مع حلول الظلام يمضي "أبو الوليد" بين أزقة المناطق الشمالية الغربية لقطاع غزة ، عيونه ترقب الأرض والسماء، قابضاً على بندقيته مترقباً لأي طارئ أو تحرك مباغت لقوات الاحتلال.
يصل أبو الوليد –المقاتل بكتائب القسام– إلى نقطة رباطه فيتفقد المكان ويستتر عن أعين الطائرات التي تحوم في أجواء القطاع بشكل مكثف على الرغم من وجود تهدئة.
ولم يمنع الإعلان عن اتفاق التهدئة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي قبل أكثر من أسبوع، عيون المرابطين على الثغور أن تبقى يقظة، منتبهة، لغدر عدو وارد.
يقول أبو الوليد لـ "الرسالة نت" التي رافقته في جولة محفوفة بالمخاطر: "نحن لا نركن لأي تهدئة مع الاحتلال، حتى لو كانت بتوقيع وضمانة العالم أجمع"، مستدركاً: "الغدر صفة ملتصقة باليهود على مر العهود".
ويضيف: "إن دخلت الطائرات في الأجواء يجري التعميم فوراً على جميع المجاهدين في أنحاء قطاع غزة كافة؛ ليأخذوا بأسباب الحيطة والحذر، مستشهدا باغتيال القائد أحمد الجعبري بشكل مباغت، بُعيد ساعات من تفاهمات على تهدئة بين المقاومة والاحتلال".
أما زميله في النقطة المجاورة الذي عرَّف عن نفسه بـ" أبو محمد"، فأكد أن الجاهزية يجب أن تكون في كل لحظة لأي عدوان ولأية مواجهة مرتقبة".
وشنت (إسرائيل) مؤخراً عدواناً واسعاً ضد قطاع غزة، بدأ باغتيال الجعبري، وانتهي بارتقاء 179 شهيداً وآلاف الجرحى.
وردَّت كتائب القسام على العدوان بشكل قوي ومفاجئ –وفق تصريحات قادة العدو- واستهدفت مدن (تل أبيب) والقدس لأول مرة، كما استهدفت عددا من الطائرات والبوارج الحربية.
وتوقع أبو محمد أن تكون هناك مواجهات عسكرية شديدة مع الاحتلال في قادم الأيام، جازماً بأن "طائرات العدو لا تخرج بدون أسباب".
وشدد على أن الاحتلال يعاود تقييم تجربته الأخيرة في غزة، ويحاول تجديد معلوماته الاستخبارية لملء بنك أهدافه، منوهاً إلى أن التعليمات تأتيهم بعدم التهاون بتاتاً وعدم الركون للهدوء.
"الرسالة نت" تحدثت مع مسئول المجموعة المرابطة – أبو أنس- الذي بيَّن أن آلاف المرابطين على امتداد قطاع غزة لا ينقطعون عن رصد الاحتلال على الأرض وفي السماء على مدار الساعة.
وشدد على أن الهدوء لا يعني التهاون وترك الميدان والثغور فارغة، موضحا أن المقاومة عهدت الغدر من الاحتلال، "لذلك لن تغمض أعينها لا عن الأرض ولا عن السماء". وفق تعبير أبو أنس.
يذكر أن "إسرائيل" شنت أواخر عام 2008 عدوانا شاملا ضد قطاع غزة راح ضحيته أكثر من 1400 شهيد ، رغم أنها أعطت ضمانات قبل العدوان بيوم واحد للمصريين بعدم مهاجمة غزة.
ويبدو أن تطور المقاومة على مدى السنين وتجاربها العديدة مع الاحتلال وخرقه لاتفاقات التهدئة التي أبرمت معها، جعلها على درجة عالية من الوعي والانتباه الشديد على مدار الساعة لأي عدوان.