على مدخل بيته كان لقاؤنا، وهو يَهُم بركوب سيارته للقاء رفيق دربه في "الأسر والحرية" معا الأسير المحرر وليد زكريا عقل الذي عاد لتوه من رحلة إبعاد إلى تركيا بعدما أفرج عنه بصفة وفاء الأحرار للمشاركة بمهرجان إنطلاقة حماس الـ25.
فقرر الأسير المحرر جميل اسماعيل الباز إرجاء زيارته تقديرا لحضور لـ"الرسالة نت" ليفتح معه صفحة عريضة من المقاومة والتضحية اتسم بها الرجل.
ويقطن الباز بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وهجّر من بلدة "كوكبة" المحتلة، واعتقل لدى الاحتلال (الاسرائيلي) عند الحدود الأردنية في الـ 19 من يوليو 1991.
وقال الباز بعد مرور ربع قرن على إنطلاقة حماس "إن الاحتفال بالانطلاقة داخل السجون لم يكن بالأمر الهيّن، خاصة عندما كان معزولا بسجن "الرملة"، ما دفع الأسرى حينها للاحتفال من خلف نوافذ الزنازين الصغيرة.
وأضاف : "كنا نتبادل التهاني ونردد أناشيد جماعة الإخوان المسلمين، وشعارات لاستفزاز إدارة السجون الاسرائيلية القمعية قبل الانتقال للسجون المركزية، في عزل الرملة تحديداً".
وتابع: "على الرغم من أن الاحتفالات كانت متواضعة بفعالياتها ولا ترتقي لحجم ما كان يجرى خارج السجون من استعداد للانطلاقة، لكن وقعها كبيراً كما أثرها في نفوسنا".
"بعد الانطلاقة.. 5 أعوام وسنحتفل في القدس إن شاء الله
"
ووجّهت للباز تهمة قتل جندي (اسرائيلي) وإصابة آخرين، فحكم عليه بالسجن مؤبد إضافة إلى 15 عاماً، قضى منها 20 ونصف في سجون الاحتلال، وأفرج عنه في الـ 18من أكتوبر ضمن صفقة "وفاء الأحرار".
بصحبة صلاح شحادة
ويستطرد الباز بحديثه عن أجواء الانطلاقة بالسجون، "عندما خرجنا إلى السجون المركزية كانت الامكانات متاحة إلى حد ما، وسُمح لنا آنذاك بالاحتفال، بحكم وجود تفاهمات مع إدارة السجون".
وعد الباز "الفترة من 1993 حتى أول عمليات الاسير حسن سلامة سنة 1996 من أكثر الفترات التي احتفل بها أسرى حماس في انطلاقاتهم"، وبتنهيدة مصحوبة بابتسامة قال "كانت مميزة جداً ".
وأوضح أن أبرز ما ميزها "وجود الشيخ الشهيد صلاح شحادة وحسن أبو شنب فكان مهرجاناً متواضعا وفريداً". حسب وصفه.
وعاد الباز بذاكرته لعام 1995، حيث انطلاقة حماس الثامنة، عندما أصدر القائد صلاح شحادة تعليماته بإحياء الانطلاقة في السجن من خلال "ارتداء الزي البني الخاص بالسجن، وأقوى أحذية لدى الأسرى والتجمع في ساحة السجن للاستعراض وزلزلة الأرض من تحت أقدام السجان الاسرائيلي".
واصطف "جيش حماس" في ساحة السجن في اليوم التالي لإصدار التعليمات بإحياء الإنطلاقة وبدأت صرخاتهم تجتاح المكان، ما أثار حالة من الإرباك في صفوف جنود الاحتلال الذي يتمركزون في أبراج المراقبة.
مُعِدّ الحلوى والهدايا
كان الأسير المحرر الباز مسؤولاً عن القسم المالي في السجن في ذلك الوقت، وقبل شهر ديسمبر الذي يشهد انطلاقة حماس، كان يجهز نفسه جيداً ويعّد الحلوى والهدايا للأسرى من مختلفة الفصائل.
ويقول: "انطلاقة العام 1996 حلّت في وضع مالي صعب، فبدأت أستعد من شهر أكتوبر، واشتريت وقتها الحلوى والمكسرات وبعضاً من المشروبات، واحتفظت بها حتى جاء يوم الاحتفال بالانطلاقة".
"حماس حكمت فحوصرت وقاومت "إسرائيل" فانتصرت
"
وابتاع الباز في إحدى المرات كمية كبيرة من الحلوى قبيل احتفال الانطلاقة، كانت إدارة السجن قد عرضتها بنصف السعر الأصلي، فاستغل الفرصة لاستخدامها في أجواء الإحتفال.
وتابع: "قبل الموعد بأسبوع، أبدأ وزملائي في غرفة السجن بتحضير الهدايا، فنضع قطعاً من الحلوى, ونضع زجاجة عصير في كيس، لنعطي كل واحد من الأسرى في الغرف الأخرى".
الأولى بعد "وفاء الأحرار"
وعلى صعيد احتفاله بالانطلاقة الأولى بعد إطلاق سراحه في صفقة "وفاء الأحرار"، يقول الباز: "جهزت نفسي كما في السجن وأكثر، صليت الفجر في جماعة، وخرجت إلى الكتيبة الخضراء لأول مرة منذ عشرين عاماً".
وأشار إلى أن الاحتفال بالانطلاقة الأولى بعد التحرير كان مميزا، "لأن الله أنعم عليه بالحرية، فكانت فرحةً ممزوجة بالنصر على السجن والسجان، بين أهله ومحبيه في غزة".
وشكر المقاومة الفلسطينية على دورها بتحرير نحو 1027 أسيرا وأسيرة في صفقة وفاء الأحرار وما تبعها من إنتصارات تكللت بمعركة حجارة السجيل.
وقطع الباز حديثه، سائلا الله الرحمة للشهيد القائد العام لكتائب القسام أحمد الجعبري، مهندس "وفاء الأحرار"، الذي بذل جهداً كبيراً في التفاوض بالصفقة وتحرير الأسرى.
وفيما يتعلق باغتيال الجعبري، يقول الباز، "إن اسرائيل اعتقدت بأن كتائب القسام وحماس ستأخذان وقتاً في الرد على هذه الجريمة، إلا أنها تفاجأت بقدرات المقاومة التي وصلت إلى قبل تل أبيب".
وأنهى الباز حديثه لـ"الرسالة نت" بالقول "إن شاء الله ستزوروني في هذا المكان، قبل انطلاقة حماس بالقدس".