يعمل الفلسطينيون على جلب احتياجاتهم عبر الأنفاق الأرضية على الحدود مع مصر، لكن كثير منهم يحرص على أن لا يقع نفقة فريسة للحملة الأمنية المتواصلة في الجانب المصري ضد تلك الأنفاق.
وتسبب هذا الواقع المستمر منذ شهرين ونصف في تذبذب العمل وعدم استقراره خصوصاً فيما يتعلق بإدخال مواد البناء والصناعة المحظورة على قطاع غزة من قبل (إسرائيل) منذ سبع سنوات.
ويقول مالكو أنفاق وعاملون في نقل السلع والبضائع إلى قطاع غزة: "العمل هنا غير مستقر والجميع يخشى أن يهدم نفقة في أي لحظة".
ويستغل مالكو الأنفاق على جانبي الحدود فترات الهدوء في الجانب المصري من الحدود ويقومون بضخ كميات كبيرة من البضائع والسلع المخزنة قرب الحدود داخل الأنفاق تمهيداً لإدخالها إلى غزة.
وكان فؤاد حرب في العشرينات من العمر منهمكاً في حث زملائه على إخراج حوالي ثلاثين طن من الاسمنت وشحنها عبر شاحنة تصطف بجانب نفقة قرب بوابة صلاح الدين الشهيرة على الحدود.
وقال حرب وقد غطى الغبار الأبيض معظم جسده "عدنا للعمل لكن ليس كما في السابق"، موضحاً أنه كان يجلب أكثر من مائة طن اسمنت يومياً عبر نفقة لكنه اليوم لا تزيد الكمية عن خمسين طن".
وعزا حرب ومالكو أنفاق لـ"الرسالة نت" تراجع حجم البضائع إلى الخوف من هدم الأنفاق من قبل الأمن المصري ونتيجة إلى شح البضائع والسلع القادمة إلى رفح المصرية جراء القيود المفروضة على مرورها لتلك المدينة المتاخمة لقطاع غزة.
وقال مالك نفق عرف نفسه باسم أبو حسان أنه لا يزال يعمل على تشيد محقن جديد للحصمة داخل الأراضي المصرية من أجل تشغيل نفقة من جديد.
وأوضح أبو حسان أن حوالي خمسة عشر عامل فقدوا عملهم بعد تدمير نفقة من الجهة المصرية، مبيناً أنه يعمل مع شريكة المصري على إعادة النفق للعمل من جديد.
وتقول مصر إن حملتها ضد الأنفاق تأتي في إطار حماية أمنها القومي، لكنها لم تقدم بديل ينهي معاناة الفلسطينيين الذين يقولون إن الأنفاق تعتبر "شريان الحياة" المتبقي لهم.
وبدأت مصر إغلاق الأنفاق بعد هجوم وقع في الخامس من آب/ أغسطس الماضي في سيناء قتل خلاله مسلحون 17 جنديا مصريا.
وتتواصل التظاهرات السلمية في قطاع غزة لمطالبة مصر بوقف هدم الأنفاق دون إيجاد بديل ينهي حصارهم المتواصل منذ سنوات طويلة.
ولبى المئات من الفلسطينيين دعوة وجهها تجمع النقابات المهنية هذا الأسبوع للتظاهر ضد سياسة هدم الأنفاق من قبل الجيش المصري.
وتفرض (إسرائيل) حصارا مشدداً على القطاع منذ صيف العام 2007.
وتشير إحصائية حصلت "الرسالة نت" عليها من وزارة الاقتصاد الوطني أن 48 في المئة من الواردات عبر الأنفاق خلال هذا العام هي من مواد البناء.
ومعظم الأنفاق التي هدمها الجيش المصري مخصصه لإدخال مواد البناء وكانت تعمل على مرآي ومسمع كل من يدخل مدينة رفح المصرية.
وبلغ حجم استيراد قطاع غزة عبر الأنفاق خلال النصف الأول من العام الجاري حوالي نصف مليار دولار وفق إحصائية الاقتصاد الوطني.
واستخدمت الفلسطينيون الأنفاق لاستيراد كل شيء بدأ من الغذاء إلى مواد البناء والوقود والسيارات.
وقال صاحب نفق مشترطاً عدم ذكر اسمه "بدون الأنفاق البلد تدمر .. كل شيء يأتي من هنا" في إشارة إلى عشرات الأنفاق التي لا تزال تعمل على الحدود.
ويقول الجيش المصري إنه أغلق 120 نفق خلال الشهريين الماضيين.
وتشير تقديرات محلية في رفح إلى أن عدد الأنفاق المنتشرة على طول الشريط الحدود البالغ 13 كيلو متر وصلت إلى 1200 نفق. لكن مسؤولون حكوميون يشككون في هذا العدد.
قال الخبير الاقتصادي معين رجب لـ"الرسالة نت": الأنفاق أصبحت "شريان مهم" للاقتصاد الفلسطيني خصوصاً وأنها توفر أكثر من سبعين بالمئة من احتياجات قطاع غزة".
وأوضح رجب أن إغلاق الأنفاق يجب أن يقابله حل سحري ينهي الحصار سواء من خلال إعادة فتح المعابر مع (إسرائيل) من جديد أو إنشاء سوق حرة مع مصر وكلا الخياران لا يزالان بعيدا المنال على ما يبدو.