قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: الشباب.. الاحتياجات والمسؤوليات

مؤمن بسيسو
مؤمن بسيسو

مؤمن بسيسو

واقع الشباب الفلسطينيين في ظل الظروف الراهنة مؤسف وبائس بكل المقاييس، فالدعم الذي يحظى به الشباب والقطاعات الشبابية معنوي في غالبيته الساحقة، ويجترح التنظير المجرد أكثر مما يقدم حلولا عملية لمشكلات الشباب واحتياجاتهم الملحة المختلفة.

الكل في التقصير سواء، ولا يمكن تحميل فئة بعينها مسؤولية تردي أوضاع الشباب وظروفهم، فالحكومة تتحمل جزءا من المسؤولية، والتشريعي والفصائل كذلك، ومنظمات المجتمع المدني تتحمل قسطا آخر فضلا عن الأسرة والمحاضن التعليمية المختلفة.

لا يمكن تعليق تقصيرنا إزاء الشباب على شماعة الوضع السياسي أو ظروف التحرر الوطني، لأن أعوام الانقسام والحصار الغابرة طحنت الشباب طحنا، ولم يسلم من نهش أنيابها وطعن مخالبها إلا القليل ممن رحمهم الله وأسبغ عليهم بجزيل رحمته ووافر هدايته.

لا تتوفر إحصاءات دقيقة عن عدد الشباب الذي يتحرى الزواج ولا يملك الإمكانات والمقومات، والكثير من هؤلاء في ظل انحدار الوضع التربوي ذوو تربية غضّة تحركها رياح الشهوات الجامحة، وما أسهل وقوعهم في شرك الفتن ومستنقعات الانحراف في ظل ضعف الحصانة الإيمانية والمناعة التربوية!.

نحن أشد ما نكون حاجة اليوم إلى مراجعة مواقفنا وسياساتنا اتجاه الشباب، وها هنا لا يمكن اختزال احتياجات الشباب في العنصر المادي، فالشباب فوق حاجتهم إلى الاكتفاء المادي هم بحاجة ماسة للغاية إلى الرعاية التربوية والثقافية والترفيهية المنضبطة وفق الأصول الشرعية والقواعد الأخلاقية المعروفة.

عندما أعلنت الحكومة عام 2010 عاما للشباب تفاءل كثيرون من الشباب، وبدا قرار صرف مبلغ مليون دولار كمنحة حكومية أول الغيث وبداية المشوار، ولكن تحولت المنحة إلى قرض أفسد على الشباب تفاؤلهم وأعادهم إلى مربع الخيبة والإحباط من جديد.

المجلس التشريعي أصدر بدوره قانون الشباب، وهو جهد مقدّر دون لا ريب، لكن التشريعي لم يتول متابعة تطبيق هذا القانون لدى الجهات الحكومية والأهلية المتخصصة، وهكذا بقي القانون حبرا على ورق حتى اليوم.

القوى والفصائل باتت اليوم ذات رعاية شبابية قاصرة على التأطير التنظيمي فقط في حين تتراجع مستويات العمل التربوي والثقافي يوما بعد يوم.

منظمات المجتمع المدني لم تقم أيضا بواجبها اتجاه القطاع الشبابي، فجلّ دورها اقتصر على تنفيذ مشاريع ذات أبعاد سياسية واجتماعية لا ينتصب الشباب أولوية معتبرة ضمن أجنداتها الممتدة ذات الإمكانات الواسعة.

ولشدة التقصير الوطني اتجاه الشباب في الجانب الترفيهي أُخليت الساحة لمجموعة من رجال الأعمال الذين نفذوا مشروعات ترفيهية كبيرة على أرضية تجارية ابتغاء الربح المادي، وهي مشاريع لا يرتادها كثيرون من الشباب الذين تهدّهم سياط الفاقة والحرمان.

بالإمكان اليوم استدراك الحال البائسة الذي بلغه الشباب عبر إعادة صياغة رؤيتنا الوطنية لاحتياجات القطاع الشبابي العريض عبر ورش عمل تشارك فيها كل جهات الاختصاص، ومن ثم تحديد الواجبات وتوزيع الأعباء والمسؤوليات، والبدء العملي في ملامسة الجرح النازف الذي يخلّفه الشباب في المجتمع هذه الأيام.

بإمكاننا أن نفعل الكثير لاستنقاذ الشباب، ولن نتنسم عبير النجاح إلا إذا وضعنا خدمات المياه والكهرباء والوقود والصحة والتعليم في كفة، ووضعنا الشباب عماد الأمة ومبعث نهضتها في الكفة الأخرى.

البث المباشر