حماس تحتفل باليوبيل الفضي لانطلاقتها، فماذا أنجزت حركة المقاومة الإسلامية حماس في خمس وعشرين عاماً؟
من الممكن تقسيم الانجازات في ثلاث محاور على النحو التالي:
أولاً: على الصعيد التنظيمي
نجحت حركة حماس من بناء شبكة مؤسساتية تحكم العلاقات التنظيمية في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية ..الخ.
وبذلك غاب دور الشخص لصالح دور المؤسسة وهذا بات واضحاً في فشل سياسة الاغتيالات والاعتقالات والإبعاد التي مارستها إسرائيل ضد قيادة ونخب حماس منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، وعلى العكس تماماً نجحت حماس في استثمار حماقات إسرائيل لصالحها، فحشدت الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي معها، وترجم ذلك عملياً بعد أن اختارها الشعب الفلسطيني لتمثله في يناير/2006م وفي العديد من المجالس البلدية والنقابية والطلابية، أضف إلى ذلك أن التربية الحزبية لدى حركة حماس التي تقوم على ركيزة أساسية تقوم على الطاعة للقائد والمسئول كشفت صعوبة اختراق تلك المنظومة عبر بث الشائعات الإعلامية التي تقوم على ضرب الثقة بين القواعد الحمساوية والقيادة، وقد يكون العدوان الأخير على القطاع قد أزال كل الشوائب التي تم إلصاقها بحركة حماس وتجربتها بالحكم.
ثانياً: على الصعيد الوطني
تأسيس حركة حماس أضاف الكثير للحركة الوطنية الفلسطينية، حيث شكلت رافداً مهماً للنضال الفلسطيني والمقاومة بكل أشكالها، وساهم في تعزيز ثقافة سياسية ذات بعد أيديولوجي للتمسك بالثوابت الوطنية، وعملت على بناء جيل مؤمن حافظ لكتاب الله ويستند في مقاومته على بعد عقائدي يساهم في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وحماية الجبهة الداخلية الفلسطينية من أي اختراق.
وقد منح العمق الاخواني لحركة حماس من زيادة قوة ومتانة الحركة الإسلامية في فلسطين، ثم جاءت تجربة حماس في الحكم والحصار الظالم الذي فرض عليها وبدأت حلقاته تتكسر بفضل صمود الشعب الفلسطيني، سيدفع الشعب الفلسطيني للتأكيد على خياره الديمقراطي ورفضه للوصاية الدولية، ودعمه للمقاومة والتحرير والعودة.
ثالثاَ: على الصعيد الإقليمي والدولي
نجحت حماس على الصعيد الإقليمي والدولي من إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية وزرعها في قلوب وأفئدة الشعوب العربية والإسلامية والدولية، وهذا بات واضحاً في مكانة قطاع غزة عند تلك الشعوب، وحجم القوافل والوفود الرسمية والشعبية التي تأتي للقطاع عبر معبر رفح، وعبر البحر الأبيض المتوسط من خلال سفن كسر الحصار.
أيضاً نجحت حركة حماس في إعادة القضية الفلسطينية لعمقها الاستراتيجي العربي والإسلامي مما اضعف الموقف الصهيوني والغربي، وترجم ذلك عملياً في نسبة التصويت الأممي لصالح مشروع قرار فلسطين دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، فبعد أن عملت إسرائيل والرباعية الدولية على عزل حماس إقليمياً ودولياً وفرض شروط ظالمة عليها، استطاعت حماس أن تغير قواعد اللعبة وتعزل إسرائيل وتكشف وجهها الحقيقي للرأي العام الغربي، وكان لحماس وخطابها الإعلامي منذ فوزها بالانتخابات التشريعية الأثر المباشر في ثورة التغيير (الربيع العربي) التي اجتاحت بعض الدول العربية وأطاحت بدكتاتوريات لم يكن أحد يتوقع زوالها.
استطاعت حماس أن تمزج بين المقاومة والحكم، ففرضت على العديد من دول العالم الجلوس معها لإنجاز التهدئة تارةً أو استمزاج رأيها في بعض القضايا الإقليمية والدولية تارة أخرى أو مشاركتها في انجاز صفقة وفاء الأحرار، والتي حررت حماس من خلالها أكثر من ألف أسير قبل عام ونيّف.
واستطاعت حماس أن تقلب الطاولة في وجه إسرائيل بعد أن ارتكبت حماقة اغتيال أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام لتحقيق مكاسب انتخابية، فما كان من حماس ومعها فصائل المقاومة لقلب الطاولة والإطاحة ببعض النخب الصهيونية وعلى رأسهم وزير الحرب ايهود باراك، وقد يحمل يوم الثاني والعشرون من يناير المقبل مفاجآت سقوط تحالف الليكود بيتنا كأحد أهم نتائج عملية عمود السحاب الإسرائيلية ضد قطاع غزة الأعزل.
وآخر هذه الانجازات حتى كتابة هذه السطور ما بات يسربه البعض حول مساعي بعض الدول الأوروبية لرفع حركة حماس من قائمة المنظمات (الإرهابية) حسب التصنيف الغربي.
وأخيراً.. حماس أصبحت حركة عابرة للقارات، لذلك هي بحاجة لإعادة هيكلة مؤسساتها وخطابها الإعلامي بما يتكيف والواقع الجديد ويصب في مصلحة دولة فلسطين.