ما هي استعداداتها في حال تكرر العدوان؟

بعد عام .. جبهة غزة الداخلية تحت المجهر

 الداخلية: لدينا خطط طوارئ لا نستطيع الكشف عنها

الإغاثة: شكلنا فرقا ميدانية مجهزة على مستوى عال

الدفاع المدني: وضعنا خطة تتعلق بكيفية التعامل مع الحدث

الإسعاف : فعلنا خلية أزمة والجهات المعنية جاهزة لأي طارئ

غزة- فادي الحسني

في وقت يستعد فيه الاحتلال لشن حرب جديدة على غزة، كما يروج في الأوساط الإعلامية، فإن الجبهة الداخلية "الإسرائيلية" تزيد من تحصينها سواء من خلال توفير الملاجئ أو حتى عبر تجهيز "القبة الحديدية" على حدودها مع غزة، لاعتراض صواريخ المقاومة الفلسطينية، رغم أنها دوماً تبدو الأقل تضرراً، وتخرج بأقل خسارة.

وتستدعي التحصينات التي تجريها دولة الاحتلال، مزيداً من التساؤل حول مدى استعداد قطاع غزة لمواجهة أي عدوان خاصة أن طبول حرب خريف 2009، قرعت على غفلة ودون سابق إنذار، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أنه كان سببا في زيادة عدد الضحايا.

فهل تعلمت غزة من دروس الحرب الماضية؟ وإلى أي حد أعدت الجهات المعنية نفسها؟ وهل خطط الطوارئ شغلت حيزاً من اهتمام المسئولين؟.

أرواح المئات

وتجري "إسرائيل" بين الحين والآخر مناورات عسكرية، وتدعو المستوطنين الجاثمين على الأراضي المحتلة عام 1948  للاحتماء بالملاجئ تحسبا لهجوم صاروخي من عدة محاور.

كل هذا يأتي في إطار تدريب واسع النطاق على إجراءات الدفاع المدني، الذي تنظمه سلطات الاحتلال.

كما ويطلب الاحتلال من المستوطنين تخزين المواد الغذائية والمؤن الضرورية في الملاجئ، مع أن "إسرائيل" خرجت بأقل خسارة خلال الحرب الماضية على غزة، في حين أن غزة شهدت سقوط ما يزيد عن 1500 شهيد، ناهيك عن آلاف المصابين والمشردين.

وأزهقت الضربة الجوية الأولى للحرب على غزة مطلع العام الماضي، أرواح المئات من عناصر الأجهزة الأمنية بفعل استهداف جميع مقراتها، لكن وزارة الداخلية تبدو محتاطة هذه المرة، رغم أنها لم تكشف عن تفاصيل الخطة التي أعدتها لمواجهة أي طارئ.

وأكد المتحدث باسم الداخلية إيهاب الغصين، أن الإدارات والأجهزة الأمنية كافة، حدثت خطط الطوارئ التي كانت قد وضعتها قبل الحرب، وأضحت جاهزة للعمل بموجبها إذا ما حدث عدوان جديد على القطاع.

وقال الغصين لـ"الرسالة": نحن لا نستطيع الكشف عن تفاصيل الخطط الموضوعة لكننا نؤكد على أهمية استمرار العمل في حالة الطوارئ وإعادة الانتشار".

ورأى في الحرب على غزة، أنها كانت بمثابة تجربة عملية جعلت الأجهزة الأمنية والإدارات المختلفة التابعة لوزارة الداخلية، تقوم بتعديل خططها الجاهز ومحاكاتها على أرض الواقع.

ولا تبدو الاحتياطات الطبية بأقل أهمية من الأمنية، خاصة أنه من المعلوم أن طواقم الإسعاف كانت قد واجهت معوقات جمة أثناء الحرب، لاسيما في نقل المصابين ومساعدة الجرحى سكان المناطق النائية.

وعقب الحرب جرى تشكيل اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ بغزة، وذلك في إطار مواجهة ما هو طارئ، ويقول رئيس اللجنة د.معاوية حسنين :"وضعنا أنفسنا في احتمالية مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية من جديد، على الأرض (..) لدينا خطة مستحدثة أدخلنا عليها بعض التعديلات اخذين بعين الاعتبار الدروس المستفادة من الحرب الماضية".

وأضاف حسنين لـ"الرسالة": شكلنا غرفة إدارة أزمة واليوم جميع الجهات المعنية سواء المستشفيات أو دور الرعاية الأولية بالإضافة إلى وزارة الصحة، جاهزة لتطبيق الخطة عند حدوث أي طارئ".

وأكد أنهم اعدوا أسطولا من سيارات الإسعاف المجهزة بالإضافة إلى العيادات المتنقلة، قائلا :"لدينا 75 سيارة إسعاف مجهزة على مستوى عال، و 25 سيارة عناية مركزة، وهي مجهزة بالمعدات للوصول السريع لأي موقع ولخدمة الجرحى وحتى المرضى".

حالات مرضية

وأشار إلى أنهم اخذوا احتياطاتهم كافة لمعالجة الحالات المرضية، خاصة تلك التي يصعب نقلها للمستشفيات أثناء فترة الطوارئ، علاوة على الجرحى والمصابين، موضحا أنهم سيكونون على تواصل مباشر مع المؤسسات الدولية ومع الصليب الأحمر.

بدوره أكد مصطفى عابد مسؤول برنامج التأهيل في الإغاثة الطبية الفلسطينية، أن الإغاثة على جاهزية تامة من اجل التخفيف من معاناة المواطنين خاصة في وقت الأزمات والحروب، ومن أجل إفساح المجال أم المستشفيات لأخذ دورها في علاج المرضى.

وقال عابد لـ"الرسالة" إن فرق التأهيل الطبي على جاهزية تامة من أجل تقديم الأدوات المساعدة والتأهيل ميدانيا سواء داخل المستشفيات كمتابعة احتياجاتها،  أو عبر الزيارات المنزلية لتقديم خدمات التأهيل الطبي والعلاج النفسي".

وبين عابد أن دورهم مكملا للخدمات الصحية، مشيرا إلى أن جهزوا العيادات المتنقلة في مناطق قطاع غزة كافة، إضافة إلى سيارات الإسعاف.

كما شكلوا الفرق الطبية الميدانية وجهزوها على مستوى القطاع بالحقائب الطبية والحمالات، للتدخل في حال حدوث طارئ.

ولفت إلى أن الإغاثة الطبية قدمت خلال العام المنصرم 350 دورة تدريبية في الإسعاف الأولي، استفادت منها شرائح مختلفة من المجتمع، والتي من بينها المواطنين القاطنين في المناطق الحدودية.

 ولاحظ عابد وجود مفاهيم خاطئة عن (الإسعاف) لدى المواطنين، مبينا أنهم غيروا هذه المفاهيم من خلال توضيح كيفية معالجة المصاب والتعامل معه ومتى يحق للمسعف التدخل.

وقال مسؤول برنامج التأهيل في الإغاثة الطبية الفلسطينية :"أحدثنا تغييرا في المفاهيم المتعلقة بالتعامل مع المصابين والجرحى، كما قمنا بالتنسيق مع البلديات لإعطاء دورات للتدخل أوقات الأزمات والطوارئ بإشراف فرق طبية أردنية".

تجاوز الأزمة بعد دقائق

لكن جهاز الدفاع المدني التابع لوزارة الداخلية بدا أنه كان الأكثر قدرة على التعامل مع وقائع الحرب عن غيره من الطواقم، حيث يقول العقيد يوسف الزهار مدير الجهاز: "إن خططهم السابقة والتي وضعوها قبل الحرب بأيام، مكنتهم من تجاوز الأزمة بعد عشر دقائق من الضربة الأولى للحرب".

وقام جهاز الدفاع المدني بدراسة السلبيات والايجابيات، وخرج بخطة عمل جديدة عقب الحرب، ويقول الزهار لـ"الرسالة":"وضعنا خطة عمل مهنية تتعلق بكيفية التعامل مع الحدث وحماية أفراد الدفاع المدني والتواصل مع الجهات المعنية".

ووصف تجربة الحرب "بالكبيرة جداً" مؤكدا أنهم استفادوا من هذه التجربة بشكل مهني وعملي.

وعما إذا كان لديهم خطة لإجلاء المواطنين القاطنين بالقرب من المقرات الأمنية، قال الزهار: "المقرات الأمنية في مجملها بعيدة عن الأماكن السكنية، ولكن شعبنا الوحيد الذي يهرع دوما نحو القصف، وإرادته لا تتأثر بالقصف، إلا أننا نعمل على توجيهه في حالة وجود سخونة في الجو، ونعمل على إجلاء المواطنين من تلك المناطق".

وتحفظت "الرسالة" على بعض التفاصيل التي رأت أنها من الممكن أن تؤثر على عمل الجهات المعنية في حال حدوث أي طارئ.

ويظل طرح مثل هذه القضايا ليس من باب (نذير شؤم) وإنما من أجل معرفة مدى الاحتياطات حتى نتفادى سقوط مزيد من الضحايا.

 

 

البث المباشر