قائمة الموقع

حمدان: من مصلحة (إسرائيل) ألا تستفز المقاومة بغزة

2012-12-06T07:32:25+02:00
بيروت – الرسالة نت - رامي خريس

محاورة مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس أسامة حمدان عن قرب تختلف إلى حد كبير عن الاستماع إليه عبر الهاتف أو القنوات التلفزيونية، فالرجل له طبيعة وكاريزما خاصة وفي الوقت نفسه فالتواضع سمة خاصة ملتصقة به رغم بروزه في منتصف التسعينيات أو نهايتها بصفته أبرز المتحدثين باسم حماس أو بالأحرى أكثرهم إقناعا.

"أبو حمدان" كما يطلق عليه المقربون استقبل في مكتبه ببيروت مجموعة من الصحافيين من بينهم موفد "الرسالة" إلى لبنان الذي فتح معه ملفات ساخنة على الساحة الفلسطينية كان من بينها آثار انتصار المقاومة وملف المصالحة الفلسطينية وعلاقات حماس الخارجية.

انتصار المقاومة

سؤال "الرسالة" لحمدان كان بداية حول موقع القضية الفلسطينية بعد العدوان على غزة الذي استمر ثمانية أيام وانتصار المقاومة، فقال: "موقع القضية تعزز في أكثر من اتجاه"، فهو يرى أنه على المستوى العربي الرسمي طفت بدايات تشكل معادلة جديدة في المنطقة.

وعلى المستوى الدولي، حمدان أشار إلى أن الحرب الأخيرة على غزة سهلت على الرئيس "أبو مازن" الذهاب للأمم المتحدة ونيل على ما حصل عليه، "فلولا الانتصار لكان مشهده سيئًا جدا هناك (...) الذين صوتوا بنعم قد أخذوا بعين الاعتبار طبيعة الإنجاز الذي تحقق والإصرار الفلسطيني على استعادة الحق بكل الطرق الممكنة، وعلى رأس ذلك المقاومة ضد الاحتلال".

أما على المستوى الداخلي، فرأى حمدان أن موقع القضية تعزز، "لأننا أصبحنا نتكلم عن المقاومة كفعل حقيقي، وكان بعضهم يتحدث قبل سنوات عن أن المقاومة عبث ومغامرة، فعادت المقاومة لتأخذ موقعها الحقيقي كحقيقة راسخة لا يستطيع أحد أن يجادل عليها، وهذا بنظري من أفضل الإنجازات".

"لكن، من هم شركاؤكم في الانتصار؟.. ألم تكن "إيران" التي أعطتكم صواريخ "فجر 5" إحدى الدول التي كان لها الفضل في تحقيقه؟".. كان هذا سؤال "الرسالة" الذي وجهته لحمدان الذي قال إن كل الأمة دعمتنا، مضيفا: "الصحيح أن إيران قدمت "صاروخ فجر 5" الذي استخدمناه في الحرب لكننا استخدمنا صواريخ أخرى".

وعندما نذكر "إيران" كان لا بد من سؤال لـ"الرسالة" عن العلاقة مع سوريا: "هناك من يقول إنكم لم تكونوا أوفياء للنظام الذي احتضنكم..!"، وكان هذا سؤال "الرسالة" الثاني حول علاقات حماس الدولية التي يضطلع حمدان بملفها، فرد سريعا قائلا: "لا يدخل في دائرة الوفاء أن من دعمنا في الحق ندعمه في الباطل، فالذي دعمنا في سوريا النظام والشعب معا، وعندما حصل ما حصل هناك كان لنا موقف واضح في محاولة الإصلاح وبذل الجهود فيما يحقق آمال الشعب السوري وبما يحمي البلد لكننا لم نوفق، وعندما وجدنا أنه لا فرصة لاستمرار دورنا وعملنا غادرنا بعد شهور من بداية الأزمة".

وبين أن حركة حماس أنِشأت موقفها من الأزمة السورية بتقدير مصلحة القضية الفلسطينية، "فنحن لم نقف موقفا فيه نكران للجميل، ولا نستطيع أن نقبل أن يكون الوفاء بأن نراقب مقتل آلاف من الشعب السوري دون أن نغادر على الأقل".

وأشار إلى ذلك قائلا: "اليوم الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال يقاتل من أجل أن يتحرر وأن يكون عزيزًا وكريمًا، لذلك لا نستطيع أن ننكر على شعب يريد المطالب نفسها، لأن هذه المعاني والقيم واحدة ولا تخص شعبنا دون آخر".

وفيما يتعلق بحصول فلسطين على عضو مراقب بالأمم المتحدة، أوضح حمدان أن حماس لم تعلن موقفًا يؤيد خطوة الرئيس عباس، "بل قلنا موقفًا مبكرًا ولا نزال عليه: إن تحرير فلسطين بعد تجربة عشرين سنة من التفاوض لا يكون إلا بالمقاومة".

وعبر عن اعتقاده بأن أي خطوة سياسية لا تأتي ضمن استراتيجية للتحرير والعودة وتقوم على أساس المقاومة يمكن أن تشكل حالة نجاح، "لكن سرعان ما تتبدد ذلك لأنه لا يوجد بعد استراتيجي يبنى عليه ويكون له وزن".

خروق التهدئة

وتعليقًا على استمرار الخروق (الإسرائيلية) لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير، قال حمدان: "لا شك في أنها مزعجة، فمنذ اللحظات الأولى قلنا إن الاحتلال سيحاول خرق اتفاق التهدئة لأنه ركب معادلة قيدت (إسرائيل)، مؤداها أن أي عدوان (إسرائيلي) يقابله رد فلسطيني، وهذه معادلة لا تريح (الإسرائيليين)".

وبين أن حكومة الاحتلال تريد أن تمتحن قدرة الجانب المصري وقدرة المجتمع الدولي على حماية هذا الاتفاق، "لكننا سنعطي الاتفاق فرصته كي يصبح واقعا ويلتزم به (الإسرائيليون)، أما الخروق فنتابعها مع مصر ومع أطراف دولية وإقليمية أخرى قادرة على أن تضغط على (إسرائيل)".

وشدد قائلا: "في كل الأحوال نهيئ أنفسنا للتعامل مع أي عدوان، لذلك ستكون المقاومة مستعدة للتعامل مع الخروق (الإسرائيلية)، ولكن من مصلحة (إسرائيل) ألا تستفزنا".

المصالحة

وانتقل حمدان للحديث حول ملف المصالحة فأكد أن حركته ذاهبة إلى القاهرة خلال الشهر الجاري للمشاركة باجتماعات من أجل تطبيق ما تم الاتفاق عليه سابقًا في هذا الملف، محذرا (إسرائيل) من مواصلة خروقها لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأكد أن هناك اتصالات وجهودا من أجل عقد لقاء قريب في القاهرة، متوقعًا أن يكون خلال الأيام القليلة القادمة.

وأضاف: "لا نريد أن نذهب إلى القاهرة ونعود ليقال تحاورنا وكان الحوار جيدًا (...) هذه المرة نحن نريد أن يبدأ التنفيذ في خطوات عملية تقودنا إلى إعادة بناء المرجعيات الوطنية الفلسطينية".

وأوضح بالحديث: "لا بد من خطوة في منظمة التحرير وأخرى في تشكيل الحكومة، وثالثة بقضايا الانتخابات وما يتعلق بها (...) الجانب المصري يتفهم ضرورة هذه النقاط، ونحن نرى أنها مهمة وضرورية، وآمل أن يكون هذا الأمر على جانب الإخوة في حركة فتح أيضًا".

وشدد على أنه مهما حصل فيجب أن يظل الشعب الفلسطيني موحدًا، "لأنه مهما كانت خلافاتنا وإشكالاتنا بين القوى والفصائل إن هذا يجب ألا يؤدي إلى تقسيم شعبنا، ولو تعاملنا مع هذه الأمور من موقف حزبي لما ذهبنا للمصالحة، لأننا نتعامل مع المسألة من موقع وطني لذا نعض على الجرح ونعفو عما سلف".

وأشار إلى أن حركته عندما فازت بالانتخابات دعت إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، "واستنفد آنذاك رئيس الوزراء المكلف إسماعيل هنية الأسابيع الست كاملة في محاولة إقناع كل الفصائل بأن تشارك في هذه العملية".

واستطرد: "كانت هذه الفكرة ناشئة من قناعة راسخة لدى الحركة بأننا أولا نخوض معركة تحرير وطني ضد الاحتلال وهذا يحتاج أن تكون كل الجهود مجتمعة، وثانيا أننا اليوم نحتاج أن نقدم نموذجا للفلسطينيين بأن الفائز في الانتخابات يمد يده للجميع ليتعامل معه".

واستدرك: "للأسف، فسر موقفنا تفسيرات كثيرة كلها خطأ: بعضهم من أحسن النية وتوقع أن حماس غير قادرة أو مترددة أو خائفة أو تريد أن تحافظ على نقائها لذلك فهي تحمل غيرها الملفات المسيئة، وبعضهم أراد أن تتورط حماس، وآخرون كانوا يخططون للانقلاب على الانتخابات ونتائجها، ورأينا التداعيات التي أدت إلى الحسم عام 2007".

وقال حمدان: "بعد الحسم مباشرة اعتبرت الحركة أن ما جرى كان ضرورة لإنهاء ملف أمني متمرد على الشرعية الوطنية وعلى الخيار الفلسطيني (...) سعينا طويلا لتحقيق المصالحة ولكن مع الأسف لم يكن يستجاب لذلك".

وتابع: "كان هذا لأن جهات دولية وبعضها إقليمية وعدت أن استمرار الانقسام سيؤدي إلى تسوية سياسية وإقامة دولة فلسطينية أو حل سياسي ما يخنق حركة حماس ويضعها أمام خيارين: إما أن تقبل بالتسوية التي حصلت وتصبح جزءًا منها، أو أن ترفض ذلك فتصبح جسمًا منبوذًا في غزة مطلوب رأسه ليس فقط للعدالة الدولية بل أيضًا إقليميًا.. حتى فلسطينيًا".

التسوية

وفيما يتعلق بالتسوية والمراهنة عليها قال حمدان: "كل هذه الرهانات سقطت بعد العدوان على غزة في 2008-2009، لذلك وجدنا الذين يرفضون المصالحة يركضون ركضًا وراءها، ورغم ذلك كان هؤلاء يريدون المصالحة وفق معايير التسوية، وليس وفق معايير الوضع الداخلي الفلسطيني الذي يقتضي أن نملك كل أوراق القوة، ورغم كل ذلك حاورنا مطولا حتى وصلنا إلى اتفاق القاهرة".

وأضاف: "مع إقرارنا بأن في هذا الاتفاق ثغرات وملاحظات، ولكن في النهاية عندما نوقع اتفاق مصالحة نبحث فيه عن القاسم المشترك الذي يجتمع الناس حوله، فإذا عمل به يمكن أن يطوروا واقعه".

وتابع: "قدمنا في هذا الاتفاق وبعدها تنازلات لأننا كنا مقتنعين أننا نقدمها وفق مصلحة وطنية، ونعتقد أن التنازل على الصعيد الوطني مكسب استراتيجي، وإن بدا للحظة أنه تخلّ عن مكسب جزئي فتنازلنا أن يكون رئيس الحكومة من الكتلة البرلمانية الغالبة، ثم قبلنا أن يكون رئيس الحكومة هو محمود عباس شخصيًا، لأننا أردنا أن تسير الأمور إلى الأمام".

وقال حمدان: "اليوم في ظل معركة غزة الأخيرة والعدوان (الإسرائيلي) وانتصار المقاومة، لا شك في أنه كان هناك مشهد واضح: كل من لا يقف مع غزة سيحكم عليه أنه يقف مع العدوان، لذلك وجدنا كل القوى الفلسطينية تندفع وتقف إلى جانب غزة ومقاومتها".

وأوضح أن الحراك الذي حصل في الضفة المحتلة أرسل على ضوئه جهاز الأمن الداخلي (الإسرائيلي) إنذارا لنتنياهو أنه بعد أسبوع ستنفلت الأمور في الضفة.

وبين أن معنى ذلك أن الوحدة الوطنية كانت ستمنع العدوان (الإسرائيلي)، "وإذا وقع العدوان سيكون عدوانًا دقيقًا وحذرًا وفرص هزيمته كبيرة، لذا أصبح موضوع المصالحة يشكل أولوية أكبر"، وفق تقديره.

وقال حمدان: "قلنا بوضوح في اليوم الرابع للعدوان قبل أن تنتهي المعركة: إن المصالحة هدف نسعى لتحقيقه، وهذا يعني مسألتين واضحتين: الأولى أن المصالحة قضية أساسية عندنا لأننا في الحرب لا ننسى الأساسيات، والثانية أنه رغم الحرب وآلامها فإننا تعالينا على الجرح وتحدثنا عن منطق الالتقاء والمصالحة".

وأضاف: "عندما انتهى العدوان وحققت حماس انتصارا لا جدال عليه قلنا بوضوح: نريد أن نكمل مشوار المصالحة ونطبق ما اتفقنا عليه، وهذا موقف نبيل جدًا أن تعتبر حماس ثم انتصارها من العدو وليس من آخرين خاصموها وربما نسقوا معه".

وجهات نظر

"هناك من يقول إن لدى قيادة حماس مواقف مختلفة إزاء المصالحة".. كان هذا أول الأسئلة حول الخلاف الذي يحاول أن يروج بعضهم لوجوده داخل الحركة، وقال حمدان في هذا: "هناك ميزة في حركة حماس بعضهم يحاول أن يجعل منها مشكلة، وهي أنه لا يوجد عندنا شخص يقول أمرًا والكل يتبعه أو شخص يقول إنه نزل عليه الوحي (...) نحن مؤسسة يدور فيها النقاش حول كل القضايا ومن بينها المصالحة، فنناقشها ونقيمها، ولكن قرار الحركة النهائي أن نصالح، ومن له رأي آخر يحترم القرار ولا يعطله ولا يخرق ما تنفذه الحركة".

"لكن، سابقا حصل أن ظهر خلاف وخرجت إلى العلن مواقف متباينة".. كان هذا ما واجهت به "الرسالة" حمدان الذي أجاب قائلا: "لا أحد من حقه أن يتدخل فيما يجري عندنا داخليًا فهذا شأننا، والموقف الذي تعلنه الحركة هو الذي نتعامل معه، وظهور بعض المواقف المتباينة مؤخرًا خطأ من عندنا وجرى مراجعته، وأصدر المكتب السياسي للحركة موقفًا واضحًا أكد فيه أننا مستمرون في مسار المصالحة، فنحن لا ندعي أننا ملائكة لكننا نملك الجرأة لأن نقول إننا أخطأنا".

وأشار إلى أن الحركة شكلت قبل بضعة شهور إطارًا قياديًا داخلها لإعادة تقييم موضوع المصالحة، "وكانت خلاصة العمل داخل هذه المجموعة القيادية أننا سنواصل العمل في مسار المصالحة، ويجب أن نعمل من أجل توفير مظلة دعم إقليمية ووطنية كي تصبح المصالحة أمرًا واقعًا".

وقال حمدان: "نحن الآن أمام استحقاق قادم، وهذه المرة سنكون واضحين جدًا فيما يجري بالقاهرة وسنؤشر على الخطأ إن كان هناك خطأ وبالاسم، لأننا نذهب وكل شيء يحتاج إلى حوار قد استكمل حواره سابقًا (...) نريد أن نتكلم في الخطوات العملية، وسنبني على كل الذي كان سابقا في الاتفاقات المتعلقة بالمصالحة".

وبالإشارة إلى استمرار الاعتقالات السياسية في الضفة، أوضح حمدان: "لن يثنينا عن موضوع المصالحة تردد الطرف الآخر أو استجابته لضغوط، لأن منطق المصالحة عندنا لا يتعلق بتقسيم كعكعة بين حماس وفتح بل بأن الشعب الفلسطيني يجب أن يكون واحدًا وأطره الوطنية أن تكون موحدة".

ولفت أخيرا إلى أنه قبل العدوان على غزة كان الرئيس المصري قد وعد أن يرسل وفدين أمنيين إلى غزة والضفة لتنفيذ بعض الإجراءات على الأرض منها المتعلقة بالملف الأمني بصورة أساسية، "لكن وقوع العدوان عطل المسالة، أما الآن فنريد أن يتحرك الوفد لإنهاء هذا الملف الذي يشمل وقف الاعتقالات وعودة المؤسسات للعمل".



"حمدان"

نائب رئيس تحرير صحيفة الرسالة أ. رامي خريس يحاور د. أسامة حمدان

اخبار ذات صلة