في الوقت الذي تستعد فيه قيادة السلطة الفلسطينية، للمطالبة بعضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، كشف يهودا باراك وزير حرب العدو، عن أهداف العدو الحقيقية، الذي ناور وماطل طويلاً، قبل الإعلان عنها، وهي الانسحاب الأحادي من الضفة الغربية، على غرار الانسحاب من غزة، مع الإبقاء على المستوطنات والطرق الالتفافية، ومعسكرات جيش العدو في المناطق الاستراتيجية، والسيطرة على الأغوار والقدس.
ماذا يعني هذا الانسحاب، أو بالأحرى إعادة انتشار القوات (الإسرائيلية) في الضفة الغربية المحتلة؟؟ يعني ببساطة شديدة بقاء الأرض، كل الأرض الفلسطينية، محتلة، وبقاء المستوطنات، وأحكام تهويد الأقصى والقدس، كعاصمة موحدة ل(إسرائيل)، وسلخ منطقة الأغوار نهائياً عن الأراضي الفلسطينية، والتي تشكل ما يقارب 25% من مساحة الضفة الغربية.
ويعني أيضاً...
إلغاء إقامة دولة فلسطينية إلغاءً فعلياً، بحكم الأمر الواقع، بعد ما تم تحويل الضفة إلى كانتونات وجزر معزولة، يصعب، أو بالأحرى يستحيل معها إقامة دولة متواصلة جغرافيا، والاكتفاء بحكم ذاتي هزيل، وسلطة مفلسة تعيش على صدقات الدول الأوروبية وأميركا.
ويعني أخيراً..
اعتبار الضفة الغربية وغزة جزءاً من المجال الحيوي (الإسرائيلي)، أو بعبارة أخرى "الفناء الخلفي" لـ(إسرائيل)، كما يقول نتنياهو في كتابه "تحت الشمس"، ومصادرة حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال، وإقامة الدولة المستقلة على ترابه الوطني، والحكم عليه بالنفي الأبدي في الداخل والخارج.
كثيرون يعتبرون هذه المقترحات مجرد جس نبض، لمعرفة الردود الفلسطينية والعربية والأميركية، قبل أن تعلن حكومة العدو تبنيها رسمياً.
وفي تقديرنا، فإن باراك لم يعلن عن هذه المقترحات قبل أن يناقشها مع رئيسه "نتنياهو"، ومع الإدارة الأميركية، ولم يكن مصادفة أن تزامن وقت إعلانها مع وجوده في نيويورك، والالتقاء مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون..
إن توقيت إعلان هذه الخطة الصهيونية، كما نشرتها جريدة (إسرائيل) اليوم" تزامن مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يعتبر رسالة للمجتمع الدولي، بأن (إسرائيل) معنية بحل المشكلة، وها هي تقدم مقترحات جديدة للخروج من المأزق، الذي وصلت إليه المفاوضات، وهي أيضاً رسالة تهديد وإنذار وابتزاز للسلطة الفلسطينية، بأن تسحب مشروع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، من أدراج الأمم المتحدة، وتعلن استئناف المفاوضات بالشروط (الإسرائيلية)، والاستسلام للمشروع الصهيوني الاستئصالي.
باختصار... نميل إلى الاعتقاد، بأن خطة باراك بالانسحاب الأحادي من الضفة الغربية، كما يطلق عليها، هي استراتيجية العدو المفضلة، لأنها تخدم أهدافه ومخططاته، والتي تدور حول بقاء الضفة الغربية وغزة تحت سيف الاحتلال.