيني من الحدود كان العمال الذين يسحبون البضائع يعملون بحذر وهدوء خشية أن يقعوا فريسة للإجراءات الأمنية الصارمة التي كان يفرضها نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك آنذاك.
وبعد بضعة أسابيع من تولي الإخواني د. محمد مرسي رئاسة جمهورية مصر العربية بدأ الجيش المصري حملة أمنية موسعه ضد الأنفاق الأرضية مع قطاع غزة دون أن يقدم بديل ناجع ينهي حصار مليون وثمانمائة نسمة.
وهذه الحملة التي عرفت باسم "نسر" الأمنية في شبة جزيرة سيناء جاءت بعد يوم واحد من مقتل وإصابة عشرين مجنداً في مدينة رفح المصرية على يد مسلحين متشددين في الخامس من أغسطس/ أب الماضي.
ولا يتوقف رئيس بلدية رفح صبحي أبو رضوان عن الحديث عن مخاطر حملة الجيش المصري ضد الأنفاق.
وأكد أبو رضوان لـ"الرسالة نت" أن هذا التدمير تسبب في تراجع دخول مواد البناء والصناعة إلى غزة بنسبة تزيد عن 80 بالمئة".
وعلى ما يبدو أن الحملة الأمنية المصرية طالت إمدادات المحروقات وفق ما ذكرت جمعية أصحاب شركات البترول في قطاع غزة.
وجاء في بيان أصدرته الجمعية، الثلاثاء، إن كميات السولار المدخلة إلى غزة انخفضت خلال الأسبوع الماضي إلى 30% من الاستهلاك اليوم".
ويحتاج قطاع غزة حوالي 600 ألف لتر من المحروقات يومياً بمختلف مشتقاتها.
لكن محمود الشوا رئيس جمعيات أصحاب الوقود في القطاع، أكد لـ "الرسالة نت" وجود اتصالات مع الجانب المصري لإنهاء أزمة الوقود بغزة.
وأرجع الشوا أزمة الوقود إلى تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في مصر، "ما ساهم في تقليل كميات الوقود الواردة للقطاع عبر الأنفاق".
وحذر الخبير في الشؤون الاقتصادية سمير حمتو من مخاطر استمرار إغلاق الأنفاق بين غزة ومصر دون إيجاد بديل ناجع ينهي حصار القطاع المستمر منذ سنوات.
ورأى حمتو في حديث لـ "الرسالة نت" أن الضغوط الدولية والإسرائيلية والمصرية لا تزال تكبل سياسات الرئيس المصري تجاه غزة خصوصاً وأن مصر تعاني من واقع اقتصادي صعب منذ إسقاط مبارك قبل عشرين شهراً.
ويقول عمال فلسطينيون فقدوا عملهم لكنهم يتدفقون على الحدود بشكل يومي بحثاً عن عمل جديد "إن الجيش المصري فقد خمسة عشر مجنداً لكن نحن فقدنا أرزاقنا".
وتشير تقديرات محلية إلى أن مئات العمال فقدوا مصدر رزقهم الأول إثر الحملة الأمنية المتواصلة ضد الأنفاق.
ونظمت حركة حماس تظاهرة مطلع الأسبوع الفائت عند الحدود لمطالبة مصر بوقف إغلاق الأنفاق ورفعوا لافتة تقول "إغلاق الأنفاق بدون بديل يعني الموت لسكان غزة".