رامي خريس
تحركات سياسية مريبة تجريها الولايات المتحدة ودول عربية لإعادة عملية التسوية إلى مسارها أو السكة التي كانت تسير عليها ، والحديث يدور الآن حول خطة قديمة في ثوب جديد تسمى بعملية تبادل الأراضي ، بحيث تستمر (إسرائيل) في احتلالها للأرض الفلسطينية مقابل تنازلها عن أراض أخرى في النقب أو ترك أراض للفلسطينيين بجوار الحدود الشرقية لغزة ، والخدعة الإسرائيلية في الضفة استمرار احتفاظها بالمغتصبات الكبرى مقابل حصول الفلسطينيين على أراض في منطقة المثلث أو في منطقة جراء قرب الخليل .
والخدعة الإسرائيلية أساسها إعطاء أراض فلسطينية مقابل التنازل عن أراض فلسطينية أخرى ، وهذا – إذا نفذوا أيضاً ما يعرضون- فبحسب المراقبين فإن الحكومة الإسرائيلية ترغب في إرضاء الولايات المتحدة بإخراج خطة جاهزة من الأدراج وتغليفها بغلاف جديد وطرحها للظهور بمظهر الحريص على السلام.
خطة آيلاند
وفي الوقت الذي تم فيه تسريب الخطة التي يجري تداولها رسمياً جدد رئيس الأمن القومي الإسرائيلي السابق غيورا آيلاند طرح خطته التي تحتوى على النقاط الآتية:
- تحديد الحدود على أساس التوسع الإسرائيلي في الضفة الغربية مقابل تراجع رمزي في الخليل وغزة.
- عودة اللاجئين رمزية وتوطينهم في البلاد العربية بموجب خيارات. وهذه هي صيغة «مبادرة جنيف» التي عرضها يوسي بيلين وياسر عبد ربه.
- القدس توزع بحسب الأحياء، وتبقى السيادة لـ(إسرائيل).
وغيرها من النقاط التي تؤدي إلى تفتيت القضية الذي له غرضان. الأول: هو عدم اعتراف (إسرائيل) بأن الضفة وغزة أراضٍ محتلة، لذلك فإنه يجوز تقاسمها بحسب ميزان القوى. والثاني: إن (إسرائيل) لا تقبل عودة اللاجئين إلى ديارهم في أي حال.
وبهذه الطريقة تستطيع (إسرائيل) ضم ما تريد من أراضي الضفة الغربية، بصرف النظر عن موضوعية الأسباب التي تدعوها لذلك، خصوصاً الأراضي الواقعة في نطاق مدينة القدس أو في المنطقة المحيطة بها والمناطق الغنية بالمياه الجوفية، ومن دون وجه حق.
ويمكن بذلك لتثبيت الانطباع لدى الرأي العام الدولي بأن (إسرائيل) هي التي قدمت التضحيات المؤلمة من أجل التوصل لتسوية مع الفلسطينيين، حين تخلت عن أراض تمتلكها وتعتبرها جزءاً لا يتجزأ من الأرض التوراتية الموعودة، للمساهمة في حل مشكلة «إنسانية» تهدد السلم والأمن الدوليين!.
مفاجآت متوقعة
ومع أن السلوك السياسي لفريق التسوية في رام الله ومحور الاعتدال العربي تشير إلى رفض هذه الخطة بصيغتها الحالية إلا أنه قد تحدث مفاجآت لاسيما أنه هناك توجهاً لإجراء مفاوضات سرية ، قد نكتشف أن نتيجتها قبول هذا الفريق أو ذاك بتسوية قريبة من الطرح الإسرائيلي الذي يبدو أنه لا مناص أمام الإدارة الأمريكية من تبنيه .
وبحسب المراقبين فإن قبول الطرف الفلسطيني بمفهوم تبادل الأراضي- حتى من حيث المبدأ - ينطوي في حد ذاته على تنازل بالغ الخطورة .
وحتى لو كان القبول مبدئياً بمعنى العودة إلى التفاوض على أساس هذا المبدأ فإنه من المتوقع أن تدور عجلة التسوية من جديد فيخسر الفلسطينيون ويستمر الإسرائيليون في الحصاد.