قائمة الموقع

"المنجِّد" مهنة الحاج خليل أباً عن جد!

2012-12-22T15:23:22+02:00
الحاج خليل
الرسالة نت-محمد بلّور

منذ ستين عاما، يوقّع الحاج خليل بدهن أصابعه على فراش المناسبات السعيدة والبيوت الجديدة في فلسطين.

الحاج خليل إبراهيم العكلوك 77 سنة من مدينة يافا المحتلة يعمل في مهنة "تنجيد الفراش" بأنواعه أباً عن جد !.

سبقه إليها والده وأعمامه وقد كان لها حضورا وزبائنا قديماً أكثر من اليوم فلم يخلو فرح سابقاً إلا ويجهّز له "المنجّد" الفراش والأغطية ومتعلقاتها .

في مشغله المتواضع بمخيم النصيرات يحافظ الحاج خليل على حرفة تراثية امتهنها من 60 سنة ويسعده كثيراً أن يخلو بنفسه مع الأقمشة الزاهية والأغطية الملونة.

يتخذ من ذلك المحل المتواضع مكاناً للخلوة والراحة من ضوضاء المخيم والعمل بين حين وآخر حسب الطلب المتراجع –كما يقول-.

مصر والشام

بأشكال وأحجام مختلفة تكشف الأغطية وأنواع الفراش عن نفسها وهي معلّقة على جدران مشغل الحاج خليل.

"اللحاف" هو سيد المهنة ومنه أنواع للشخص الواحد بسعر 150 شيكل وآخر لاثنين بسعر "170-200 شيكل" أما الوسادة الكبيرة فثمنها 30 شيكل والصغيرة 10 شيكل .

ويضيف :"كان أهل العريس وأصحاب المناسبة يرسلون وسيلة نقل ويأخذون والدي فيرحل للقرية أو المدينة ويصنع لهم فراش وأغطية وفرشات ومخدات وقديما كان الناس يخصصوا حجرة للفراش".

وصل والد الحاج خليل بمهنته إلى القدس المحتلة وشمال فلسطين وقد صنع كافة أنواع الفراش والأغطية ومستلزمات الديوان وحجرات الضيوف .

بعد ضياع فلسطين في نكبة 1948 تركت أسرته يافا المحتلة وهاجر هو إلى غزة مواصلاً العمل في مهنته ثم ارتحل في الخمسينات لمصر .

عن ذلك يضيف :"تعلمت في مصر أشكال وموديلات أخرى للمهنة على يد صنّاع من الشام ومصر وسنة 1956م فتحت محل في العريش لسنتين" .

ويؤكد الحاج خليل أن مهنة "المنجّد" تعتمد في مصر على القطن وفي فلسطين على الصوف أما الشام فتجمع المهنة بين القطن والصوف.

بعد سنتين من العمل والخبرة في مصر عاد ليفتتح محلاً بجوار الجامع العمري بغزة مكث فيه لسنوات ثم افتتح عدة محلات.

يحتفظ الحاج خليل بمحل قرب فندق الأمل عمره أكثر من 30 سنة ويديره الآن ابنه محمد ومحل آخر لابنه سليم لديه أيضاً في غزة.

ويتابع :"أدوات العمل القديمة هي "الوتر" مثل وتر العود وهو من أمعاء الخروف لتنفيش الصوف واليوم لدي آلة-ماكينة للتنفيش وأنا طالما معي الإبرة والكوشتبان-قطعة بلاستيكية أو معدنية تلبس في الأصبع خلال الحياكة والتنجيد-اعمل بسهولة" .

صمت لبرهة ثم أشار بأصبعه لآلة صامتة ترقد في الجوار قال إنها الشكل المستحدث لتنفيش الصوف بدل الوتر ثم أحضر "الكوشتبان" وهو القطعة البلاستيكية التي يلبسها في أصبعه .

ولا يلزمه أكثر من "الإبرة والكوشتبان" ليصنع الفراش والأغطية حسب كل الأذواق والأمزجة الواردة إليه .

تراجع الطلب

لا يعرف الحاج خليل متى امتهن والده وجده تلك الحرفة لكنه جاء للدنيا وهم يصنعون الفراش فعلموه مهنتهم منذ كان صغيرا قبل 60 سنة .

تغطي نماذج من "الأغطية والفراش" جدران محله الصغير مزينة بألوانها الزاهية جدران وزوايا المكان ولكل منها سعر حسب الحجم والحشوة .

يقول الحاج خليل إن الطلب تراجع عن السابق بسبب الأغطية والفرش والحرامات المستوردة فيما ظل بعض الزبائن يقصدون "المنجّد" لأنه يلبي رغبتهم في مواصفات محددة .

ويضيف :"نقدم شغل مرتب فالبعض يحب لحاف ثقيل وآخر خفيف بينما تقيّم الأسعار حسب الجودة" .

يقاطع حديثه أحد الشبان الذي جاء سائلاً عن لحاف قيد التجهيز ما اضطر الحاج خليل للاتصال بابنه للسؤال عن طلب الزبون .

ولمهنته مشاق كثيرة أهمها الغبار المتسلل للرئتين خلال عملية "تنفيش الصوف" ما اضطره لدخول المستشفى سنة 1976 لكنه عاد للمهنة التي تشهد رواجاً في الصيف أكثر من الشتاء .

وتسمح مهنة "المنجّد" لصاحبها دخول البيوت والاحتكاك بربات المنازل وأصحابها لمعرفة طلباتهم وأذواقهم .

فلسطين المحتلة

لازال الحاج خليل يذكر رحلات العمل التي قام بها والده إلى كافة ربوع فلسطين تلبية لطلب العائلات والمناسبات السعيدة .

ويضيف :"كانت أمي في عكا سنة 1956 وأنا اشتغلت في أماكن قضاء عكا وكان الناس ينتظرون قدومي فقد كان العمل فوق طاقتي وبعد سنة 1980 صار ابني يسافر للعمل هناك".

أنجب 4 أولاد و5 بنات امتهن اثنين من أبنائه مهنته وقد ارتحل للسكن في عدة مناطق كان آخرها مخيم النصيرات المستقر فيه منذ 20 سنة .

يعد "اللحاف" ذو مكانة خاصة في مهنته من بين الأغطية والفرش وقد كانت أثواب "اللحاف" تستورد قديما من سوريا وتركيا ومنها أنواع تسمى :"ستان-مناديل-دوشيز-شيت" .

تبلغ ذروة العمل في فصل الصيف حيث النهار الطويل والشمس اللازمة للتشميس والتخلص من رطوبة القماش قبل تعبئة الفراش .

اختفت معظم تلك الأنواع وظهرت أنواع جديدة غير القطن والمستورد مثل:"السترتش والصوف الصناعي" بينما ظلت وربّة المنزل هي المسئولة عن جودة الفراش والأغطية –كما يقول .

ومنذ 60 سنة والحاج خليل يوقع على أغطية وفراش الزبائن بأصابع خبيرة تعرف طريقها نحو الإبرة والخيط تلبيةً لما يحبون!.

اخبار ذات صلة