مصطفى الصواف
يبدو أن المقاومة لازالت حية في قلوب الشعوب العربية ولم تمت بعد، أي لم تستسلم الشعوب كما استسلم النظام العربي الحاكم، مؤتمر بيروت لدعم المقاومة كان عنوانا لمرحلة جديدة تؤكد فيها قطاعات كبيرة من الشعوب العربية والإسلامية مساندتها للمقاومة بكل أشكالها وألوانها، سياسية أو عسكرية، مقاومة لمحتل أو مقاومة لظلم.
ولكن المؤسف حالة الاستسلام التي اعترت النظم العربية الحاكمة التي تحارب المقاومة بكل ما تملك من أدوات، ونحن نتحدث في فلسطين عن المقاومة وأهميتها بالنسبة للقضية الفلسطينية، والتي لازالت الوسيلة الأفضل في تحقيق الحقوق وعودة الأرض وتحرير المقدسات، إلا أن عملية الإسناد للمقاومة باتت معدومة، ليس ذلك فحسب؛ بل هناك حرب ضروس ضد المقاومة، وضد المقاومين، وضد أدوات المقاومة، هذه الحرب يدركها الجميع، وتقودها أمريكا وإسرائيل في منطقتنا، ويتولى القيام بتنفيذها بعض العرب وبعض الفلسطينيين.
فالحكومة المصرية تقوم بدور واضح وعلني في محاربة المقاومة بحجة الأمن القومي والسيادة، ولكن الإجراءات التي تقوم بها على الحدود مع قطاع غزة لا علاقة لها بالأمن القومي والسيادة؛ إنما هي تنفيذ لقرار أمريكي إسرائيلي بهدف ملاحقة المقاومة الفلسطينية، وتجفيف منابعها من خلال منع إدخال السلاح لتمكين المقاومة الفلسطينية من الدفاع عن نفسها وعن شعبها وحقوقه، الجدار الفولاذي، الأبراج العسكرية، المنطقة البحرية الملاصقة لحدود فلسطين في مياه مدينة رفح، ثالوث يهدف لتطويق قطاع غزة وحرمانه من أدوات المقاومة، وهذا هو الهدف الذي تسعى إليه مصر وأمريكا وإسرائيل، إلى جانب تشديد الحصار لتجويع الشعب الفلسطيني وكسر إرادته.
في الجانب الفلسطيني هناك ملاحقة للمقاومة ورجالها وكان آخرها اعتقال القائد في كتائب القسام أيوب القواسمة والمطارد لقوات الاحتلال الصهيوني منذ اثني عشر عاما، وكذلك ما سبق من محاولة لاعتقال القائد سدر في الخليل والتي جوبهت بمقاومة شعبية لأمن سلطة رام الله.
هذه الملاحقة تأتي في سياق ملاحقة المقاومة والقضاء عليها والتي تمارسها أجهزة رام الله والتي يشرف عليها الجنرال الأمريكي دايتون، والتي تهدف في المقام الأول إلى القضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني، وحفظ أمن الاحتلال، بعد أن تحولت عناصر الأمن الفلسطينية إلى حراس أمنيين للمحتلين.
هذه المحاولات الفلسطينية والمستمرة منذ أكثر من عامين نجحت على الحد من فعل المقاومين، ساعدها في ذلك إلى جانب الاحتلال قوى فلسطينية تدعي المقاومة؛ ولكنها لا تحرك ساكنا في الضفة الغربية، واستسلمت لهذه الحرب المجنونة على المقاومة، وألقت سلاحها جانبا وتدق الطبول ليل نهار تتغنى بالمقاومة وعدم تخليها عنها، مما يجعل المواجهة في الضفة الغربية تبدو للعيان بأنها مواجهة سياسية بين فتح وحماس وصراع على السلطة، ولكن حقيقة الأمر أنها صراع بين من يريد التنازل والتفريط بالحقوق والثوابت، وبين من يريد الحفاظ على الثوابت ويسعى إلى شق طريق التحرير عبر المقاومة.
جربت السلطة ملاحقة المقاومة في بداية عهدها في غزة ولم تنجح ، وهي تجرب اليوم، وستكون النتيجة هي نفس النتيجة، ومؤتمر بيروت لدعم المقاومة هو دليل عافية وتأكيد على أن المقاومة هي الطريق نحو التحرير، وشاء القدر أن يكون مؤتمر دعم المقاومة في بيروت والتي شهدت مؤتمر القمة العربية عام 2002 والتي شكلت المرحلة الأخيرة في الانهيار العربي والاستسلام ليهود وسياستها، فجاء مؤتمر المقاومة في بيروت ليقول لا للاستسلام ونعم للمقاومة.