قائمة الموقع

في بيت أم صلاح.. الفشل الكلوي يقطع اوصال الاسرة

2010-01-18T17:10:00+02:00

المحافظة الوسطى-محمد بلّور

الحياة في بيت أم صلاح تفقد طبيعتها الاجتماعية, فالزيارات الأسبوعية لقسم الكلى بمستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، تحرم أم صلاح وأبناءها حضور اجتماع أسري، مكتفين برد التحية وهم يتناوبون في حركة مكوكية للذهاب والعودة من المستشفى .

أصيب ستة من أسرة المرحوم يحيى الخطيب بـ"الفشل الكلوي" فقضى على الأب وابنيه صلاح واحمد قبل سنوات فيما لازال يعاني منه كل من الأم 53 عاما ومحمد 24 عاما وأشرف 20 عاما وحديثا الطفل محمود 15 عاما.

 يخفق قلب أم صلاح خوفا على مصير ابنها الأصغر محمود فقد بدأت علامات المرض تظهر على جسده النحيل , نفس "السيناريو" بدأ في السابق مع إخوته صلاح وأحمد وأشرف ومحمد ومن قبلهم الأب يحيى وأمهم ذاتها, شحوب في الوجه وآلام ثم تشخيص لمرض اعتادوا عليه .

 ويتوسط محمود الصورة بين عمه "أبو محمد" الراعي الأساسي للأسرة المكلومة ووالدته بينما تبدو علامات القلق الشديد على قسمات وجهه.

أسرة مشتتة

لا تجد أم صلاح 53 عاما فرصة لتسعد برؤية من تبقى من أسرتها في ساعة واحدة, فهي وأبناؤها مضطرين للمكوث تحت "آلة غسل الكلى" ساعات طويلة ثلاث مرات أسبوعيا.

ويصف "أبو محمد" عبد الكريم الخطيب 65 عام شقيق الأب يحيى آخر حلقات المعاناة فيضيف:"سافر ابن أخي محمد لزراعة كلية من ابني خالد في مصر وهناك تبين عدم تطابق الأنسجة فقالوا لنا عليكم الحصول على كلية من متبرع آخر وتكلفتها 37500$" .

يلوّح "أبو محمد" بحزمة أوراق وجدول تكلفة موسوم بختم المستشفى المصري حيث يعلّقون أملا على نجاح عملية محمد إن توفر المال وإعالته لأسرته المريضة مستقبلا.

تلف أم صلاح نفسها برداء أسود معلنة عن معاناتها المستمرة فقد عاشت أرملة وثكلى ومريضة في آن واحد فتضيف:"ظهر المرض على ابني صلاح حين كان 15 سنة في الانتفاضة الأولى وبدأنا نغسل له الكلى بمستشفى الشفاء وفي العام التالي ظهر المرض على ابني أحمد وقد تبرع الأب بكليته لابنه صلاح فعاش 7 سنوات ووصل سنة ثالثة بالجامعة ثم توفي صلاح وأحمد وتوفي الأب قبل سنوات بسكتة قلبية" .

أصيبت الأم بالفشل الكلوي قبل 5 سنوات ثم أصيب محمد قبل 4 سنوات وأشرف لحقه بعام ومحمود 15 عام بدأ الشهر الماضي يعاني من التهابات في الكلية ما يعني مقدمة لذات المرض الذي تظهر علاماته مع سن البلوغ.

معاناة يومية

ألفت أسرة أم صلاح الرحلة إلى مستشفى شهداء الأقصى, لكنها لم تألف قضاء ثلاث ساعات تحت آلة غسيل الكلى, الوجوه هناك شاحبة والأيادي ممدة على مقاعد باردة تكرر دماء ساخنة في أوردة طرية.

وتضيف أم صلاح"نعاني معاناة حقيقية وقد أصيب أشرف بالتهاب الكبد الوبائي من عدوى ووقتنا كله نمضيه في المستشفى وإذا غبنا عن الغسيل نشعر باختناق ولا يوجد للأسرة معين ولا تكفينا بعض المساعدات الإغاثية من أهل الخير" .

ولأم صلاح ثلاث بنات أحداهن أصيبت بإعاقة في ساقها جراء حادث في طفولتها .

تدور عينا محمود بحركة متوترة , مصيبته الجديدة زادت من شحوبة وجهه وهو يستمع لأمه تتحدث عن مصير إخوة قضوا في ذات المرض لقد اضطرت أم صلاح مؤخرا لشرح حالته لمعلم الصف أيام الامتحانات ليرأفوا بحالته .

"يرحم الله أبو صلاح" جددت الأم حديثها بهذه الجملة فقد جاء على خاطرها في أيام الحرب على غزة حين لم تتمكن الأسرة من الوصول إلى المستشفى والطائرات توزع القنابل على المارّة والسيارات.

وأضافت:"أشعر بحزن شديد لكن لا املك من الأمر شيئا, نتعايش مع المرض أكثر ما أثّر في نفسي حين أصبحنا كلنا نغسل الكلى صرت أذهب وأعود من المستشفى وأنا أبكي وأرى أولادي يغسلون الكلى وأبكي..".

وتناشد أم صلاح أهل الخير بمساعدة أسرتها وبالأخص مساعدة ابنها الذي لا يقوى على دفع تكلفة زراعة كلية في مصر فهم يعلّقون أملا كبيرا عليه ليتعافى ويتمكن من دفع عجلة الحياة في الأسرة.

متطلبات مفقودة

السيد عبد الكريم الخطيب "أبو محمد" يربطه عقد معنوي مع أسرة شقيقه المتوفى كونه عمهم الأكبر وواجبه الوقوف لجانبهم وقد أصبح ملما بمشاكل الأسرة.

قال أبو محمد للرسالة: "المعاناة يومية فيحتاجون لطعام وشراب أقره الطبيب ومن الصعب توفيره فهم بحاجة للحوم حمراء وشوربات وطعام خال من الدهون ووضعهم سيء. وكثيرا ما يضطرون لاستخدام سيارة تنقلهم من وإلى المستشفى وهذا أمر شاق لأن الإمكانات المادية محدودة" .

 عدّل أبو محمد من جلسته مطلقا مناشدة لأهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة لمساعدة أسرة أخيه المصابة بالفشل الكلوي بالجملة.

وقاطعت أم صلاح أبو محمد لتضيف فصلا جديدا من معاناة ابنها محمد الذي أجرى له وفد طبي مصري عملية جراحية في ذراعه "تجميع أوردة" وفشلت.

وينتظر أسرة أم صلاح مصير مجهول لأربعة مصابين بالفشل الكلوي أقل ما يقال عنه أنه مدعاة للقلق على مدار الساعة.

 

اخبار ذات صلة