قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: غزة.. والحصار المستمر

عوني صادق

خرجت صحيفة (المصري اليوم - 1/10/2012) في أول أيام شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري حين تحتفل مصر بأعياد النصر بالخبر الآتي: «دفعت القوات المسلحة بمعدات جديدة لهدم الأنفاق في مدينة رفح فيما نظمت حماس اعتصاما على الجانب الفلسطيني من الحدود لمطالبة مصر بوقف إغلاق الأنفاق قبل فتح المعابر كليا».

لا أحد يجهل حقيقة الوضع الذي يعيشه سكان قطاع غزة في ظل الحصار «الإسرائيلي» الممتد ليس فقط منذ 2006 بل قبله، والذي أكملت معالمه حرب «الرصاص المصبوب» في نهاية 2008.

ولا أحد يجهل أن حاجة الغزيين هي التي اخترعت «الأنفاق»، ولا أحد ينكر ما قد يصاحب هذه «الأنفاق» من مساوئ لا يسأل عنها الغزيون، ولا المتعاونون معهم من المصريين، بل يسأل عنها العاجزون عن توفير الحل الذي يريح كل الأطراف، ويوفر للغزيين سبل الحياة حتى لو بالحد الأدنى.

وعندما أعلن عن فوز محمد مرسي رئيسا لمصر ابتهجت غزة واحتفلت بفوزه على أساس أن الرئيس المصري الجديد «منا وفينا»!، ولم يطل الوقت حتى تبين أن سياسة الرئيس «الجديد» الإخواني لم تختلف عن سياسة الرئيس «القديم» صديق بنيامين بن أليعازر على الأقل بالنسبة للموقف من موضوع قطاع غزة، وبعض المصريين يقول: «ولا بالنسبة لغيره».

يوم 18/9/2012 وصل إلى القاهرة وفد رفيع المستوى من حركة (حماس) في الداخل والخارج برئاسة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة، وضم كلا من إسماعيل هنية ومحمود الزهار وموسى أبو مرزوق، وآخرين.

وقيل أن المباحثات بين الجانبين شملت ملفات: المصالحة الفلسطينية، والأوضاع الأمنية على الحدود بين غزة ومصر، وقضية الحصار والأنفاق والمعابر.

ووصف المتحدث باسم حكومة غزة، طاهر النونو اللقاءات التي تمت بين أعضاء الوفد والمسؤولين المصريين بأنها كانت «إيجابية»، مؤكدا أن «اللقاءات ستتواصل لتنفيذ ما نوقش وبحث بين رئيسي الوزراء، ولاسيما في ظل نيات إيجابية لدى القيادة المصرية».

ويبدو أن هذه الزيارة وهي الثانية من نوعها خلال شهرين قد أثارت غضب جهتين: سلطة رام الله، وحكومة «تل أبيب»، فبالنسبة إلى الأولى فقد رأت في هذه الزيارات والمباحثات التي تجري في نطاقها «عبثا بوحدانية التمثيل الفلسطيني» وحذرت منه.

أما بالنسبة إلى الثانية فلم يظهر ذلك على السطح، لأن الاتصالات حاليا بين القاهرة و(تل أبيب) من تحت الطاولة.

ومع ذلك، فبعد أسبوع من انتهاء الزيارة أكدت الحكومة المصرية أنها تدرس إقامة ثلاث مناطق حرة في سيناء على الحدود مع غزة.

وقال اللواء محمد شوقي رئيس جهاز تنمية سيناء إن الحكومة مستمرة في دراسة إقامة هذه المناطق في رفح ونويبع والعريش، موضحا أنه سيبت في إقامة المناطق الثلاثة دفعة واحدة خلال العام الحالي.

وكان نمر حماد المستشار السياسي للرئيس محمود عباس قد أعلن أن مصر رفضت سعي (حماس) إلى إقامة منطقة حرة على الحدود، لكن الحركة نفت ذلك وأكدت أنها تنتظر الرد المصري.

أما محمود الزهار القيادي في حماس فنفى أن تكون الحركة قد تقدمت أصلا باقتراح لإقامة المنطقة الحرة، مشيرا إلى أن الجانب المصري هو صاحب الاقتراح.

وتبع هذا السجال تصريح للمتحدث باسم الرئاسة المصرية ياسر علي أكد فيه أنه لا يوجد أي مشروع لإقامة منطقة للتجارة الحرة على الحدود بين مصر وقطاع غزة، وأضاف في مؤتمر صحافي: «هذا الأمر لا يعدو مجرد فكرة طرحتها وسائل الإعلام، ولم يبحث أو يناقش رسميا على أي من المستويات، ولن نقبل أي خروق للسيادة المصرية على أرضنا من أي طرف».

وردًا على سؤال عن الاعتصام الذي نظمته حركة (حماس)، قال: "ليس لدى مؤسسة الرئاسة أي تعليق على اعتصام بعض أعضاء (حماس) على الحدود اعتراضا على هدم الأنفاق"، مؤكدًا أن سيناء أرض مصرية، "والسيادة عليها لا تقبل النقاش أو التفاوض من أي جهة مهما كانت"، (الخليج - 2/10/2012).

ويبدو أن الحديث عن المنطقة الحرة كغيره من أحاديث ملء الخانات الفارغة وتعبئة الوقت الضائع بفعل العجز عن اتخاذ الموقف الصحيح من المسألة.

وقد كان السؤال الذي يثيره موضوع أنفاق غزة، وما يزال، هو: لماذا لا يفتح معبر رفح كليا ودائما فتنتهي الحاجة للأنفاق ويصبح «المهربون» جميعا تحت طائلة القانون؟.

الكيان الصهيوني هو الذي يمنع ذلك، ولكن هناك من المصريين من يطالب أولا بإنجاز المصالحة الفلسطينية قبل فتح المعابر، وهذه حجة ساقطة، إذ هل ينتظر الأطفال حليبهم، وينتظر المرضى أدويتهم، وهل ينسى الطلاب جامعاتهم، حتى تنجز المصالحة؟.

وبعيدا عن حركتي (فتح) و(حماس) فكل الفلسطينيين ضاقوا ذرعا بالحركتين، ويطالبون بتحقيق المصالحة، ولكن شيئا منها لا يتحقق، فما العمل؟.

صحيفة الخليج الإماراتية

البث المباشر