سألت نفسي كثيرا عن الأمر الذي يشغل بال الرئيس محمود عباس في الوقت الحالي، أهو كيفية استعاده المفاوضات مع الاحتلال ، أم هو شكل الدولة الفلسطينية التي يحلم بها بعد الانجاز التاريخي في الأمم المتحدة ، أم هو إنهاء أزمة الرواتب في السلطة ، أو لملمه صفوف فتح المنقسمة، أم في المصالحة.. وفى النهاية عجزت في الإجابة على هذا السؤال .
حقيقة عزيزي القارئ لا اعرف بما يفكر محمود عباس ولكنى اجزم وبكل ثقة بان آخر ما يفكر فيه هو قضايا وهموم شعبه المحاصر في غزة، والمغلوب على أمره في الضفة، والمسحوق في القدس، وفى مقدمه تلك الهموم قضية الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني المعتقلين في سجون الاحتلال ، ويتعرضون لكل أشكال الانتهاك والتعذيب بشكل يومي .
في اعتقادي بأن الرئيس في الوقت الحالي يريد أن يظهر بصورة حسنة أمام الولايات المتحدة والاحتلال لأنه ينتظر أن تفتح قنوات المفاوضات المغلقة ، وان تعود المياه إلى مجاريها مرة أخرى، لذلك فهو لا يحتاج إلى الحديث عن معاناة الأسرى ، والمزايدة على الاحتلال في هذا الجانب، حتى لا يتهم بدعم الإرهاب ، وعداوة السلام ، وإلا فماذا يعنى أن يصل إضراب اثنين من الأسرى الفلسطينيين إلى 6 أشهر ، دون أن يأتي ذكر اسمهما على لسان الرئيس ولو لمرة واحدة ، ولم يكلف نفسه الاتصال على ذويهما للمواساة ، والتأكيد بان قضية أبنائهما على قمة الأولويات ، وانه يبذل كل الجهود لوقف معاناتهما ، في الوقت الذي يتصل فيه بزوجه المجرم الهالك أمنون شاحاك رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال السابق الذي تلطخت يداه بدماء أبناء شعبنا الأبرياء ليعزيها بوفاته .
مفارقة عجيب ومستهجنة من قبل من يقول عن نفسه بأنه رئيس الشعب الفلسطيني، أبنائه يموتون في السجون، ونسمع مواقف الشجب والادانة لاستمرار اعتقالهم من كل أنحاء العالم ، ومن شخصيات أوربية وعربية ، بينما الرئيس غائب تماما عن هذه القضية .
فهل ينتظر الرئيس حتى يستشهد الشراونه أو العيساوى أو غيرهم من الأسرى المضربين ليتصل بذويهم ، ليعرب لهم عن تضامنه وتعازيه الحارة في نفس الوقت، كان الأجدر بالرئيس أن يتابع شخصياً تطورات قضية الأسرى المضربين ، وان يتواصل مع كل رؤوساء العالم من اجل وضع حد لمعاناتهم ، وبالتحديد المصريين الذي كانوا شهود على اتفاقيتي وفاء الأحرار، و وقف الإضراب ، كان الأولى أن يشارك الرئيس في التضامن مع الأسرى ليكون قدوة للمسئولين والمواطنين على حد سواء ، فمن شأن مشاركته أن تعطى زخماً كبيرا لحركات التضامن ، ومن شانها أن تحفز الآخرين على المشاركة، وان تحدث حراكاً إعلامياً في القضية .
سيدي الرئيس لم أتحدث بهذه الكلمات من باب المزايدة على شخصك أو جهودك ، ولكنها همسة عتاب أوجهها لك ، ولكل المسئولين لعلها تصل في الوقت المناسب.