غزة- عبد الحميد حمدونة
تأفف الشاب محمد مطر ذو العشرين ربيعا من رائحة المكان عندما مر مع والديه بجانب مكان لبيع السمك على شارع الجلاء، ورفض وأسرته الشراء من هذا السمك، وقال والده مبررا رفضه:" لا أرغب في شراء سمك غير مضمون وأعتقد انه مثلج ويبيعونه على أساس أنه طازج!".
وقبيل غروب الشمس يبدأ التجار بنصب صناديق السمك المهرب عبر الأنفاق على إحدى زوايا شارع الجلاء تحديدا مقابل مسجد التقوى الذي قصف خلال العدوان، وتبدأ معها وتيرة صوت البائعين بالعلو ويشتد الازدحام المروري ، عوضا عن انطلاق روائح السمك.
ويتعجب مطر الذي يقطن بجوار سوق الشيخ رضوان:" ألا يكفيهم البيع في السوق والروائح التي تصدر عنه، فيذهبون للبيع على أماكن جميلة كشارع الجلاء؟".
المهندس عبد الرحيم أبوالقمبز مدير إدارة الصحة والبيئة في بلدية غزة قال لـ"الرسالة": أرسلنا تحذيرا للبائعين هناك بالكف عن بيع الأسماك في مثل هذه المناطق".
وأكد أنه أرسل كتابا إلى لجنة التفتيش والمتابعة لمنع هذه الظاهرة السيئة، خصوصا محذرا البائعين من بيع الأسماك على الشارع العمومي، وإرشادهم إلى بيعها في مكانها المخصص.
وبخصوص جودة الأسماك التي تُباع، قال أبوالقمبز:"الأسماك تأتي عبر الأنفاق من ميناء العريش البحري، ولا أستطيع طمأنة المواطنين وعليهم التحري عن جودتها في حال شرائها."
أما عن الخطوات التي ستتخذها بلدية غزة فقال أبو القمبز:" سنلاحق الذين لا ينصاعون للقرار وتغريمهم، لأن هذا مخالف للقوانين المحلية، وعليهم اختيار أماكن البيع المخصصة لذلك".
وأضاف:" تأتينا في اليوم مائة شكوى من المواطنين القاطنين في تلك المنطقة، بسبب الروائح التي تصدر عن الأسماك، عوضا عن الأصوات المزعجة للبائعين والمشترين، خصوصا أن البيع يتم في وقت ما بعد المغرب".
أما الشاب رشاد بدر (27 عاما) فهو مغرم بوجبات السمك التي تصنعها زوجته، قال: "أشتري من تلك الأسماك وكأنها اصطيدت للتو، وأؤيد وجود السوق بالقرب من بيتي حتى لا أضطر للذهاب بعيدا إلى سوق الحسبة في منطقة الشيخ عجلين كي أشتري منه."
جدير ذكره أن شارع الجلاء قديم جدا، ويعتبر أحد أكبر شوارع المدينة إذ يتسع الاتجاه الواحد لخمس سيارات، ويطلق عليه الغزيون "شارع الموت" لكثرة من ارتقوا شهداء فيه جراء استهدافهم من قوات الاحتلال.
وأوضح أبوالقمبز أن هذا الشارع يحظى باهتمام بلدية غزة لكونه يربط بين شرق المدينة وغربها ويعتبر شارعاً حيوياً ومهماً.
المواطن محمد مهدي (33 عاما) صاحب محل للملابس على شارع الجلاء قال لـ "الرسالة":" البائعون يقومون بالبيع في الليل حتى لا يرى المشتري نوعية وجودة الأسماك، ويتسبب بازدحام مروري أمام المحلات"، وطالب مهدي الجهات المختصة بحظر هذه الظاهرة في أقرب وقت ممكن.
ورغم أن قطاع غزة يطل على البحر المتوسط الذي يحوي جميع أنواع السمك، إلا أن هذه الأسماك شحيحة في القطاع بسبب سيطرة قوات الاحتلال عليه ومنعها الصيادين من الإبحار واصطياد الأسماك وسد رمق عيشهم.
وما زال يتسلل سؤال إلى أذهان القاطنين بالقرب من مكان بيع السمك على شارع الجلاء وسط مدينة غزة: هل أصحبت الشوارع العمومية سوقاً مفتوحا لبيع الأسماك عوضا عن بيع الحمضيات والفواكه على ذات الشارع؟!