فرحة انتصار المقاومة في الحرب الاخيرة مع الاحتلال لم تقتصر على الفلسطينيين في قطاع غزة الذي حقق معادلة صعبة بل امتدت إلى مناطق تواجدهم المختلفة من العالم لاسيما اللاجئون في لبنان وعلى رأسهم قادة المقاومة.
"الرسالة نت" كان لها حوار مع مسؤول حركة المقاومة الاسلامية حماس في ساحة لبنان على بركة، الذي قال أن هذا الانتصار ما كان ليحصل لولا فضل الله، ورعايته، ومن ثم تضحيات الشعب الفلسطيني، والمجاهدين من أبنائه، واحتضان الشعب والأمة للمقاومة.
لكن ماهي مظاهر هذا الانتصار؟ أو كيف انتصرت غزة وهي التي تكبدت خسائر مادية كبيرة ؟ كان هذا سؤال "الرسالة" لبركة. الذي استعرض في إجابته أهداف العدو من حربه على غزة، أولها عسكري من خلال ضرب البنية التحتية للمقاومة واغتيال قادتها العسكريين ، وهذا الامر لم يتحقق منه سوى اغتيال الشهيد القائد أحمد الجعبري أما باقي القيادات فلم يستطيعوا الوصول لها كما ان البنية التحتية للمقاومة موجودة .
أما عن الهدف الثاني فذكر بركة أنه تمثل في محاولة اختبار الموقف المصري الذي تطور بشكل كبير عما كان في العهد السابق بل اختلف إلى درجة كبيرة ، فالنظام السابق كان يحاول الضغط على المقاومة وقياداتها بل ذهب إلى أبعد من ذلك بتواطؤه مع الاحتلال. أما الهدف الثالث الذي سعى الاحتلال لتحقيقه هو إخراج غزة من دائرة الصراع ، وهو ما لم يتحقق بالمطلق حيث خرجت غزة من المعركة وهي أكثر قوة وصلابة بفعل المقاومة وانجازاتها على الأرض.
وأشار بركة إلى قيادة مصر الحالية اتخذت موقفاً مشرفاً أثناء معركة غزة من خلال دفاعها عن المقاومة وحمايتها.
لكن هل هذا هو سقف الموقف الرسمي المصري ؟ بركة أجاب بقوله :" بالطبع هذا ليس المأمول فنحن نريد من مصر أن تدعم الشعب الفلسطيني بكل أنواع الدعم المادي والعسكري، وقطع العلاقات مع الكيان، لكن مصر تمر في مرحلة انتقالية، لا نريد أن نحملها الكثير، لكنها وضعت قدمها على الطريق الصحيح".
"قطاع غزة مفتوح لكل أبناء الأمة ولا تستطيع حماس اغلاقه في وجه أحد
"
ومع ذلك فإن مصر الثورة لا تزال تلعب دور الوسيط بين فصائل المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال ، حقيقة واجهت بها "الرسالة" بركة الذي قال أنه يستبعد أن تبقى مصر وسيطاً، مشيراً إلى أنه في أي حرب قادمة قد تكون طرفا مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال.
السلاح الايراني
في موضوع آخر متصل بانتصار المقاومة ، سألت "الرسالة" مسؤول حماس في لبنان عن دور ايران لاسيما أنها دعمت المقاومة بالأسلحة ومنها صواريخ (فجر 5) التي دكت بها تجمعات سكنية (إسرائيلية)، فقال بركة أن انتصار غزة هو انتصار للشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية ومن ضمنها ايران، والنصر تحديداً لا يمكن أن نحصره في دولة واحدة، أنه لا شك أن ايران تدعم المقاومة ومع ذلك فالسلاح الذي تستخدمه المقاومة ليس كله ايراني، والكثير منه سلاح محلي الصنع وصواريخ M 75 التي وصلت تل الربيع المحتلة (تل أبيب) وصواريخ أخرى تحصل عليها المقاومة من شعوب الأمة.
وأشار بركة إلى أن ايران إحدى الدول التي تدعم غزة، وبالطبع ليست المصدر الوحيد، فحماس تتلقى دعم إلى جانب العديد من الدول والشعوب، في مجال الصحة والتعليم، وقطر مثلاً قدمت الكثير من الدعم.
وإذا كانت الدول المختلفة تدعم غزة ومقاومتها فما هو دور قيادة حركة حماس في الخارج في معركة غزة ، وهل كان سياسياً فقط؟
بركة أجاب قائلاً :"حركة حماس هي جسم واحد يتوزع حيث تواجد الشعب الفلسطيني، فهي موجودة في مخيمات الشتات واللجوء، وقيادة حماس موزعة أيضا في الداخل والخارج، ولكن لها قيادة عليا وهي المكتب السياسي ، والحركة في الخارج موزعة وليست أعمالها كلها سياسية فقط، وتعمل على تأمين دعم صمود الداخل وإسناده بما تملك من قدرات.
العلاقة مع سوريا
وانتقلت دفة حديث "الرسالة نت " مع بركة إلى موضوع آخر ، وهو موضوع شديد الحساسية لدى حماس وقياداتها وهو علاقة الحركة مع سوريا ، فهل انتهت علاقة الحركة بالنظام السوري إلى غير رجعة ؟ ، بركة قال في رده على هذا الموضوع :"لا نستطيع أن نقول أن العلاقة انتهت إلى غير رجعة نحن لم نختلف مع القيادة السورية حول ملف الصراع مع الاحتلال أو ملف المقاومة بل كان حول الأزمة الداخلية، وأنه لابد من اصلاحات داخلية تحقق طموح الشعب السوري، وتطلعاته في الحرية ، هذا ما كانت تريده حركة حماس وبذلت جهودا لمدة عشرة شهور في هذا المضمار.
لكن هناك من يقول أنكم لم تكونوا أوفياء للنظام الذي احتض حركة حماس في الوقت الذي كانت قياداتها مطاردة ؟
"ايران ليست الجهة الوحيدة التي تدعم غزة ومقاومتها
"
بركة رد قائلاً :"النظام في سوريا وقف معنا ضد الاحتلال، ونحن لا يمكن أن نقف مع نظام ضد شعبه، وهذه مسألة مبدئية، فحماس لا يمكن أن تقف مع أي نظام عربي ضد شعبه ،وحركة حماس عملت على نصح الطرفين، وتعمل على معالجة الأمور بالحوار، ولكن إن فشلت تنأى بنفسها ولا تتدخل في الأمور الداخلية للدول، وبذلنا جهودا مع القيادة الإيرانية وحزب الله، وجامعة الدول العربية للوصول إلى حل سياسي ولكن لم نوفق.
اللاجئون ومخيماتهم
اللاجئون في لبنان يبلغون وفق احصائيات رسمية 400 ألف، لكن تشير بعض المصادر إلى أنهم يزيدون عن 600 ألف موزعين على عدد من المخيمات ويعيشون في ظروف صعبة ، وفي هذا يقول بركة: "قضية اللاجئين في لبنان سياسية بامتياز سببها الاحتلال الصهيوني عام 48، لكن الحكومة اللبنانية تتحمل مسؤولية عن رعاية اللاجئين ومنحهم العيش الكريم بالتعاون مع وكالة الأونروا.
وأضاف: للأسف الحكومات اللبنانية المتعاقبة تحرم اللاجئ من حقي العمل والتملك، نطالب الحكومة اللبنانية بأن تدعم صمود اللاجئين الفلسطينيين من خلال اقرار الحقوق المدنية والانسانية والسماح للفلسطيني للتملك ولو لمنزل لان المنازل لا تتسع لكل الأعداد الموجودة.
لكن "الرسالة" وجهت السؤال التالي لبركة ماذا عن نهر البارد الذي جرى تدميره ؟ ، بركة قال إن مخيم نهر البارد، مأساة خاصة كبيرة، فالحكومة اللبنانية متقاعسة في اعمار المخيم، بالرغم من من انها وعدت بالخروج المؤقت من المخيم وان العودة مؤكدة ، والحكومة أمنت بناء ثلاثة رزم من أصل ثمانية بالتعاون مع الأونروا.
وتابع: المخيم جرى تدميره في أحداث 2007، وما زال الناس مهجرون ،والأونروا مطالبة بالوفاء بالتزاماتها بإعادة اللاجئين إليه، والمخيمات هي محطات على طريق العودة.
وضع حماس
وانتقالاً إلى الحديث عن وضع حماس في لبنان ، ما هو حجم الشعبية الذي تتمتع به ، وما يمكن أن تحصل عليه من نسبة في حال تنظيم انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني؟ وفي هذا قال بركة :"حماس متواجدة في كل المخيمات، نقدر أن تحصل على 30% بالحد الأدنى في المخيمات اللبنانية ولكن مع حلفائها ستحصل على أكثر من 60%.
وعن العلاقة من الفصائل الاخرى قال :" علاقتنا مع الفصائل جيدة، انتهجنا نهج الاستيعاب وإطفاء الحرائق، ونحن كضيوف نتجنب المشاكل، لبنان ليس وطننا، مع تقديرنا له، فتح بعد أحداث الانقسام قاطعتنا فترة وعادوا وتواصلوا معنا، ونحن وهم نتعاون فيما يخدم الشعب الفلسطيني، ونسعى الان لتشكيل مرجعية في الساحة اللبنانية، لتقود الساحة في لبنان وتعيد بناء اللجان الشعبية بما يحقق استقرار المخيمات وعلاقة طيبة مع جميع اللبنانيين.
وحول زيارة وفد من تيار 14 آذار لقطاع غزة يضم النائب انطوان زهرة عن القوات اللبنانية المتورطة في مذبحة صبرا وشاتيلا، قال بركة أن قطاع غزة مفتوح لكل أبناء الأمة الاسلامية والعربية ، ولا تستطيع حركة حماس اغلاق بابه في وجه أحد.
وأشار أنه جرى ابلاغهم من تيار المستقبل بنيته زيارة القطاع مشيراً إلى أن الوفد اللبناني قام بتنسيق عبوره الى غزة مع السلطات المصرية.
اما السؤال الاخير الذي وجهته "الرسالة" لبركة فكان حول الحديث عن خلافات داخل حركة حماس لاسيما بين الداخل والخارج؟ حيث نفى بركة ذلك جملةً وتفصيلاً وقال ان ذلك يقع ضمن الاشاعات المغرضة.